يشكل النسيج الجمعوي ببلادنا أهمية كبيرة ويحظى بدعم مهم من قبل الدولة، وذلك وعيا بالدور الفعال الذي يلعبه في بناء مجتمع مواطن تضامني تشارك فيه كل الفعاليات، وحتى تسود روح التضامن بين أفراده وتمثل لحمة واحدة يستفيد منها الجميع بمختلف أطيافهم ومشاربهم، وتختلف ميادين عمل الجمعيات باختلاف حاجيات المواطنين، من جمعية رياضية إلى أخرى حقوقية وثالثة صحية وغيرها كثير، إلا أن هدفها واحد وهو تقديم يد العون وتكوين الأفراد على روح المواطنة واحترام القوانين والدفاع عن حقوقهم وصيانتها. جمعية العمل الإستعجالي واحدة من بين تلك الجمعيات النشيطة التي تسهر على تقديم خدمات طبية متنوعة تستفيد منها فئات عديدة، قاسمها المشترك هو الحاجة وضيق الحال. في يونيو من سنة 2000 رأت الجمعية النور انطلاقا من فكرة الدكتور محمد أشرقي الذي يشغل منصب الرئيس، وبتظافر جهود عدد كبير من الأطباء استطاعت الجمعية أن تجد لها مكانا على الساحة الجمعوية، غير أن البداية لم تكن مشجعة في غياب مقر قار لها، إذ بدأت داخل أسوار المستشفى الجامعي ابن سينا، ، وعملت على توزيع الأدوية على المرضى المعوزين غير القادرين على دفع فاتورة الأدوية المرتفعة، وتطور أداء الجمعية وعرف تحسنا كبيرا بعد حصولها على مقر منحته لها جهة الرباطسلا زمور زعير والكائن باليوسفية بالرباط الذي يتوجه إليه كل معوز في حاجة إلى الدواء. وتقدم الجمعية أنواعا عديدة من الخدمات يمكن تصنيفها إلى ثلاثة؛ أول هذه الأنواع هو تقديم الأدوية لأصحاب الأمراض المزمنة الذين يتناولون الدواء بصفة مستمرة مثل أمراض السكري والقلب والربو، وتعرف هذه الأدوية بأثمنتها المرتفعة، ويتوفر هؤلاء المرضى على بطائق تسلم لهم وتنجز باسمهم ملفات تحتوي على وثيقة تثبت وضعيتهم الإجتماعية وورقة الطبيب المختص التي تثبت نوعية الأمراض التي يعانون منها، وتسجل بهذا الملف مختلف الأدوية التي يحصل عليها المريض في كل مرة يستفيدُ منها. وتتمثل باقي الأنشطة في أيام طبية تقام بمقر الجمعية، وتشمل تخصصات متنوعة، مثل طب الأطفال، أمراض النساء وأمراض السكري والقلب، وكذلك تنظيم أيام طبية لإعذار أطفال تحت إشراف أطباء مختصين. وتضاف إلى الأنشطة السابقة قوافل طبية عبارة عن مستشفيات متحركة تضم مختلف التخصصات الطبية، حيث تتم الاستعانة بشاحنات كبرى مجهزة بمختلف الأجهزة والمعدات الطبية التي توفرها مؤسسة محمد الخامس للتضامن بالإضافة الى كل هذا تقوم جمعية العمل الإستعجالي بتنظيم حملات تحسيسية بمجموعة من الفضاءات، مثل المدارس والثانويات والجامعات معرفة بأخطار بعض الظواهر غير الصحية.. وأبرمت الجمعية عدة اتفاقيات شراكة مع مجموعة من الجمعيات والمنظمات الأخرى حيث تحصل على الدعم المادي، فالجهة توفر المقر وكذا تغطية مصاريف الماء والكهرباء بالإضافة الى التمويل من قبل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وشراكات أخرى مع وزارة الصحة واتحاد نساء المغرب ومستشفى ابن سينا بالإضافة الى اتفاقيات شراكة مع بعض الجماعات المحلية. الى جانب هذه الإتفاقيات المحلية، تتوفر الجمعية على شراكات مع جمعيات فرنسية تمنحها الأدوية والمعدات الطبية من كراسي طبية، وأسرة وتجهيزات طبية أخرى، تعمل الجمعية على إيصالها لمن يحتاجها من المواطنين. أغلب الحالات المستفيدة هم من ذوي الأمراض المزمنة كالسكري والضغط الدموي وأمراض القلب والشرايين وكذا الربو وجل الحالات تجاوزت عقدها الخامس. يامنة مفتاح 88 سنة واحدة من المستفيدات، حيث تعاني من أمراض السكري والضغط الدموي، وتحصل على الدواء مرة كل شهر منذ ما يزيد عن سنة ونصف، حيث تحصل عليه مجانا، وقد أعربت عن امتنانها الشديد للجمعية التي تخفف عليها عبء الأدوية غالية الثمن. باهية عزة 57 سنة تعاني من مرض الضيقة المزمنة، هي الأخرى تحصل على الدواء من طرف الجمعية مجانا منذ سنتين، حيث تقصد مقر الجمعية بانتظام كل شهر وترجع أدراجها ومعها الدواء الكافي لمدة شهر. حالات عديدة التقيناها يصل عددها الى 200 حالة كل شهر، وأغلبها من أمراض الربو والسكري. وتمثل هذه المبادرات الطموحة إشعاعا كبيرا للمواطنين وخاصة من هم في وضعية صعبة ينبغي دعمها وتشجيعها حتى تقوم بدورها على أكمل وجه في خدمة الصالح العام.