بدأ صبر تركيا ينفد بسبب الفتور الذي تلقاه من الاتحاد الأوروبي، كما أن مقاومة محاولتها الانضمام لعضوية الاتحاد بدأت تؤجج طموح أنقرة لتولي وجهها شطر العالم الإسلامي. فقد قال الرئيس التركي، عبد الله غل، إن الاتحاد الأوروبي وقادته يقفون عند منعطف تاريخي، وعليهم أن يقرروا ما إذا كانوا مرحبين بعضوية تركيا أم لا. ونقلت صحيفة ال«تايمز» البريطانية عن مراسلها في أنقرة، تشارلز بريمنر، قوله إن غل عبر عن إحباطه من شبه الجمود الذي أصاب تقدم المباحثات التركية مع الاتحاد الأوروبي التي بدأت عام 2005، وتأكيده أن قادة الاتحاد وصلوا إلى نقطة يحتاجون فيها إلى تقرير ما إذا كان الاتحاد كيانا مغلقا، أو ما إذا كانت الحدود الحالية للاتحاد الأوروبي هي التي ستحدده للأبد، أو ما إذا كان ينبغي عليه أن يخطط لخمسين سنة قادمة والتفكير في أحفاده والمستقبل. وقالت الصحيفة إن غل كان لاذعا فيما أسماه استغلال الاتحاد الأوروبي للنزاع حول شمال قبرص التركية لعرقلة النقاشات مع بروكسل. وقال إن تركيا -وهي الدولة الوحيدة التي تعترف بشمال قبرص كدولة- لم تكن لتقبل معاملة القبارصة الشماليين كمجرمين وقتلة وغاسلي أموال، ولم تذكر الصحيفة المناسبة التي تحدث فيها الرئيس التركي. كذلك انتقد المعارضة الصريحة، التي أبداها الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، لعضوية تركيا ، والبرود الذي تلقاه من المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل. وقال إن حجة ساركوزي -التي يشاركه فيها بشكل أقل علنا كثير من الساسة- هي أن حدود الاتحاد الأوروبي يجب ألا تمتد أبدا إلى آسيا الصغرى أو ما يعرف بالأناضول. وأكد غل رغبة تركيا المستمرة في الانضمام الكامل للاتحاد الأوروبي، لكن نبرته جسدت تأكيدا لتوجه جديد في أنقرة منذ أن بدأ رئيس الحكومة، رجب طيب أردوغان، تشجيعه المكثف للصداقة مع إيران والعالم العربي وأفريقيا وأميركا اللاتينية. ومع نمو اقتصادي قوي وكثافة سكانية تزيد على 73 مليون نسمة، تعتقد تركيا أكثر فأكثر أن باستطاعتها الاستغناء عن عضوية كاملة في تنظيم تربطها به بالفعل تجارة حرة. يذكر أن مؤيدي عضوية تركيا -التي تبدو الآن غير محتملة قبل عام 2020- يرون أن ظهور ديمقراطية كبيرة يحركها الإسلام ، هو بمثابة هبة للغرب وجسر للعالم الإسلامي، وبريطانيا والولايات المتحدة من مؤيدي هذا المعسكر. وهناك آخرون يرون في حركة تركيا بعيدا عن العلمانية تراجعا عن النموذج الغربي الذي سارت الدولة في دربه لعقود، وهي عضو في حلف شمال الأطلسي( الناتو ) لنحو 60 عاما.