قولوا ماشئتم في مدينة الدارالبيضاء وعبروا عما في صدوركم من غضب على مالا يعجبكم في أزقتها وشوارعها وإداراتها وحافلاتها وطاكسياتها وعلى مايضايقكم من خصومات ومشاحنات بين السكان وعلى ما يرعبكم من خطر العصابات الإجرامية وعلى ما يحزنكم من تصرفات أولادكم وبناتكم وعلى مايزعجكم من شغب الجماهير الرياضية بعد انتهاء المباريات ومن ضجيج السكارى في آخر الليل. وعبروا عن اشمئزازكم بالتفوه بجميع مفردات الشتائم واللعنات والقدح واللمز... قولوا ماشئتم ولكن غضبكم لايعني أنكم تكرهون مدينتكم.. بل انتم تحبونها أعمق وأكثر لأنكم تأملون ان تصبح أرقى وأجمل ولأنكم تحبونها بعيون مفتوحة وليس بقلب أعمى فقلوبكم تنبض بحب «كراج علال ودرب عمر وجوطية درب غلف والسويقات وصفوف الفراشة وقيسارية الحفارى» ولكن عيونكم تشرئب لشوارع باريس ولنون وروما ومدريد وكوبنهاغن». وقلوبكم تخفق بحب الوداد والرجاء ولكن عيونكم تتكحل برؤية البارصا والريال والانتير وبايير ميونيخ وشيلسي». وفي قلوبكم شهوة للكسكس والحرشة ولمسمن ولكرعين والدوارة «وبراد أتاي سخون» ولكن عينكم تشتهي الهومبوركر والدجاج المشوي والشوارما والفيلى» فهذه الهواجس التي تكتوي بها جوانحكم دليل على حرقتكم من واقع الحال الذي يستفزكم.. وهذه المشاعر التي تجر حكم لاتعتري إلا أفراد الشعوب الواعية التي تتطلع إلى مستقبل أفضل. ولكن عيبكم أنكم تكتفون بالشكوى ثم تزيدون حطبا على النار... وتراكمون نفايات فوق الأزبال وتضاعفون للمرتشي «تدويرته» وتشجعون الظالم على جبروته فعندما غرق جحا وجاءه الناس يعاتبونه لأنه دخل البحر وهو لايحسن السباحة، قال لهم: انقذوني أولا ثم لوموني» فبدلا من اللوم والعتاب انقذوا ما يمكن انقاذه وقال المتنبي ... ولم أر في عيوب الناس نقصا كنقص القادرين على الكمال. فأنتم لكم القدرة والوعي لاكتشاف عيوب مدينتكم ولكن تنقصكم الإرادة لإصلاحها. وقال أحد المتصوفة: رأيت نفسي في النار فقلت لها يانفس ماذا تطلبين؟ قالت: ان أعود إلى الدنيا واعمل خيرا لأنجو من هذا الجحيم، ثم رأيت نفسي في الجنة فقلت لها يانفس: ماذا تشتهين؟ قالت: ان أعود الى الدنيا واكثر من الخير لأخلد في هذا النعيم.. فصحوت من نومي وقلت لها: يانفس ها أنت في الدنيا فاعملي» وهذه مدينتكم وأنتم أهلها.. فاعملوا الخير.. ولاتكتفوا بعلن الشر.