كان على العراق أن يواجه نفس وضعية التعدد اللغوي والقومي الموجود في تركيا خاصة في التعاطي مع المعطى المشترك ألا وهو الكرد ، وإذا كنا تتبعنا في مقال أمس كيف أن الدولة التركية حافظت على طابع إقصائي وعنصري وعرقي للهوية ، فإننا من خلال عمود اليوم نعتقد أن عددا من القراء سوف يفاجؤون من التراكم الإيجابي الذي تحقق في العراق في مختلف مراحله بداية من المرحلة الملكية وليس إنتهاءا بالعراق الجديد الذي أحدثه الإحتلال الأمريكي بعد إسقاط نظام صدام حسين ، هذا الأخير ورغم المذابح وجرائم الحرب التي إرتكبها في حق الكرد فإن مختلف الدساتير التي أطرت حكمه كانت فيها للكرد حقوق تحفظ هويتهم ولغتهم ، وسيادتهم على إقليم كردستان ، ونظرا لأهمية التجربة العراقية ، فإننا إرتأينا أن نختصر في هذا العمود أهم مراحل التعاطي الدستوري والقانوني التي شهدها رغم الإتفاق المبدئي على أن بلدا كالعراق لم يعيش طيلة أزيد من ستين سنة تجربة ديمقراطية يمكن أن نعتد بها، لكن هذا لم يمنع مختلف تجارب الحكم في الحفاظ على الطابع التعددي للدولة ، معتمدين في ذلك على عرض لأهم فقرات ملحق كتاب " العراق الجديد ، الفكر الجديد " المعنون ب " إمتيازات الأكراد في الدولة العراقية " لمؤلفه الأستاذ عاصم الفياض ، إضافة إلى مختلف الدساتير العراقية إلى حدود الدستور العراقي الحالي المصادق عليه سنة 2005. في العهد الملكي : يؤكد عاصم فياض أنه قبل إقرار القانون الأساسي العراقي عام 1925، كان هناك إقرار بحقوق القومية الكردية وبحقوقها الثقافية وحقوقها بالإدارة المدنية في المناطق التي تقطنها أغلبية كردية ويكفي أن نشير إلى بعض المواقف وأولها تأكيد الملك فيصل الأول في غشت عام 1923 للشيخ محمود الحفيد على: (أنه مع سياسة منح الأكراد حكماً ذاتياً في إطار الدولة العراقية) وإلى قرار مجلس الوزراء العراقي في 11 تموز 1923 (في يوم عودة الشيخ محمود الحفيد من منفاه في الهند)، الذي أقر ما يأتي: أولاً- إن الحكومة لا تنوي تعيين موظف عربي في الأقضية الكردية ما عدا الموظفين الفنيين. ثانياً: ولا تنوي إجبار سكان الأقضية الكردية على استعمال اللغة العربية في مراجعاتهم الرسمية. ثالثاً: أن تحفظ كما يجب حقوق السكان والطوائف الدينية والمدنية في الأقضية المذكورة. وإلى الخطاب الذي ألقاه رئيس الوزراء عبد المحسن السعدون في مجلس النواب في 21 كانون الثاني 1926: لا يمكن أن تعيش البلاد ما لم تعط جميع العناصر العراقية حقوقها... ينبغي أن نمنح الأكراد حقوقهم، وينبغي أن يكون موظفوهم من بينهم، يجب أن تكون لغتهم الرسمية، ويجب أن يتلقى أبناؤها الدروس في المدارس بلغتهم (تصفيق) وعلى اثر ذلك وزع المنشور الآتي على جميع الوزارات: (لاشك أن معاليكم قد اطلعتم على الخطاب الذي ألقاه فخامة رئيس الوزراء في مجلس النواب، والمنشور في الجرائد في اليوم التالي. يتضمن هذا الخطاب السياسة التي انتهجتها الحكومة، والتي ستنتهجها في إدارة المناطق الكردية، بأن يكون الموظفون من الأكراد، وأن تكون اللغة الرسمية اللغة الكردية، وعليه فقد أمرني فخامته بأن أرجو معاليكم أن تبذلوا جهدكم في تطبيق هذه السياسة، والتمسك بها في جميع ما يتعلق بمؤسسات المنطقة المبحوث عنها. - تجري المرافعات باللغة الكردية، وتحرر محاضر الجلسات في السليمانية، وكوي سنجق التابع إلى لواء أربيل باللغة الكردية، وترتبط بها الترجمة العربية عند إحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف أو محكمة التمييز. - الأرقام لا تشمل الفراشين وصغار الكتبة حيث يجري تعيينهم من قبل السلطات المحلية. وفي نفس الفترة كان هناك: عينين (العين: عضو في مجلس الأعيان) من مجموع 20 عين هم من الأكراد واثنين نصف أكراد. أربعة عشر مندوباً من مجموع 88 هم من الأكراد، من المندوبين للمجلس التأسيسي العراقي المشَّكَل في 26 مارس 1924. وزيري المالية والأشغال في أول حكومة كانا من الأكراد. 24 % من قوة الشرطة أكراد. 14 % الجيش أكراد. 23 % من مستخدمي السكك الحديدية أكراد. عدد المدارس في المناطق الكردية 25 مدرسة: 5 مدارس مختصة بالمسيحيين وتستعمل فيها اللغات الكلدانية والعربية 16 مدرسة كردية 4 مدارس مسيحية وكردية تدرس العربية. القانون الأساسي العراقي الصادر في 21 مارس 1925: المادة 6: لا فرق بين العراقيين في الحقوق أمام القانون، وإن اختلفوا في القومية، والدين، واللغة. (الإشارة إلى الاختلاف بالقومية لا تجد له أية إشارة في الدستورين التركي والإيراني). المادة16: للطوائف المختلفة حق تأسيس المدارس لتعليم أفرادها بلغاتها الخاصة والاحتفاظ بها، على أن يكون ذلك موافقاً للمناهج العامة التي تعين قانوناً. العهد الجمهوري: الدستور المؤقت للجمهورية العراقية الصادر 27 يوليوز 1958: المادة 3 يقوم الكيان العراقي على أساس من التعاون بين المواطنين كافة باحترام حقوقهم وصيانة حرياتهم ويعتبر العرب والأكراد شركاء في هذا الوطن ويقر هذا الدستور حقوقهم القومية ضمن الوحدة العراقية. الدستور المؤقت للجمهورية العراقية الصادر في 29 أبريل1964: في عهد عبد السلام عارف صدر الدستور المؤقت ونص على: المادة 19 العراقيون متساوون في الحقوق والواجبات العامة بلاتمييز بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو أي سبب آخر، ويقر هذا الدستورالحقوق القومية للأكراد ضمن الشعب العراقي في وحدة وطنية متآخية. الدستور المؤقت للجمهورية العراقية الصادر في 21 شتنبر 1968 : نص أول دستور أقرته حكومة البعث: المادة 21 العراقيون متساوون في الحقوق والواجبات أمام القانون لا تمييز بينهم بسبب الجنس أو العرق أو اللغة أو الدين ويتعاونون في الحفاظ على كيان الوطن بما فيهم العرب والأكراد ويقر هذا الدستور حقوقهم القومية ضمن الوحدة العراقية. الدستور المؤقت للجمهورية العراقية الصادر في 16 يوليو 1970: المادة 5: ب - يتكون الشعب العراقي من قوميتين رئيسيتين، هما القومية العربية والقومية الكردية ويقر هذا الدستور حقوق الشعب الكردي القومية والحقوق المشروعة للأقليات كافة ضمن الوحدة العراقية. المادة 7: أ - اللغة العربية هي اللغة الرسمية. ب - تكون اللغة الكردية لغة رسمية إلى جانب اللغة العربية في المنطقة الكردية. ج - تتمتع المنطقة التي غالبية سكانها من الأكراد بالحكم الذاتي وفقاً لما يحدده القانون. (أضيفت هذه الفقرة بموجب قرار مجلس قيادة الثورة رقم 247 المنشور في الوقائع العراقية عدد 2327 في 11/3/1974). مشروع الدستور الدائم لجمهورية العراق الصادر في 7 يوليوز 1990: المادة 6: يتكون الشعب العراقي من العرب والأكراد. ويقر الدستور حقوق الأكراد القومية ويضمن الحقوق المشروعة للعراقيين كافة ضمن وحدة الوطن والدولة والمجتمع. المادة 7: اللغة العربية هي اللغة الرسمية. وتكون اللغة الكردية لغة رسمية إلى جانب اللغة العربية في منطقة الحكم الذاتي. المادة 12: تتمتع المنطقة التي غالبية سكانها من الأكراد في العراق بالحكم الذاتي بموجب القانون، في إطار وحدة العراق القانونية والسياسية والاقتصادية، ووحدة شعبه. المادة 22: ثانياً: يعمل المجتمع على تأكيد قيم التآلف الاجتماعي العليا بما يمنع ترويج الأفكار والمناهج الطائفية، أو العنصرية، أو الإقليمية، أو الشعوبية. الدستور العراقي لسنة 2005 : المادة 4: أولاً : اللغة العربية واللغة الكردية هما اللغتان الرسميتان للعراق، ويضمن حق العراقيين بتعليم أبنائهم باللغة الأم كالتركمانية، والسريانية، والأرمينية، في المؤسسات التعليمية الحكومية، وفقاً للضوابط التربوية، أو بأية لغة أخرى في المؤسسات التعليمية الخاصة. ثانياً : يحدد نطاق المصطلح لغة رسمية، وكيفية تطبيق أحكام هذه المادة بقانونٍ يشمل: أ إصدار الجريدة الرسمية باللغتين . ب التكلم والمخاطبة والتعبير في المجالات الرسمية كمجلس النواب، ومجلس الوزراء، والمحاكم، والمؤتمرات الرسمية، بأيٍ من اللغتين. ج الاعتراف بالوثائق الرسمية والمراسلات باللغتين وإصدار الوثائق الرسمية بهما. د فتح مدارس باللغتين وفقاً للضوابط التربوية. ه - اية مجالات اخرى يحتمها مبدأ المساواة، مثل الاوراق النقدية، وجوازات السفر، والطوابع. ثالثاً: تستعمل المؤسسات والاجهزة الاتحادية في اقليم كردستان اللغتين. رابعاً: اللغة التركمانية واللغة السريانية لغتان رسميتان أخريان في الوحدات الادارية التي يشكلون فيها كثافةً سكانية. خامساً: لكل اقليمٍ او محافظةٍ اتخاذ اية لغة محلية اخرى، لغةً رسمية اضافية، اذا اقرت غالبية سكانها ذلك باستفتاء عام. [email protected]