صدر للدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة الإيسيسكو كتاب جديد باللغة الانجليزية، بعنوان : »أمريكا والعالم الإسلامي«. وجاء في المقدمة التي كتبها المؤلف لكتابه الجديد: »تحتاج العلاقة بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والعالم الإسلامي، إلى دراسة أكاديمية معمقة تتناولها من شتى الجوانب، وهي التي تعود إلى الفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية التي شهدت الحضور الأمريكي في الساحة العربية الإسلامية من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادي، في أعقاب تراجع حضور القوى الأوروبية التي كانت تنفرد بالمنطقة منذ فترة ما قبل القرن العشرين، وذلك من أجل الوقوف على طبيعة هذه العلاقة، وعلى العوامل التي كانت تؤثر فيها، ولعل بعضها ما يزال يؤثر فيها حتى اليوم«. وقال المؤلف: »لقد ظهرت الولاياتالمتحدةالأمريكية على الساحة الدولية كقوة نافذة عسكريا واقتصاديا، خلال الحرب العالمية الأولى، ثم تبلورت العلاقات الأمريكية الدولية بعد ذلك، حتى إذا نشبت الحرب العالمية الثانية، تصدرت أمريكا مقدمة القوى الدولية، حيث كان لثقلها العسكري والتكنولوجي، الدور الحاسم في انتصار الحلفاء وهزيمة المحور، فخرجت من أتون الحرب قوة رادعة ذات نفوذ واسع الانتشار، تمكنت به من الوقوف في وجه المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفياتي السابق، طوال سنوات الحرب الباردة التي انتهت بانتصار المعسكر الرأسمالي بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية، وسقوط حائط برلين الذي كان يرمز إلى عهد الأنظمة الشاملة القاهرة لإرادة الشعوب الخاضعة لهيمنتها«. ومضى الدكتور عبد العزيز التويجري يقول في المقدمة: »لقد كانت الصورة التي وصلت إلى العالم الإسلامي عن الولاياتالمتحدةالأمريكية، في مطالع القرن العشرين، مقترنة بالمبادئ السامية والقيم المثلى الواردة في وثيقة الاستقلال الأمريكي والمتضمنة في الدستور الأمريكي. كانت تلك الصورة زاهية بحق. وكان الرأي العام العربي الإسلامي، ينظر إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية باعتبارها قلعة للحرية وحصنا للديمقراطية وأرضا للتعددية العرقية والمذهبية والثقافية المنصهرة في بوتقة المواطنة الأمريكية. ولكن الصورة شابها شيء غير قليل من الغبش، بسبب من المواقف التي اتخذتها الولاياتالمتحدةالأمريكية. إزاء قضية الشعب الفلسطيني الذي احتلت أراضيه الوطنية بناء على وعد بلفور وانتهكت حقوقه وسفكت دماء الآلاف من أبنائه، بعد قيام إسرائيل في سنة 1948، وعلى مدى أكثر من ستين عاما من المعاناة القاسية والمحن المتتالية التي عاشها هذا الشعب الذي لم يجد من لدن الولاياتالمتحدةالأمريكية أو من لدن الدول الكبرى الأخرى، أيّ دعم أو مساندة، مما فتح المجال أمام إسرائيل، لممارسة المزيد من العدوان ضدّ الشعب الفلسطيني وارتكاب الجرائم التي يعاقب عليها القانون الدولي في حقه، وشجعها على عدم تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة التي اعترفت بحقوقه الشرعية والوطنية«. وأوضح المؤلف إن السياسة الجديدة التي جاءت بها إدارة الرئيس باراك أوباما تجاه قضايا العالم الإسلامي، كانت مثار ارتياح لدى قطاع واسع من الرأي العام العربي الإسلامي. وقال : »كنت أحد الذين تجاوبوا مع هذا التوجّه الجديد المبشر بالتحول الذي طال انتظارنا له. فقد نشرت عدة مقالات في جريدة (الحياة)، إحدى أوسع الصحف العربية والتي تصدر من لندن وتوزع في العالم العربي وفي مناطق شتى من العالم، حول العلاقة بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والعالم الإسلامي، حللت فيها من خلال رؤية مستوعبة لمعطيات الواقع ولآفاق المستقبل، أبعاد هذه العلاقة التي أكدت في مقالاتي التي أعيد نشرها في هذا الكتاب مترجمة إلى اللغة الإنجليزية، على إبراز معناها العميق الذي يشكل قوة دفع للتعاون الإيجابي والمثمر بين الجانبين في إطار الاحترام المتبادل والحفاظ على المصالح المشتركة«. وقال المدير العام للإيسيسكو مستخلصا العبرة من علاقة أمريكا بالعالم الإسلامي: »إنّ الدروس المستفادة من التجارب المتراكمة على مدى أكثر من سبعة عقود، تؤكد على حقيقة ذات قيمة بالغة، مفادها أن تحسين صورة الولاياتالمتحدةالأمريكية في العالم الإسلامي، بل في العالم أجمع، يرتبط إلى حد كبير، بمدى التزام الإدارة الأمريكية بروح وثيقة الاستقلال وبمبادئ الدستور الأمريكي، واحترام ميثاق الأممالمتحدة في علاقاتها الدولية، وخصوصا في علاقاتها مع الدول النامية التي تتطلع إلى دعم أمريكا لجهودها في التنمية والتطوّر، ومنها دول العالم الإسلامي، وعددها سبع وخمسون دولة أعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي. فتلك هي السبيل، إلى قيام الولاياتالمتحدةالأمريكية بدورها الإنساني الحضاري الكبير في نشر الأمن والسلام واستقرار العلاقات الدولية ونمائها وبناء القواعد المتينة لمستقبل إنساني مشرق ومزدهر«. وختم الدكتور عبد العزيز التويجري مقدمة كتابه الجديد بقوله: »إن ثمة قواسم مشتركة بين القيم الإسلامية ومبادئ الحضارة الإسلامية، وبين روح وثيقة الاستقلال الأمريكي والدستور الأمريكي. وهذا وحده يكفي للدفع بالعلاقة بين أمريكا والعالم الإسلامي إلى الأمام«.