بدأت الحكاية في منتصف شهر دجنبر الماضي، حينما منع أعوان بلدية مدينة سيدي بوزيد شابا في مقتبل العمر كان اسمه قيد حياته محمد البوعزيزي من بيع الخضر في ساحة عامة كبائع متجول يقتات من هذه المهنة ويعيل بها أسرة كاملة، بل وصادر أعوان البلدية عربة البوعزيزي الذي توسل إليهم قصد إرجاع مصدر عيشه، لكن الأعوان رفضوا بعدما أشبعوا الشاب سبا وقذفا. وآمن البوعزيزي للحظة أنه يمكن أن ينتزع حقه ممن اعتدوا عليه وأهانوه، وتوجه إلى مركز الأمن بسيدي بوزيد لتقديم شكاية بأعوان البلدية إلا أنه لاقى معاملة أكثر سوءا أو لنقل إن تونس كانت تبحث آنذاك عن الشرارة التي ستلهب نيران الثورة، إذ أقدمت الشرطية فادية حمدي بصفع البوعزيزي على خده قبل أن يلتحق أعوان البلدية بمركز الأمن وأشبعوا البوعزيزي ضربا وعنفا، فما كان من الضحية إلا أن يفكر في الانتقام من جلاده الحقيقي الذي لم يكن غير رأس النظام، فسارع إلى صب كميات كبيرة من البنزين على جسده وأشعل فتيلا لم يقتصر على إحراق جسده الطيب النحيف، بل أحرق النظام الفاسد برمته.