جرب المغرب في وقت سابق منهجية إنشاء جمعيات الهضاب والسهول والجبال، ولدت وفي أفواهها ملاعق من ذهب في محاولة يائسة لإغراء النخب وإفراغ المؤسسات الحزبية والنقابية والمدنية، وبهدف استمالة الأعيان للتأثير في مجمل تفاصيل الحياة العامة في البلاد، من الانتخابات إلى حشد التعبئة الشعبية لبعض القرارات التي كان يدرك القائمون على شؤون البلاد أنها قد تخلف بعض الرجات الشعبية، كان المرحوم ادريس البصري يشتغل في أفق تسييج منطقة شاسعة من الولاء، وتأكد الآن أن البلاد أضاعت الجهد والوقت فيما لم ينفع مع وجود إستثناءات قليلة جدا لا يمكن أن يقاس عليها. هناك اليوم من يعمل على تحيين هذه المنهجية الرديئة جدا وإخراجها في صيغ جديدة تستند على عاملي الجهة والعرق لخدمة أجندة سياسية صرفة. وهي كل حال مبطنة بكثير من المخاطر والتهديدات، لأن البلاد قد تتحول لا قدر الله إلى جزر معزولة متعصبة لانتماءاتها الجهوية والعرقية. إن جلالة الملك محمد السادس فتح أمام البلاد ورشا عظيما يتعلق بالجهوية، وأنشأ لهذا الغرض لجنة يشهد الجميع لأعضائها بالكفاءة، وأنجزت لحد الآن حصيلة مهمة مستندة إلى مشاورات موسعة مع الفرقاء السياسيين وإلى الاطلاع على التجارب المعمول بها في مختلف أصقاع المعمور، ومن المنطقي أن نلح في المطالبة بعدم استباق عمل هذه اللجنة الملكية الهامة، وتجنب التشويش على عملها، خصوصا وأنه لم يعد يفصلنا عن تقديم تصورها سوى ثلاثة أشهر، والمغاربة يثقون في هذا العمل الهام الذي يرعاه جلالة الملك محمد السادس.