شاعر.. بحر.. قراصنة

وُلِدَتْ قَوافٍ في حَشايا المُلْهَمِ،
نُطَفاً
يُغَطّيها نَسيجُ الأَعْظُمِ،
ونَمَتْ كَما تَنْمو الزُّهورُ بِرَبْوَةٍ بِكْرٍ
تُداعِبُها رِياحُ المَوْسِمِ.
فَتَحَتْ مَرايا الأَبْجَدِيَّةِ
قَلْبَها،
فَتَساقَطَتْ دُرَرُ القصائِدِ تَرْتَمي،
والشِّعْرُ تَعْزِفُهُ الحَساسينُ التي تَرْمي السَّعادَةَ
في حَشا المُتَأَلِّمِ.
تَفْنى تَراتيلُ اليَمامَةِ كُلَّما صُدِمَتْ مَعانيها
بِصَرْخَةِ ضَيْغَمِ.
جُرِحَ المَساءُ بِطَعْنَةٍ مَجْنونَةٍ،
فَتَدَفَّقَ الحِبْرُ الحَزينُ بِمَرْسَمي.
في عَتْمَةِ اللَّوْحاتِ أَرْسُمُ شاعِراً يَبْني
قَوائِمَ كَهْفِهِ المُتَهَدِّمِ،
وأَميرَةً فَمُها النَّشيدُ،
وقَلْبُها وَطَنٌ تُؤَثِّثُهُ لِكُلِّ مُحَطَّمِ..
ماذا أَرى؟
أَسَفينَةً تَغْتالُني بينَ الطَّحالِبِ والرَّدى المُتَهَكِّمِ
أَمْ كائِناً بينَ العُبابِ يَجُرُّني فَزِعاً
بِداخِلِ عالَمٍ مَتَرَدِّمِ؟
سَرَقَ القَراصِنَةُ المَحاراتِ التي لَمَعَتْ ثَناياها
كَثَغْرِ مُتَيَّمِ،
كَسَروا تَماثيلَ الجَمالِ
ولَمْ تَزَلْ
في القَلْبِ(جوكانْدا) يُقَبِّلُها فَمي،
ومَضَوا بِلا نَدَمٍ كَأَنَّ رِكابَهُمْ
خُلِقَتْ مِنَ العَدَمِ المُخيفِ المُعْتِمِ!
يا لَيْتَهُمْ تَرَكوا النَّوارِسَ
تَغْتَدي مِثْلَ العَرائِسِ في خَيالِ المُغْرَمِ..
كَيْفَ امْتِطاءُ البَحْرِ في وَضَحِ الدُّجى
والمَوْجَةُ ارْتَطَمَتْ بِأَجْنِحَةِ الدَّمِ؟
لَمّا رَأَيْتُ الفَنَّ يَجْرَحُهُ الصَّدى
لَمْ أَبْكِ كَالثَّكْلى بِلَيْلِ المَأْثَمِ،
لَكِنَّني أَدْخَلْتُ في قَفَصي يَدي لِيَطيرَ سِرْبُ الشِّعْر
ِ فَوْقَ الأَنْجُمِ.
هَذي القَصائِدُ طالَما رَبَّيْتُها
في كوخِ أَحْلامي وحَقْلِ تَوَهُّمي؛
أَفْرَشْتُ روحي غُرْفَةً
لِمَجازِها،
وسَقَيْتُها لُغَةَ الكِنايَةِ مِنْ دَمي.
قَسَماً بِرَبِّ مُحَمَّدٍ ما خُنْتُها
هِيَ فَجْرُ قُرْباني وزَهْرَةُ مَغْنَمي..