تمكن الإتحاد الاوروبي من تجنب ازمة جديدة حول تركيا وفتح ليل الاثنين الثلاثاء في لوكمسبورغ محادثات الانضمام التاريخية مع انقرة التي تعبر عن طموحاتها الاوروبية منذ 42 عاما. وتمكنت كرواتيا ايضا من الحصول على قرار مماثل بفتح مفاوضات الانضمام بعد تحول مفاجىء في موقف مدعية محكمة الجزاء الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة كارلا ديل بونتي التي اعتبرت ان زغرب اصبحت تتعاون "بشكل كامل" مع المحكمة. ورحب وزير الخارجية البريطاني جاك سترو بهذه الخطوة بعد التوصل الى اتفاق بصعوبة بخصوص تركيا الذي كانت تعرقله النمسا. وقال انه "يوم تاريخي لاوروبا وللمجموعة الدولية باسرها ... نحن كلنا فائزون". من جهته قال وزير الخارجية التركي عبد الله غول الذي وصل قبيل منتصف الليل الى لوكسمبورغ لحضور حفل رمزي ومقتضب لفتح المفاوضات "لقد اجتزنا منعطفا تاريخيا". والقى غول كلمة امام وزراء خارجية الدول الاوروبية ال25 "اعتبرت بناءة جدا ولاقت تصفيقا" على حد قول احد الدبلوماسيين. واشاد سترو بالالتزام بالجدول الزمني الذي حدد السنة الماضية لفتح مفاوضات الانضمام مع تركيا رغم التاخر امس. وقال ممازحا "لقد تمكنا من الالتزام بموعد 3 اكتوبر لانني بدأت بالتحدث قبيل منتصف الليل بتوقيت بريطانيا". واكد سترو ان امام تركيا الآن "طريقا طويلا" قبل الانضمام فعليا الى الاتحاد وهو امر لا يضمنه بشكل قاطع اطار المفاوضات الذي تم الاتفاق عليه. واضاف وزير الخارجية البريطاني ان "العملية ستكون صعبة وتشكل تحديا. لكننا واثقون في تصميمكم وسندعم جهودكم". من جهته شدد وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست-بلازي ان "نتيجة المفاوضات غير معروفة مسبقا". وقال غول من جانبه "المهم بالنسبة لنا هو ان فرصة انضمام تركيا التام واضحة للغاية. ليس هناك بديل مثل شراكة مميزة". ولفت غول الى ان تركيا الدولة الاسلامية ذات النظام العلماني والتي تقيم علاقات مميزة مع جمهوريات اسيا الوسطى الناطقة بالتركية ومع العالم الاسلامي، ستقدم مساهمتها الى الاتحاد الاوروبي بعد انضمامها اليه. وقال "حين ستنضم تركيا الى الاتحاد الاوروبي، فان جميع هذه الدول ستشعر انها ممثلة في الاتحاد. ان انضمام تركيا سيقدم مساهمات مهمة للاتحاد الاوروبي ويتميز باهمية استراتيجية". وكان فتح مفاوضات الانضمام مع انقرة يشكل اولوية مهمة للرئاسة البريطانية للاتحاد الاوروبي بدعم ضمني من الولاياتالمتحدة التي تشكل تركيا ابرز حلفائها ضمن حلف شمال الاطلسي. وقامت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس شخصيا بالاتصال بغول الاحد والاثنين لحثه على قبول الشروط التي عرضها الاوروبيون. لكن الهدف الرئيسي لرئيس الوزراء البريطاني توني بلير كان على وشك التعثر في لوكسمبورغ بسبب موقف النمسا. فقد قامت الرئاسة البريطانية باكثر من 24 ساعة من المداولات الشاقة لحمل فيينا على الموافقة مع شركائها الباقيين على اطار المفاوضات. وكان سترو حذر من عواقب "كارثية" في حال عدم التوصل الى اجماع. وكان من شأن فشل الاوروبيين في التوصل الى فتح المفاوضات مع تركيا، اغراق الاتحاد الاوروبي في ازمة مفتوحة جديدة بعد رفض الرأي العام في فرنسا وهولندا الدستور الاوروبي في عمليتي استفتاء بالاضافة الى زيادة التوتر مع تركيا. وكانت النمسا تصر في بادىء الامر على اعادة النظر في التسوية الاولى حول فتح مفاوضات الانضمام مع انقرة التي توصل اليها رؤساء دول وحكومات الاتحاد الاوروبي في ديسمبر 2004 وبينهم المستشار النمساوي ولفغانغ شوسل. والنمسا وجدت نفسها معزولة ولم تتمكن في نهاية المطاف من الحصول على "بديل" للانضمام مثل "شراكة مميزة" الذي كانت تطالب به، وهي في مواجهة رأي عام يعارض بكثافة انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي. واذا كان الدبلوماسيون ينفون حصول اي صفقة بخصوص الملفين، الا ان ما دفع فيينا الى العدول عن استخدام الفيتو هو قيام الاتحاد بفتح مفاوضات الانضمام مع كرواتيا في موازاة الخطوة المماثلة التي اتخذت لصالح تركيا. وفي تحول اخر في اللحظة الاخيرة، اكدت كارلا ديل بونتي التي كانت حتى الجمعة تعبر عن "خيبتها" من تعاون زغرب مع محكمة الجزاء الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة، في لوكسمبورغ انه "منذ بضعة اسابيع، بدأت كرواتيا بالتعاون بشكل كامل". وكان الاوروبيون ارجأوا في مارس الى اجل غير مسمى فتح المفاوضات مع زغرب بسبب تباطوء السلطات الكرواتية في اعتقال الجنرال الفار انتي غوتوفينا الذي وجهت اليه المحكمة في لاهاي الاتهامات عام 2001.