تعود باكستان من جديد إلى قلب الاهتمام العالمي، فهي مركز الإرهاب الدولي، وطرف أساسي في الحرب الدائرة في أفغانستان ضد طالبان، وقوّة نووية اختلّ توازنها بفعل الكوارث التي سببتها الفيضانات. ويستند الإنذار بإمكانية قيام عمليات إرهابية ضد أوروبا، وخاصّة ضد فرنسا، على معلومات جرى جمعها من مناطق في عمق باكستان قرب الحدود الأفغانيّة. وهناك، ربما قام قادة القاعدة اللاجئون إلى تلك المناطق الوعرة، بالتخطيط قبل فترة قريبة للهجوم المنسّق ضد مدن أوروبية. وربما أن هجوماً قامت به طائرات أميركية من دون طيّار تابعة لوكالة الاستخبارات الأميركية، قد أحبط مؤامرة كانت في بداياتها، لكن لا شيء يعني أن الخطر قد زال. الولاياتالمتحدة أخذت التهديدات على محمل الجد كثيراً، منذ العملية الفاشلة في حديقة اتايمزب في نيويورك خلال شهر ماي الماضي، التي كان يجهز لها أميركي من مواليد باكستان، وكان قد تلقى تدريبه في تلك البلاد. إن إرادة ضرب الإرهاب الدولي في منبعه، تضاف إلى حالة الكبت التي تعيشها قوات الحلف الأطلسي بسبب فشلها أمام عدو يجد مكامنه القويّة في باكستان. وهذا ما يفسّر واقع أن الهجمات التي تقوم بها الطائرات من دون طيّار في المناطق القبلية، لم تكن أشد وقعاً وأكثر قتلاً مما هي عليه في الوقت الراهن، وقد أثار ذلك قلق باكستان. وكان خطأ في الهدف أثناء غارة بالطائرات العمودية هيلوكبتر قد قطع طريق الإمدادات للقوات الأطلسية في أفغانستان. الوضع خطير جداً. وقد سمحت باكستان لنفسها بإغلاق حدودها أمام حليفها ومعينها الأميركي، بينما تركت طالبان أفغانستان يعبرون نفس الحدود للجوء. وإذا كانت الأمور قد وصلت إلى هذا الحد، فهذا يعود إلى أن عصبيّة السلطات الباكستانية قد تضاعفت، بسبب الفيضانات التي فاقمت النزاعات بين العسكريين والمدنيين. ويعود خاصّة لكون أن الجنرالات يرون في الاستراتيجية الأميركية أنها تعني امتداد الحرب في أفغانستان إلى باكستان. وهجمات الطائرات الأميركية من دون طيار في المناطق القبلية، جرى قبولها بشكل ملموس، ولكن ليس تدخّل طائرات الهيلوكبتر. ونظراً للطريقة التي تريد أن تقوم بها لمكافحة الإرهاب والحرب في أفغانستان، ربما أن الولاياتالمتحدة سوف تتوصّل أخيراً إلى فرض إرادتها على حليفها الباكستاني.