تشهد اوروبا منذ عدة أسابيع طقسا شديد البرودة، تتساقط فيه الثلوج بشكل لايتوقف، وتجمدت الحياة بشكل شبه كامل في دول عديدة من القارة. فهل هذا يأتي على سبيل الصدفة؟ أم أن له علاقة بالتغيرات المناخية الحادثة؟ وكيف يري العلماء ذلك؟ وهل للشمس والطاقة الشمسية دور في ذلك؟ كل هذه الأسئلة بدأ الكثير من المتخصصين في مجال الطقس والمناخ طرحها ومحاولة البحث عن إجابات عليها، لكن المثير أن العلماء الألمان يربطون بين مايحدث من تغيرات مناخية حادة وأخرها هو ذلك الطقس المتجمد في أوروبا وبين النشاط الشمسي وتأثيره علي الأرض وفق ماصرح به "سامي سولانكي" مدير الأبحاث الخاصة بالشمس في معهد ماكس بلانك في ميونيخ. وقصة الإهتمام بأبحاث الشمس تعود الي بداية التسعينات، تحديدا عندما بدأ العلماء من كل أنحاء العالم يجّدون ويجتهدون في أبحاث عديدة تتعلق بالشمس والطاقة الشمسية وميكانيكية عمل الشمس؟ومتي تكونت؟ ومتي يخبو وميضها؟ وما هي تأثيراتها المباشرة علي الكرة الأرضية؟. ورؤية العلماء في ذلك الإطاركانت تهدف إلي الوقوف علي حقيقة التغيرات المناخية التي يشهدها العالم وما هو دور الشمس المباشر في ذلك، خاصة وأن العلماء لم يتجهوا الي التعمق في أبحاث الشمس إلا بعد اليقين التام من أن للشمس تأثير مباشر علي الكرة الأرضية وحياة البشر عليها ومن ثم التغيرات المناخية التي يشهدها العالم. يقول "سامي سولانكي" مدير أبحاث الشمس في معهد ماكس بلانك في ميونيخ "نحن نعرف أن للشمس عدة جوانب نشطة ومن المهم دراسة تلك الجوانب ومن ثم دراسة تاثيرتها علي الأرض وعلي الناس ويضيف قائلا إن النشاط الشمسي يتجدد كل عشر سنوات وهي ظاهرة يعرفها العلماء عن الشمس، غير أن السنوات الأخيرة لم يتجدد فيها النشاط الشمسي ولا يعرف العلماء تفسيرا لماذا توقف هذا النشاط، وإن ظلت أبحاثهم مستمرة، لكن ذلك يطرح سؤلا لم يعطي العلماء إجابة عليه حتي الأن وهو هل غياب هذا النشاط الشمسي سيؤدي الي العصر الجليدي الجديد؟ ولا شك في أن العلماء يحاولون الربط بين ما يحدث في اوربا الأن من صقيع وبرودة شديدة وغياب النشاط الشمسي وعن ذلك يقول البروفوسير سولانكي قد يكون غياب النشاط الشمسي هو أحد الأسباب الرئيسية في تغير المناخ، فقد حدث في نهاية القرن السابع عشر شيئا مشابها،فعندما تأخرت دورة النشاط الشمسي التي تحدث كل عشر سنوات شهدت أوروبا طقسا باردا جدا وصقيع حتي أنهم أطلقوا علي المناخ آنذاك "العصر الجليدي الصغير" ويقول سولانكي أما مايحدث الأن من جليد وصقيع فهو مازال في موقع التكهنات ولم يؤكد العلماء بشكل واقعي وثابت هذا الرأي حتي الأن. وتنفتح شهية العلماء الي المزيد من الأبحاث علي الشمس حتي يستطيعوا التأسيس لنظرياتهم وأفكارهم فهم يبحثون بشكل مفصل في كيفية ميكانيكية عمل الشمس والنشاط الذي يتمخض عنها، كذلك يبحثون في التغيرات المناخية التي تكون الشمس هي أحد أسبابها. والحقيقة التي لامفر منها هي أن الشمس لازالت تشكل لغز الأبدية حتي الأن للعلماء، ولم ينجح العلماء حتي هذه اللحظة في حل هذا اللغز. فقبل 400 سنة وبعد أختراع جاليليو للتلسكوب راح العلماء في تلك الأزمنة القديمة يرصدون الشمس ويتعرفون علي الكثير من خصائصها ونجحوا في إكتشاف البقع الشمسية والتعرف علي خصائصها.أما القرن السابع عشر فقد شهد الكثير من أبحاث الشمس والأهتمام بها وظلت الابحاث تعمل في إطار تجهيز أو إبتكار مراصد ضخمة لمتابعة الشمس،ومنذ عام 1995 نجح العلماء في إرسال عدة مراصد تحتوي علي تلسكوبات دقيقة للغاية الي الفضاء الخارجي،غير أن الغلاف الجوي بقي دائما حائلا في في الحصول علي صور فائقة الدقة فالطقس السئ غالبا ما كان يؤثر بالسلب علي عمل تلك التيلسكوبات. بعد ذلك نجح العلماء في إرسال مركبة ابحاث فضائية بإتجاه الشمس تسمي سوهو وهي تعمل كمحطة ارصاد في الفضاء الخارجي وهي لاتزيد عن طنين ومكعبة الحجم وهي في حجم أتوبيس صغير.غير أنه بعد فترة من إنطلاقها فقد العلماء السيطرة عليها وظلت سنتين ونصف السنة تائهة في الفضاء الخارجي إلي أن نجح العلماء في السيطرة مرة اخري عليها،وهي ترسل صور للشمس حتي الأن بالغة الدقة والجمال، وتعتبر هذه المركبة هي إحدي إنجازات وكالة الفضاء الأوروبية ووكالة الفضاء الأمريكية ناسا فمنذ أن إنطلقت في الثاني من ديسمبر في عام 1995 وهي لازالت تعمل بكفاءة بعد أن كان مقررا لها أن تعمل لمدة عامين فقط و في أكتوبر 2009، تمت الموافقة على تمديدها إلى مهمة دائمة حتى ديسمبر كانون الاول عام 2012بالإضافة الي مهمتها العلمية الحالية.وهي تعتبر الأن المصدر الوحيد للبيانات الخاصة بالطاقة الشمسية والتنبؤ بالطقس الفضائي إن موقع سوهو الإستراتيجي الدائم في نقطة الإرتكاز فيما يسمي بنقطة لاكرانج الداخلية ، وهي تحديدا في النقطة التي تبعد عن الأرض بنحو واحد في المئة من المسافة الفاصلة الفاصلة بين الأرض والشمس. وفي هذا الموقع تكون المركبة سوهو متوازنة بين جذب مركز ثقل الأرض ومركز ثقل الشمس، ومن ثم فإنها تدور حول الشمس برفقة الأرض. وهو الأمر الذي يختلف عن مسار السفن الفضائية المتخصصة في أبحاث الشمس السابقة والتي كانت تدور بشكل أساسي حول الأرض، وسلبية ذلك الأمر انه كان يحجب عنها رؤية الشمس في مدد زمنية منتظمة، لكن ميزة المركبة سوهو أنها تراقب الشمس مراقبة متواصلة بوساطة 12 جهازا يمكنها من فحص الشمس تفحصا مفصلا لم يسبق له مثيل. وهي مازالت تقوم كل يوم بإرسال آلاف الصور عن الشمس من خلال هوائي شبكة الفضاء التابع لوكالة ناسا الفضائية. في أول عمل المركبة وإرسال الصور كانت الشمس في أقل مستويات نشاطها الذي تستمر دورته عشرة أعوام مما أتاح للعلماء الوقوف علي خصائصها في تلك الفترة التي يتوقف فيها نشاطها. ستستمر سوهو في رصدها للشمس خلال فصولها العاصفة كلها، من الهدوء الحالي الذي يشهده نشاطها المغنطيسي إلى أن يبلغ هذا النشاط ذروته التالية التي يجب أن تحدث في نهاية القرن. ويرى العلماء أن قيمة ما أرسلته سوهو يرقي الي مستوى الإكتشافات الرائعة خاصة إذا ما أردنا فهم الدورات الشمسية وأعماق الشمس حيث تنشأ مغناطيسية هذا الكوكب العجيب. وتبدو أمام العلماء إحدى الطرق العجيبة في إكتشاف هذه الأعماق غير المرئية التي تنحصر في تتبع الحركات شبه الإيقاعية ارتفاعا وانخفاضا للسطح المرئي الخارجي للشمس الذي يُطلق عليه اسم الكرة الضوئية وهذه الحركات الاهتزازية، التي يمكن أن ترتفع إلى عشرات الكيلومترات بسرعات تبلغ بضع مئات الأمتار في الثانية، تنشأ عن أصوات تشق طريقها عبر الشمس. وهذه الأصوات تحتجز داخل الشمس، ومن ثم لا يمكنها الانتشار في الفضاء القريب من الشمس. (وحتى لو تمكنت هذه الأصوات من الوصول إلى الأرض، فإنها تكون عند ذلك أخفض من أن يسمعها الإنسان.) ومع ذلك فعندما تبلغ هذه الأصوات سطح الشمس وترتد راجعة إلى حيث انطلقت، فإنها تثير اضطرابات في الغازات هناك، مما يجعلها تعلو وتنخفض بحركة إيقاعية بطيئة وبدور يقدر بخمس دقائق تقريبا. هذا وإن الحركات الارتجافية التي تولّدها هذه الأصوات لا يمكن أن تُرى بالعين المجردة، إلا أن الأجهزة الموجودة على متن سوهو تستطيع تسجيلها تسجيلا روتينيا. من ناحية اخري وفي اطار الابحاث المستمرة اطق الامريكيون المرصد الامريكي SDO الجديد والذي يرسل صورا أيضا أكثر دقة ووضوح.