ننطلق من حسن نية في الجواب على السؤال الذي تردد على أكثر من لسان حول ما قامت به الأحزاب السياسية الوطنية للتصدي لأعداء وحدتنا الترابية الذين حاولوا استثمار أحداث العيون للإضرار بمصالح المغرب، ونعتبر أن عددا من الذين طرحوا مثل هذا السؤال في الظرفية الحالية كانت لهم نية حسنة مجردة من أية خلفيات سياسية ضيقة جدا، اعتاد الرأي العام حرص البعض على تكريسها وبث سمومها في جميع الظروف الدقيقة التي تمر بها البلاد، والذين اعتادوا على طرح هذا السؤال كقالب جاهز صالح لجميع القضايا بدون استثناء. فحتى إذا أمطرت السماء خيرا أفضى إلى بعض الخسائر... كان السؤال الجاهز وماذا فعلت الأحزاب السياسية للحد من كميات هذه الأمطار؟! إن السؤال بحسن نية في حالة أحداث العيون الأليمة جدا قد يكون ناتجا عن ضعف التواصل بسبب ضيق قنوات وسائل الاتصال في المجتمع، وفي هذه الحالة تكون الأحزاب السياسية الوطنية مطالبة بالضرورة بتكثيف نشاطها الاتصالي والاعلامي ليس فقط للتصدي للمؤامرات الخارجية ولكن أيضا لإطلاع الرأي العام الوطني على ما تقوم به من أعمال في إطار أداء واجبها الوطني الصرف. وفي حالة مواجهة تداعيات الأحداث الارهابية التي عاشتها مدينة العيون عقب التفكيك السلمى لمخيم كديم إزيك فإن هذه الأحزاب قامت بدورها في التصدي للتحديات الكبرى التي واجهتها بلادنا على جميع المستويات خصوصا على الصعيد الاقليمي والخارجي، نذكر في هذا السياق أن كثيراً من هذه الأحزاب كثفت اتصالاتها مع الأحزاب الصديقة والشقيقة لتقديم وجهة نظر المغاربة فيما يتعلق بتفسير الموقف وخلفياته وتداعياته، وكان حزب الاستقلال قد وجه مذكرة توضيحية شاملة إلى جميع قيادات الأحزاب السياسية الأعضاء في الأممية الدولية لأحزاب الوسط، كما انتهز الحزب فرصة تجاوبه الإيجابي مع دعوات تلقاها من طرف أحزاب سياسية أوروبية وأسيوية للحضور في مؤتمراتها الوطنية لإجراء اتصالات مكثفة مع وفود الأحزاب السياسية الدولية الحاضرة هناك لشرح الموقف المغربي. ويذكر في هذا السياق أن حزب الاستقلال كان قد استضاف قبل أسابيع خلت مؤتمر أممية أحزاب الوسط حضره مسؤولون على أكثر من ثمانين حزبا جاؤوا إلى مراكش من مختلف أنحاء العالم وتميز البيان الختامي لهذا المؤتمر الدولي الذي شاركت فيه عدة أحزاب توجد في سدة الحكم بالتوصية الهامة جدا التي تضامنت مع المغرب وطالبت بفتح الحدود المغربية الجزائرية والمطالبة بإطلاق سراح مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، وكان الأمر يتعلق بأهم تجمع سياسي عالمي يقف مثل هذا الموقف مع المغرب في ظروف كانت شديدة الدقة والأهمية. أداء الأحزاب السياسية المغربية ظل نابضا في أداء هذا الواجب حيث التأمت عدة مؤسسات حزبية تقريرية في دورات عادية أو استثنائية وتدارست تفاصيل التطورات وأصدرت بياناتها وأعلنت مواقفها التي ساهمت إلى حد بعيد في تجذير وتكريس التعبئة الوطنية بقيادة جلالة الملك محمد السادس، ونزلت تنظيمات حزبية شبابية وقطاعية إلى الشوارع في مسيرات ووقفات احتجاجية لتمتين الجبهة الداخلية وإظهار صلابة الوحدة الوطنية للخارج، كما قام الإعلام الحزبي الوطني على غرار باقي مكونات الاعلام الوطني بدور مهم في تكثيف الجهود لمواجهة التحديات والمؤامرات. طبعا، لا يقبل أن يستسلم الرأي العام للمجهود الذي تبذله بعض الأطراف لتبخيس العمل السياسي الوطني وتتفيه أداء المؤسسات، لأن الاستسلام لمثل هذه السموم سيفضي إلى ما سيفضي إليه - لا قدر الله - لذلك نجدد التأكيد على أن الأحزاب الوطنية الديمقراطية الحقيقية ستظل ضمن المتاريس الأولى التي تحصن هذا الوطن الغالي.