كتب: محمد طارق حيون حظيت الزيارة الرسمية التي قام بها يوم الجمعة الماضية رئيس الحكومة الإسبانية خوصي لويس رودريغيز ثاباطيرو رفقة وفد هام (وزير الشؤون الخارجية ميكيل أنخيل موراطينوس والكاتب العام لرئاسة الحكومة برناردينو ليون وكاتب الدولة في الشؤون الخارجية أنخيل لوصادا وكاتب الدولة في الاتصال جواكوشيانييبس) - كأول زيارة له إلى المغرب بعد تجديد إقامته بالقصر الرئاسي المونكلوا في 9 مارس الماضي - باهتمام إعلامي كبير من طرف جل القنوات والإذاعات والصحف الإسبانية. فإذا كانت وسائل الإعلام الرسمية كالقناة الأولى TVE والثانية و3 antena وcanal sur والصحف المحسوبة على الحزب الاشتراكي أكدت على أهمية الزيارة واعتبرتها مناسبة لإغلاق باب الأزمة التي تفاقمت بين البلدين الجارين خاصة عقب الزيارة التي قام بها الملك خوان كارلوس وعقيلته صوفيا إلى الثغرين المحتلين سبتة ومليلية وكذلك فرصة لفتح آفاق التعاون في مجالات الاقتصاد والسياسة والقضاء والهجرة والتعليم. ومناسبة كذلك للتصالح وتصفية الأجواء وتحديد موعد لانعقاد اللجنة العليا المشتركة بين البلدين التي تجمدت منذ عامين. فإن الصحف المحسوبة على الحزب الشعبي حاولت ربط زيارة ثاباطيرو إلى المغرب بالذكرى السادسة لاحتلال صخرة تورة (المعدنوس أوليلى). وهكذا عنونت الكثير من الصحف الصادرة نهاية الأسبوع صفحاتها الأولى بعناوين ترمز إلى دلالة الزيارة مع ذكرى احتلال الصخرة. فصحيفة (لاراثون) المقربة من حزب (راخوي) اختارت عنوان: «ثاباطيرو بالمغرب لإحياء الذكرى السادسة لأزمة صخرة المعدنوس». نفس المنحى نحته صحيفة (إل موندو) حيث جاء في عنوان بارز بصفحتها الأولى: «ثاباطيرو يلتقي محمد السادس في قلب مأساة قوارب الموت». في إشارة إلى حادث غرق 29 مهاجراً سرياً بعرض سواحل البوغاز من بينهم رضيع و8 أطفال. أما صحيفة ABC وكباقي الصحف الأخرى اليمينية عنونت واجهتها ب: «زيارة ثاباطيرو إلى وجدة مركز عبور المهاجرين الأفارقة». ولعل تعاليق وعناوين هذه الصحف يوحي بأن الحزب الشعبي المعارض لايرغب في إعادة بناء الثقة وعودة الدفء إلى علاقات البلدين ولا يود نسج وإنشاء علاقة ندية قائمة على الاحترام المتبادل، ولا يريد لعلاقات البلدين أن تترفع عن الحسابات الحزبية الضيقة التي تحكم الصراع بين اليمين واليسار في إسبانيا. بالمقابل لوحظ أن الصحف المحسوبة على الحزب الحاكم أرادت تحسين صورة إسبانيا التي تضررت كثيراً في أعين الرأي العام المغربي جراء بعض الممارسات العنصرية واللا إنسانية الأخيرة التي تعرض لها المهاجرون المغاربة خاصة بمدينة طوري باتيكو ومورسيا (جنوبإسبانيا) من طرف عناصر الشرطة والحرس المدني. وكذلك بسبب المعاملات المهينة لمسؤولي القنصليات الإسبانية ضد المغاربة الراغبين في الحصول على التأشيرة، حيث صدر مؤخرا تقرير عن مؤسسة كاريطاس بمدينة خيرونا يصف قنصلتي تطوانوالناظور بأنهما أسوأ القنصليات الإسبانية في العالم. إضافة إلى الاحتجاجات التي شهدتها مدينة الناظور بعد اعتقال المستشار يحيى يحيى بمدينة مليلية المحتلة، وما أعقبه من بلاغ شديد اللهجة لوزارة الخارجية المغربية، أرغم السلطات الإسبانية على الإفراج عنه قبل موعد إطلاق سراحه (17 يوليوز) ولا ننسى الموقف المغربي من الدعم الكبير الذي تلقاه عناصر جبهة البوليساريو من الحزب الاشتراكي الإسباني في الاجتماع الأخير للأممية الاشتراكية المنعقد مؤخرا بالعاصمة اليونانية أثينا من أجل إدراج الجمهورية الصحراوية الوهمية ضمن أعضاء الأممية (صفة ملاحظ). تبقى الإشارة في الختام إلى أن بعض الصحف الإسبانية نقلت تعاليق مسؤولين جزائريين عبروا عن انزعاجهم بعد سماع الإعلان الرسمي لزيارة ثاباطيرو من طرف نائبة رئيس الحكومة طيريزا دي لافيغا وتأكيدها على عقد القمة المغربية الإسبانية بمدينة وجدة المتاخمة للحدود الجزائرية المغربية عوض طنجة أو الرباط.