لاحظ الذين تابعوا أشغال اليوم الدراسي الذي نظمه مركز الدراسات الفنية والتعابير الأدبية والإنتاج السمعي البصري، التابع للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، يوم الأربعاء 30 مارس الماضي بالرباط حول موضوع «التعددية في الإعلام في المغرب» غياب واضح لصحفيي القناة الامازيغية باستثناء صحفي واحد أو اثنين. وقالت مصادر عليمة إن غياب صحافيي القناة الثامنة، ولو أن الأمر يهمهم بالدرجة الأولى، كان من جراء التمييز بينهم بخصوص ما قام به المركز، الذي نظم النشاط، مؤكدين أن هناك صحفيين توصلوا بدعوات خاصة لحضور هذا اليوم الدراسي، في مقابل صحفيين آخرين استثنوا من العملية، وقررت أغلبيتهم عدم الحضور تنبيها لهذا الأمر. وقد دعا مشاركون في هذا اليوم الدراسي إلى النهوض بالتعددية الثقافية واللغوية في الإعلام الوطني قصد إرساء أسس مجتمع الخبر والثقافة والتحديث والديمقراطية. وأشاروا إلى أن أهم مظاهر هذا التعدد تكمن في إنشاء قناة « تامازيغت» التي بثت برامجها بصورة رسمية في فاتح مارس من السنة الماضية ، مشكلة بذلك إحدى المحطات الأساسية التي ميزت استراتيجية الحقل السمعي البصري المغربي. وأبرزوا أن القيمة المضافة للأمازيغية وإدماجها في المجال السمعي البصري تتمثل أساسا في دمقرطة المشهد الإعلامي الوطني، وفي إدماج المواطن المغربي الناطق بالأمازيغية ، وفي التجذر الثقافي واللغوي الأمازيغي في الأوساط المغربية غير الناطقة ولا العارفة بالأمازيغية ، فضلا عن تشجيع الإبداع الثقافي من خلال القنوات التلفزية والإذاعية . كما أوضح المشاركون أن هذا اللقاء ، الذي نظم في إطار الاحتفال بمرور سنة على إحداث قناة « تمازيغت» يهدف إلى خلق الشروط العلمية والأكاديمية والمهنية للتناظر حول إشكالية التعددية في المجال الإعلامي ، وإلى تقييم أجرأة هذا المبدأ وتقييم تجربة إدماج الأمازيغية كلغة وحضارة وثقافة في الإعلام الوطني. وأكدوا أن قناة « تامازيغت» جاءت لتعزز مسار البناء الكمي والنوعي في الحقل السمعي البصري المغربي ، ولتبرز مكونات الأمازيغية باعتبارها رافدا من روافد الثقافة والحضارة المغربيتين ، مضيفين أن هذا المشروع التلفزي يعبر عن حاجة المجتمع لرؤية صوره المتعددة ولغاته وبنياته التخيلية وتمثلاته الفردية والجماعية. وقد تطرق المشاركون في هذا اليوم الدراسي، الذي أغنى نقاشه ثلة من الإعلاميين والأساتذة الباحثين إلى محورين أساسيين هما « الإعلام السمعي البصري بالمغرب .. أي مؤشرات للتعددية والاختلاف؟» ، و» مقاربات تحليلية للتنوع والتعدد الثقافي واللغوي بالمغرب». والمثير للتساؤل كذلك في هذا اليوم، هو ما كتبه مركز التعابير الأدبية والإعلام السمعي البصري في المطوي الذي وزعه على الحضور، بحيث تمت فيه كتابة، أن اليوم الدراسي ينظم بعنوان « التعددية في الإعلام المغربي» بالعربية، وبالأمازيغية «تامازيغت ك تيليبيزيون» ويتضح أن العنوان الأول المكتوب بالعربية لا يعني بتاتا ما هو مكتوب باللغة الامازيغية، ويمكن للمهتم أن يعطي لهذا تفسيرا واحدا، هو استغفال القارئ وكأن الذين كتبوا ذلك، مازالوا يؤمنون بأن القارئ بالأمازيغية غير موجود. والمسألة لا تقف عند هذا الحد، بل تتعداه إلى أخطر من ذلك، فالمعهد الملكي للثقافة الامازيغية الذي دافع بالأيادي والأرجل لترسيم كتابة الامازيغية بحرف التيفيناغ وقال إنه نقحها وأعدها وكان من وراء ذلك خبراء ينتمون إلى المعهد، نجده يكتب مرة «تيلفزيون» ومرة أخرى «تيلبيزيون»، وكدت ألا أعطي للمسألة أية أهمية، ولكن بعد المناقشة مع أحد العارفين بالأمور ودفاعه ليس عن الخطأ، بل دافع عما لا يوجد على أرض الواقع، قررت أن أفتح هذا الباب، خاصة بعد الإطلاع على معجم الإعلام الصادر سنة 2009،عن وحدة المعجم التابعة لمركز التهيئة اللغوية بالمعهد الملكي، وما يوجد في هذا المعجم يبين بكل وضوح أن الخطأ والاختلال واضحان وضوح الشمس في قارعة النهار، بحيث ترجم معجم الإعلام كلمة «تلفزة» إلى الأمازيغية ب «تليفزيون» مكتوبة بحروف تيفناغ. وبالرجوع كذلك إلى معجم آخر هو معجم اللغة الأمازيغية في طبعته المزيدة والمنقحة الصادرة في سنة 2009 عن مركز التهيئة اللغوي في الصفحة 38 نعثر أن كلمة تلفزة ترجمت ب «تليفيزيون» مكتوبة بحروف تيفيناغ. وفي هذا الصدد قالت وحدة المعجم التابعة للمعهد الملكي إن هذا المعجم الأخير يضم إلى جانب متن النسخة الفرنسية ما يزيد عن مائتي مدخل معجمي جديد، كما يتميز المؤلف عن سابقه بمسرد أمازيغي عربي نظم وفق الترتيب الألفبائي، ووضع هذا المعجم أساسا، ليزود مدرس اللغة الأمازيغية بمصطلحات تمكنه من تسمية مفاهيم جديدة ويتوجه في نفس الوقت إلى شريحة عريضة من القراء تشمل التلميذ والطالب والمترجم والمبدع وكل من له اهتمام باللغة الأمازيغية. وفي هذا الصدد فالأمر يتطلب وقفة للمراجعة والتريث، والمسألة الهامة في العملية هي إعطاء أهمية أكبر للقارئ أو المتلقي، سواء في قضية الكتابة بحروف التيفيناغ أو في العملية الإعلامية بشكل عام بالإضافة إلى أنه يجب احترام ما أمكن ذكاء المتلقي.