1- تقديم ما هي النايضة؟ أترادف النهضة أم أنها تعوضها وتتجاوزها؟ ناض في العامية بمعنى نهض واستيقظ في اللغة العربية. فالنايضة إذن هي النهضة لكن بمعنى آخر. معنى فيه حماس يرتبط بالشعر والغناء والرقص والموسيقى...أي بمعنى الحايحة ! وهذه الأخيرة هي في العمق أداة تعبير وتواصل فني..بين الشباب..ميزة هذا التواصل أنه لا يكتفي بالموسيقى والألحان، بل يركز على الكلام في نوع من التداعي الحر بالمعنى الفرويدي للعبارة. وهذه الميزة بدأت مع الريكي(Reggae)( بوب مارلي) ثم مع الهيب هوب(وإن كان حركيا أكثر منه كلاميا)..ولكنها تأسست مع الراب. ف: Rapeur هو المتكلم أو المتحدث الذي يحسن الحديث دون توقف وله فائض من الكلام يمكنه أن ينظمه تنظيما جميلا وفنيا...ليمرر رسالته وفنه وشعره و غناءه أساسا؛ ولكنه يسمى أيضا Slammeur ذلك الذي يعشق الكلمات ببساطة وحرية: (slam ). 2- في النهضة العربية شكلت " النهضة العربية" مفهوما قويا مع رفاعة الطهطاوي (1801-1873) ومع قاسم أمين ومحمد عبده(1849-1905) وعبد الرحمان الكواكبي(1849-1903) وابن الحسن الوزاني وعلال الفاسي؛ إن كتاباتهم وآراءهم التي ناضلوا من أجلها تبرز لنا كما يلي: " لقد أجمع هؤلاء بعد أن اطلعوا على الفلسفات الغربية وخاصة الفرنسية...على الإفادة منها في تحسين واقع الحياة في الدولة الإسلامية".(1) والسبب الرئيس الذي مكن الغرب من هذه الريادة هو أخذه بالعلم.هذا المهماز الذي يقول عنه الطهطاوي " إنه المدخل في تقدم الوطنية"، و " السير بالأمة في معارج التقدم والرقي"(2) والعلم هو الإيمان بقدرة العقل على بلوغ اليقين في كل المجالات وخاصة منها السياسية والدينية..ففي هذين المجالين تعششت الأوهام؛ يقول محمد عبده: " إذا خفيت الحقائق تحكمت الأوهام وتسلطت على الإرادات، فتقود الواهمين إلى بيداء الضلالة فيخبطون في مجاهيل، لا يهتدون إلى سبيل ولا يستقيمون على طريق.) إلا أن الأخذ بسلطان العقل لم يكن صافيا خالصا كليا، فالنقل كان له دائما بالمرصاد..فما السبيل إلى استعمال العقل في إشكالات النقل؟ إن هذه الإشكالية هي شكل من أشكال ثنائية الميتوس واللغوس في الفلسفة اليونانية..فلما انتصر اللغوس على الميتوس أتيحت الفرصة لميلاد العلم. خيبة نهضتنا تكمن في فشل تحقيق مثل هذا الإنتصار حتى ولو كان في شكل استقلال العقل عن النقل( أليست هذه هي العلمانية؟). هذا الفشل هو ما سماه ريمون غوش بالإتجاه الإتباعي في النهضة العربية، أليس هو المسؤول عن الخيبة الأخرى النابعة من الغلواء في الهوية والخصوصية الأخلاقية؟ يبدو أن العلم( كيفما كان) لا يتعارض والأخلاق ( مهما كانت)..إنما الذي قد يتعارض معها هو نتائجه وتطبيقاتها..وخصائص العلم هي خصائص أخلاقية في ذاتها إنما ترفع راية " أخلاق المهنة" حينما يستغل العلم لمآرب أخرى..فلسفة العلماء عفوية (ألتوسير) كأخلاقهم. فلا مجال للقول: " ولبعدهم عن أصله ولهوهم بحاضره عن ماضيه وغفلانهم عن آتيه يظنونه على ما بلغهم هو الكمال لكل نفس والحياة لكل روح..غير ناظرين إلا إلى صور ما تعلموه ولا مفكرين في استعداد من يعرض عليهم وهل يكون له من طباعهم مكان يحمد..وما هذا إلا لكونهم ليسوا أربابها وإنما هم لها نقلة وحملة" محمد عبده). الخيبة الثالثة تعود إلى فراغ اللغة (لغة النهضة) من المعنى، أو إلى سطحية ذات المعنى: فما معنى القول إن الدين هو أول معلم وأرشد أستاذ وأهدى قائد للأنفس إلى اكتساب العلوم والتوسع في المعارف، وأرحم مؤدب وأبصر مروض بطبع الأرواح على الآداب الحسنة والأخلاق الكريمة"؟ هذا الكلام العام يسيء إلينا أكثر مما يفيدنا. الخيبة الرابعة تؤول إلى ثنائية المقدس والمدنس. ومن أسئلتها؛ هل اللغة العربية لغة مقدسة أم لا؟ و أيضا هل الحاكم العربي أو المسلم كذلك؟ إن ربط القدسية بهذين الأمرين يعد خيبة ما بعدها خيبة. وأخيرا أكبر خيبة هي أن "النهضة العربية في آخر التحليل قد " أنتجت لنا " الكليانية العربية". مجموع هذه الخيبات هو ما يفسر فشل مشروع النهضة العربية الحديثة. النايضة هنا لا علاقة لها بالإصلاح الإجتماعي والسياسي الإقتصادي..إنما لها علاقة بالموسيقى وأشكال التعبير الفني ( رقص، مهرجانات، ترفيه..)، ثم الإحتجاج أو بعبارة أخرى لها علاقة بالتغيير والإصلاح والثورة..لكن من خلال الموسيقى والغناء والرقص. وبعد ذلك النزول إلى الساحات العمومية للإحتجاج المدني والرقص الفني. 3- في الفلسفة والموسيقى من بين الكتب التي فكرت بعمق في الموسيقى وإشكالاتها الفلسفية والسوسيولوجية..مؤلف ماكس فيبر" سوسيولوجيا الموسيقى"(3). كتاب صعب وعالي التقنية. غير منته ولا كامل. إنه كتاب مدهش، لأنه يحاول أن يؤسس سوسيولوجيا للثقافة وبالضبط للفن بما فيه الدين على أساس الموسيقى وإشكالاتها التقنية الخاصة. من إشكالاته الفلسفية الكبرى؛ إشكالية العقلانية واللاعقلانية في الموسيقى؛ إنه تصور للعالم يسميه الألمانweltanschauung) ). ينقسم هذا التصور للموسيقى في تاريخ الحضارة الغربية إلى قسمين أو تصورين؛ تصور فيتاغوري وتصور ديونيزوسي، ولهذه الثنائية كان فيبر يصف الموسيقى بيونس ذي الوجهين: وجه متوجه نحو الرياضيات والشكل والآخر نحو الشعور والولع والجدبة. الأول يعتبر الموسيقى المحسوسة والمسموعة صورة لواقع مجرد من نظام ثقافي وفكري، يمكن التعبير عنه بالأعداد. ومادامت هذه الأخيرة هي أساس الوجود حسب فيتاغورس فهناك تناغم بين الألحان والأعداد. " كانوا يعتقدون أن الأعداد تعبر عن خصائص وتقسيمات موسيقية..وأن الأشياء تشبه الأعداد، فهي واحد إثنان..أكثر أقل..إذن إن العدد هو أساس الأشياء." (أرسطو. الميتافيزيقا..) إنه تصور رياضي/ صوري..لاحق الموسيقى طيلة تاريخ أوربا؛ رغم انفكاكه من تصوره الميتافزيقي أو الأصح الصوفي الذي مال إليه الفيتاغوريون خاصة عندما اكتشفوا أن الأعداد الصماء أو اللامعقولة..لا تعكس الواقع أو على الأقل الواقع كما تفهمه السذاجة. تطورت هذه العقلانية فيما بعد مع ديكارت ومع ليبنيز.. وفي لحظة ما؛ تحول الميل الصوري للموسيقى من الإعتماد على الأشياء إلى الإعتماد على العلامات.. وفي هذا الصدد قال سترافينسكي:" أعتبر أن الموسيقى من حيث ماهيتها غير قادرة على التعبير عن أي شيء.." " فهي نسق تواصلي لا لغوي. فحركاتها السمعية المختلفة لا تعني شيئا إنها تنقل إيثارا بأصواتها. إلا أنها تعبر عن الإحساسات والحركات والإنفعالات.." على حد قول باسكال. لكن هناك منذ الأصل أيضا منحى ثان. هو المنحى الديونيزوسي الذي خلده نيتشه..منحى لا عقلاني غير عقلاني.." ينتمي إلى قوى الحياة الغريزية.." (إنها الموسيقى) أداة نشوة(Extase) أو انشراح أو تعزيم(Exorcisme)..إنه تصور سحري/ ديني للموسيقى..كما بلوره نيتشه(أنظر ميلاد التراجيديا..).. تعزز هذا المنحى اللاعقلاني بالإتجاه الرومانسي الذي غزى ألمانيا أساسا؛ وطال الموسيقى إلى حد أنها أصبحت أكثر الفنون جوانية وحميمية" ( م.فيبر). لقد كان فاغنر المجسد الحقيقي للتوجه الديونيزوسي للموسيقى) Tristan )، حيث تتلاقح الجهة الأيروتيقية بالجهة الإستيطيقية وعليه تصبح الميتافيزيقا الموسيقية ميتافيزيقيا للحياة والموت. إن لاعقلانية الموسيقى إذن، تبدو على مستوى تعبيرها- وعقلانيتها على مستوى تنظيمها وشكلها. إنها عقلانية في اللاعقلانية أو لا عقلانية في العقلانية. العقلانية المقصودة هي عقلانية الإصلاح والنهضة المؤدية إلى الحداثة( العلمية والفنية) أو كما يفهمها فيبر: " تنظيم الوسائل الموجهة بوعي ومنهجية نحو تجارب وتأملات علمية". هكذا تبدو العقلانية على مستوى السلم، وأنماط التنظيم، والنسق والأدوات، وفي حديث تقني موسيقي يتكلم فيبرعن La musique harmonique de l?octave, la quinte, le quarte..و يعود إلى الموسيقى اليونانية(ص 30) ليوضح لنا قيامها على أجناسها الثلاثة:Diatonique- Euharmonique et Chromatique. . أما الأداة الموسيقية الأساس في الموسيقى العربية فهي العود مثلما هي La cithare عند الإغريق، و monocord في الغرب والناي لدى الصين.. تطرق م.فيبر في كتابه هذا إلى الموسيقى العربية ووضعها ضمن الموسيقى الشرقية عامة( بلاد فارس، الصين، والهند). وإن كان قد ركز على خصوصيتها وآلتها المميزة: العود؛ فإنه قد اعتبرها من حيث المصادر قد نهلت من الثقافة اليونانية خاصة الموسيقى الفيتاغورية والبيزنطية والهندية (ص 66 م. فيبر). وانتقد سلمها الموسيقي معتمدا على أبحاث M.Collangettes (دراسات في الموسيقى العربية) ) 1904-1906). " إن نظرية السلالم العربية التي تبدو مضطربة في أعين Villoteau et de kiesewetter قد وضعت في ميدان آخر من طرف كولينجيت، إلا أنه ليس أكيدا لكنه ممكنا،" فهي، إذا أردنا موازين خاطئة(4) فالسلالم العربية كانت خادعة طيلة تاريخ الموسيقى، وتجدر الإشارة إلى أن هذا الإضطراب لا ينقله عن إشكالية العقلانية ( المقياس الموسيقي) واللاعقلانية ( النوطات التي لا يمكن قياسها أو يصعب ذلك)، وهي إشكالية خاصة بالموسيقى أيا كانت. لكن يشهد م. فيبر للموسيقى العربية بالعبقرية في كونها قادرة على تبسيط التقسيمات الرياضية عند الممارسة العملية. خصوصية الموسيقى العربية الإسلامية، ولربما اضطرابها في نظر م.فيبر.. هو ما يشير إليه الموسيقي عزيز بن إدير(5) ( الجزائر)، في قوله:" إن ما يميز الموسيقى العربية الإسلامية عن نظيرتها الغربية هو تقسيم الإيقاع(Le ton) إلى أجزاء عدة: (، ربع النوطة وثلاث أرباعها، والثمن فيها..) إضافة إلى نصف الإيقاع كقيمة مستعملة في الموسيقى الغربية. في الواقع يحتاج الإستهلال الذي نسبناه إلى شوبنهور(6) في بداية هذا البحث إلى تدقيق وتصويب. التصويب هو أن القولة تعود إلى ليبنز في الحقيقة، بتنصيص من شوبنهور نفسه، ( ص 327/52 )، وتقول: "الموسيقى تمرين حسابي لا شعوري لا يعرف العقل فيه أنه يقوم بالحساب".أما التدقيق، فالسياق لا يكفي يقول ليبنز، لأنه يبقى في وصفه هذا للموسيقى خارج هذا الفن أو بتعبير آخر يبقى عند القشور. والمطلوب في أعين شوبنهور هو البحث في عمق هذا الفن عما يطربنا ويؤثر فينا. أي المطلوب هو البحث عن العمق الجدلي. علما أن الموسيقى حسب شوبنهور لا تجد مكانها في معمارية الفنون الأخرى. إن عمق الموسيقى يتجلى لنا في علاقتها بجوهر العالم وجوهرنا. وعليه لم يعد البعد الحسابي للموسيقى سوى رمز وليس واقعا مرموزا.. لماذا لا يمكن تصنيف الموسيقى ضمن معمارية الفنون المختلفة؟ لأنها لا يمكن أن تكون مثالا لشيء يمكن تمثيله؟ ولا يمكنها أن تكون نسخة لنموذج. كل الفنون الأخرى؛ غير الموسيقى؛ يمكنها أن تجسد هذه العلاقة؟ فالهندسة المعمارية يمكنها أن تجسد الإرادة الموضوعية للبناء، والتراجيديا يمكنها أن تجسد الإرادة في صراعها مع ذاتها؟.. أما الموسيقى فليست نسخة ولا مرآة ? إنما هي..علاقة حميمة، دقيقة عميقة. إضافة إلى علاقتها الحسابية؛ (فيتاغورس) فهي تتجاوز الأفكار(أفلاطون)، لأنها مستقلة عن كل ما هو فينومنولوجي؛ يمكنها أن تستمر دون أن تكون الظاهرة. إنها الإرادة نفسها أي الأفكار ذاتها والوجود نفسه. من هنا ذاك التماثل بين الموسيقى وبين الأفكار، وذلك التوازي بينهما وبين الوجود المفكر فيه. وليس الوجود الفاسد في حد ذاته. في العمق الموسيقي تتكلم عن الوجود وتوازي الأفكار في ضرب من الثماثل(Analogie). يبدو لنا هذا التوازي حينما نسمع أصواتا وألحانا تعبر عن انسجام الكوصموس أو على الأقل هكذا يمكن تأويلها. الميلوديا تعبر بعمق عن الإرادة باعتبارها حياة ورغبات واعية للإنسان. إنها أداة تعبير عن الإحساسات. تلك الإحساسات التي دفعت أرسطو إلى الإستفهام حول قدرة الموسيقى على ترجمتها. إذا كانت الموسيقى تماثل الإرادة فإنها تقدم لنا ماهية الإحساسات.. وفي لغة كونية.." بطريقة واحدة ومن خلال الأصوات والألحان وبدقة وحقيقة تعبر عن الوجود، وجوهر العالم، وبكلمة تعبر عما أسميه الإرادة " (ص 337 شوبنهور). بهذه الطريقة يجد شوبنهور نفسه في سياق تغيير قولة ليبنتز أو تحويلها إلى تمرين ميتافيزيقي فلسفي ( ص 338). طبيعي أن يتغير موقف نيتشه من الموسيقى ومن فاغنر بعد أن تغير موقفه من فلسفة شوبنهور. ففلسفة الإرادة المؤسسة على التشاؤم أو على التراجيديا المأساوية؛ لم تعد لدى نيتشه هي نفس فلسفة الحياة النابعة من التراجيديا المأساوية، لم تعد لدى نيتشه هي نفس فلسفة الحياة النابعة من التراجيديا والمؤسسة هذه المرة على الموسيقى باعتبارها استعارة عن الحياة نفسها(ص1454)(7) أو لحن لحب الحياة وعشقها؛ كما لم تعد الموسيقى خارج معمار بناء الفن ولا أول فن فيه، بل باتت الفلسفة بمفاهيمها هي الفن الأول(ص 895). فلسفة الإرادة لا كما جسدها شوبنهور في بعدها التشاؤمي والإنحطاطي، إنما كما فهمها نيتشه في بعدها الحيوي الديونيزوسي. إن ميلاد التراجيديا لدى اليونان حسب نيتشه كان انطلاقا من الموسيقى..أي إنطلاقا من صبايا ديونيزوس وغنائهم ومرحهم ونشوتهم. فصورة أبولون وصورة ديونيزوس هما صورتان للحكمة والموسيقى.. وحين تستمع لصبايا ديونيزوس تغدو فيلسوفا جيدا..سعيدا مرحا.هذه هي المرحلة الأولى نحو القداسة عند نيتشه: " هل لاحظنا كيف يمكن للموسيقى أن تجعل العقول حرة، وكيف تمنح للأفكار أجنحة تطير بها وتحلق عاليا."(ص902). إذا كان نيتشه قد تراجع عن موقفه وذوقه من موسيقى فاغنر، فلأن هذه الأخيرة قد ارتمت في أحضان الانعتاق والإفتداء بالمعنى الديني للكلمتين ! في ضرب من تخليص الإنسان من أحزانه ومآسيه وفي نوع من الخشوع الروحي والخنوع الذي ينسى قدرة الإنسان الفزيولوجية على الإنعتاق. لهذا كانت موسيقى فاغنر موسيقى مريضة..تجعل من نفسها أداة للعلاج. يمكن التماس هذا التصور الأداتي للموسيقى حين يقول نيتشه: " إنه يقصد فاغنر- قضى حياته في تكرار هذه الجملة: موسيقاي لا تعني الموسيقى فقط ! بل تتجاوزها إلى ما هو أرقى منها " (ص917) وما هو أرقى هو الأدبيات التي تشرح هذه الموسيقى " لا يمكن للمسيقار الحقيقي أن يقول مثل هذا الكلام. " يعلق نيتشه. إن إقدام هذا الأخير على موسيقى بيزي Bizet (فرنسي)، يعود إلى كونها موسيقى ممتعة ومرحة من جهة وتجعلنا نتجاوز برودة الشمال لتضعنا في حرارة البلدان الجافة( ص 902) من جهة أخرى. بهجة بيزي بهجة إفريقية، إذن فهي جنوبية شبيهة بالرقص الموريسكي الإفريقي (ص903) الذي يتوجه إلى إشباع حواسنا التي لا تشبع. موسيقى تعود بنا إلى أعماق النفس الأولى حيث كانت الأحاسيس لا تزال مختلطة لكنها كانت حقيقية أي طبيعية. لتلخيص هذا البعد يحمل نيتشه الشعار التالي: يجب الدعوة إلى موسيقى متوسطية. أسباب هذه الدعوة هي العودة إلى الطبيعة وإلى الصحة وإلى المرح وإلى الشباب والفضيلة ! (ص 903)( انظر كذلك الفصل 25 من ما وراء الخير والشر). وبما أننا ننتمي إلى إفريقيا وإلى المتوسط، فهذا التنظير النيتشوي للموسيقى سيساعدنا على فهم الدواعي والتوجهات الفلسفية التي يمكن أن تتأسس عليها الموسيقى المغربية والعربية عامة والنايضة على الخصوص. ترى ما هو الإنحطاط الأدبي والموسيقي؟ إنه ذلك الذي لا يعير اهتماما للحياة، وذلك الذي لا يرى الإستطيقا فيما هو فيزيولوجي: أي في الجسم. حين يجد نيتشه صعوبة في التنفس ولا تطاوعه رجله وإحساسه ينفر من الإستماع إلى الموسيقى. لأن الجسد لا يطلب سوى الموسيقى الجيدة لينتشي.(ص 1210). وحين تكون هادئة عميقة كزوال خريفي وأمسية رائقة وامرأة مطيعة..ينتقل المرء عقلا وجسدا من الكاووس إلى الناموس(1213) وكأنه في البندقية..هناك حيث تحول السديم إلى إيقاع وشكل وتحول اللامعنى إلى معنى وأصبح اللامرئي لغة تجسد النشوة والمتعة الديونيزوسية: لغة صماء، بصيرة، عبثية حيوية تحكم الكينونة الممكنة ولا تتمكن منها. هوامش 1-مكانة العقل عند عبد الرحمان الكواكبي: ريمون غوش.ص من 120 إلى 125.مجلة الفكر العربي المعاصر.ع.144/145 2- كل الإستشهادات الأخرى مأخوذة من نفس المرجع أعلاه. -3 Max Weber.sociologie de la musique.les fondements rationnels et sociaux de la musique. INT. Trad. De Jean Molino et Emmanuel pedler. Ed.Métailié. Paris.1998 -4 Il s?agit, si l?on veut, de faux tempéraments -5Aziz Benidir. Initiatique à la musique Arabo- Musulmane. Ed. AL.Bouraq. Beyronth-liban.1998. -6 A. Schopenhaeur.le monde comme volonté et représentation.puf.2001 -7 FRIEDRICH NIETZSCHE.Oeuvres.Robert laffont.1993. - Le cas wagner, un problème de musicien(1888) tr.Daniel Halevy.Robert Dreyfus. Nietzsche contre wagner. Pièces au dossier d?un psychologue.(1888).tr.henri albert. 1 مكانة العقل عند عبد الرحمان الكواكبي: ريمون غوش.ص من 120 إلى 125.مجلة الفكر العربي المعاصر.ع.144/145. 2 كل الإستشهادات الأخرى مأخوذة من نفس المرجع أعلاه. 3 Max Weber.sociologie de la musique.les fondements rationnels et sociaux de la musique. INT. Trad. De Jean Molino et Emmanuel pedler. Ed.Métailié. Paris.1998 4 Il s?agit, si l?on veut, de faux tempéraments 5 Aziz Benidir. Initiatique à la musique Arabo- Musulmane. Ed. AL.Bouraq. Beyronth-liban.1998. 6 A. Schopenhaeur.le monde comme volonté et représentation.puf.2001 7 FRIEDRICH NIETZSCHE.Oeuvres.Robert laffont.1993. - Le cas wagner, un problème de musicien(1888) tr.Daniel Halevy.Robert Dreyfus. - Nietzsche contre wagner. Pièces au dossier d?un psychologue.(1888).tr.henri albert.