تتوخّى هذه المقالة تِبْيان ملامح الشِّعْرية في عناوين القصائد المغربية الحديثة، وكيفية اشتغالها، وصِلاتها الخفية والجليّة بالمُتون التي تُتوِّجُها، انطلاقاً من الوقوف، تحديداً، عند أحد هذه المتون؛ وأقصدُ قصيدة «عودة المُرْجفين» للمرحوم أحمد المعداوي المجّاطي (1936-1995م) الذي يؤكِّد دارسو الشِعر المغربي الحديث أنه كان أحدَ فُرْسانه المُبرّزين، وأقطابه الأساسيين، على الرُّغم من أنه كان شاعراً مُقِلاّ في الإنتاج؛ لأنه لم يُخلِّفْ سوى ديوان شعر وحيدٍ، وبضع قصائد أخرى، ولكنّ مُنْجَزَه الشعري الذي بين أيدينا ينطوي على كثير من مقوِّمات التفرُّد والدَّسَم والشعرية العالية التي ترتفع بصاحبه إلى مَصافِّ المُبدعين الكِبار في مَضامير الشعر. وستتوسَّل المقالة، لتحقيق مُبْتَغاها، ببعض إجراءات سيميوطيقا الأمريكي شارل ساندرس بيرس (Ch. S. Pierce) ومفاهيمها المحورية. وقبل مباشَرَة ذلك، يجدُر بنا أن نشير إلى أن النقد الحديثَ قد أوْلى، منذ نشأة الشكلانية والبنيوية خاصة، اهتماماً واضحاً لدراسة العنوان، وإبراز شِعْريته، وكشْف كيفية اشتغاله، والبحث عمّا يُثيره من تداعيات وتساؤلات؛ وذلك بالنظر إلى ما له - من حيث هو نصّ صغير - من وظائف إستطيقية، وأخرى دلالية تعد مَدخلاً هاماً إلى نص كبير كثيراً ما يشبّهونه بجسدٍ رأسُه العنوان.