تميز المؤتمر 27 لصحفيي المغرب والأندلس الذي نظم في الفترة الممتدة من 21 إلى 24 أكتوبر الماضي بمدينة إشبيلية الإسبانية، تحت شعار « الوحدة من أجل المتوسط» من طرف جمعية صحفيي منطقة مضيق جبل طارق بتنسيق مع الجمعية المغربية لصحافة، ومشاركة أساتذة وباحثين ومختصين في القضايا المشتركة بين المغرب وإسبانيا ومحيطهما المتوسطي، وكذا فاعلين إعلاميين الذي أغنوا المؤتمر بآراء وأفكار انصبت كلها على تدعيم العلاقات بين دول حوض البحر الأبيض المتوسط والاهتمام بانشغالات الصحفيين، كما كان المؤتمر مناسبة لتقديم الحلول للمعضلات التي لازالت تعترض العلاقات المغربية الاسبانية، بعرض قيم ليونس مجاهد رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، قدمه داخل مبنى الحسن الثاني بفضاء مؤسسة الثقافات الثلاث، والذي تعرض فيه إلى التحديات الكبرى التي تعرفها الصحافة المكتوبة أمام أشكال التواصل الجديدة في الإعلام والصحافة وطغيان التوجه الميركانتيلي في وسائل الإعلام. وطرح يونس مجاهد سؤالا عريضا حول مستقبل الصحافة على ضوء هذه التطورات، حيث تحدث عن النموذج المغربي في ميدان الصحافة المكتوبة ( الورقية) والتلفزة المغربية والمشكلات التي تعترضهما سواء على المستوى الإشهاري أو الاقتصادي. وأشار يونس إلى التراجع الذي حصل في المهنية، واختفاء الكتاب الصحفيين الكبار من الساحة وطغيان طابع الإثارة على بعض الصحف. كما تطرق إلى الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع الموضوع داخل البرلمان على اعتبار أن الإعلام ليس قضية معزولة عن المجتمع، وطالب بتدخل الدولة في حماية حق المواطن في إعلام الجودة، وتعزيز العمل النقابي وإشراك قوى المجتمع المدني وإنشاء تحالف كبير بين الصحفيين والفئات المشتغلة في ميادين الفن والثقافة والفكر وحماية المهنية، مؤكدا على أن التواصل والتكنولوجيات الحديثة تتيح إمكانية كبرى لتطوير الفضاء المتوسطي، فيما توقف فرانسيسكو أو ديخي باكو ممثل الفيدرالية الدولية للصحافيين في عرضه عند عملية اكتشاف الأخبار والوصول إليها من طرف الصحفيين وتدهور حرية الصحافة. أما إلزا كونثاليث فقد تعرضت في عرضها المسهب إلى التدني في الجودة في وسائل الإعلام بسبب الأزمة المالية، وقلة المراسلين، وتحول وسائل الإعلام إلى كائنات متشابهة، والرهان على الربح، وانعدام الروح النقابية والوحدة والتضامن، ومهنية الصحافة، وأكدت على أن جودة الإعلام ضمان للحرية. وعرف هذا المؤتمر على مستوى آخر تقديم كلمات افتتاحية وعروض لكل من مصطفى العباسي رئيس الجمعية المغربية للصحافة، واستانيسلاو راميريس رئيس جمعية صحفيي منطقة مضيق جبل طارق، وإلفيرا سان خيرون مديرة مؤسسة الثقافات الثلاث، وأنا ماريا كارفخال رئيسة جمعية صحفيي إشبيلية، وأليخاندرو ديلبالي كالفيس، والتي ركزت بالخصوص على الوحدة من أجل المتوسط ليس فقط كشعار وإنما كفضاء للحوار والعمل من أجل التقدم السياسي والاجتماعي والاستقرار السياسي والاقتصادي كحلم أوروبي إفريقي وكذا تحقيق التوازن في العلاقات بين المغرب وإسبانيا وحل التوترات الحاصلة بين الطرفين. كما عرف هذه العروض نقاشا ساخنا أثيرت من خلاله قضية تعامل الصحافة الإسبانية مع قضية مصطفى سلمى ولد سيدي مولود حيث لم تتحرك أي صحيفة إسبانية لإثارة موضوع اختطافه، و كذا اعتقال الصحفيين المغربيين بتندوف ، في حين أثارت الصحافة نفسها زوبعة فيما يتعلق بقضية أمينتو حيدر. وكان مصطفى العباسي حريصا على إثارة هذه النقطة التي عمقت النقاش الساخن في المؤتمر. وقد أسفر المؤتمر 27 لصحفيي الضفتين عن توصيات هامة سواء من طرف الوفد المغربي أو الاسباني ركزت على ضرورة تكثيف التعاون بين دول حوض البحر الأبيض المتوسط في إطار مشروع « الوحدة من أجل المتوسط» لأجل مواجهة تحديات الأزمة الاقتصادية التي تخيم على المنطقة، ضرورة الاهتمام بالأوضاع المهنية والاجتماعية للصحفيين لتمكينهم من لعب دورهم وتعزيز العلاقات بين دول المنطقة والتنويه في نفس الوقت ب « الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع» الذي أدخل إلى البرلمان المغربي. كما ركزت التوصيات أيضا على أهمية دعوة الإعلام الإسباني إلى المزيد من الحياد والموضوعية في التعامل مع القضايا الوطنية، وطالبت الهيئات الحقوقية والإعلامية الدولية إلى تجمل مسؤوليتها في الكشف عن مصير مصطفة سلمى ولد سدي مولود وضمان حريته في التنقل والتعبير عن رأيه. وكان الوفدين الصحفي المغربي والإسباني قد زارا بعض العالم الأثرية والتاريخية المتفردة بمدينة إشبيلية كما وقفوا على المعلمة السياحية الذائعة الصيت « الجزيرة الساحرة».