أجمع أغلب الخبراء العرب المجتمعين مؤخرا بالقاهرة في إطار لقاء ممثلي الدول العربية لتنسيق المواقف بشأن المحكمة الجنائية الدولية على رفض الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية بسبب ما وصفوه بممارساتها غير المستقلة. وعند متم يوليوز 2008، صادقت 108 دول على معاهدة المحكمة الجنائية الدولية ، من بينها 3 دول عربية فقط هي: الأردن وجيبوتي، بالاضافة الى جزر القمر . وكان المغرب قد شارك سنة 1998 في المؤتمر الدبلوماسي للأمم المتحدة المعني بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية. وسبق له وأن وقع على النظام المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية في سبتمبر 2000، لكنه لم يصادق عليه الى الساعة . ويتزامن لقاء الخبراء العرب بالقاهرة الساعي الى وضع تصور عربي موحد بشأن المواضيع المطروحة على المؤتمر الاستعراضي للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، المقرر عقده في العاصمة الأوغندية كمبالا في 31 ماي القادم ، مع ضغوط دولية تمارس على العديد من الدول العربية المتحفظة على ما تعتبره بتناقض و تضارب في اختصاصات المحكمة الجنائية الدولية بغية تكسير الصف العربي المناهض للصيغة القانونية للمؤسسة الدولية التي تروج لها العديد من الهيئات والتنظيمات الحقوقية الدولية . و كان ما يطلق عليه بتحالف المحكمة الجنائية الدولية وهو شبكة عالمية تضم أكثر من 2500 منظمة من منظمات المجتمع المدني قد دعا خلال فبراير الفارط المملكةَ المغربية بأن تعبر عن التزامها بالعدالة الدولية وسيادة القانون، وإعمال مبدئ عدم الافلات من العقاب؛ من خلال مصادقتها على نظام روما الأساسي ، وهو الاتفاقية المنشئة للمحكمة الجنائية الدولية. وقد دخل نظام روما حيز النفاذ في يوليو 2002 عندما صادقت عليه 110 دولة ، فيما بلغ عدد الدول الموقعة 139. وحثَّ وليام بيس، مدير التحالف الدولي للمحكمة الجنائية الدولية، المغرب على المصادقة ، بالنظر إلى اعتبارات مختلفة، في مقدمتها ضرورة أن تكون جميع المناطق والثقافات والأنظمة القانونية في العالم ممثلة في جمعية الدول الأطراف في نظام روما الأساسي" و شدد بيس في رسالة له للحكومة المغربية بأن" مصادقة المغرب من شأنها أن تعزز الصوت العربي في المحكمة الجنائية الدولية كما أنها ستشجع الدول المجاورة في المنطقة على الانضمام إلى المحكمة". بالاضافة الى "تمكين للمغرب في حالة استكماله التوقيع ، بالمصادقة على نظام روما،من المشاركة في انتخابات القضاة والانتخابات الأخرى الخاصة بوظائف المحكمة ابتداء من فاتح ماي المقبل . و يرتكز تحفظ المغرب الى حد الساعة في المصادقة الى عدم تلاؤم أحكام معينة من النظام الأساسي للمحكمة مع الدستور المغربي والتشريعات المحلية، خصوصا فيما يتعلق ب»السيادة الوطنية، ومبدأ الحصانة، والعفو، وتسليم الأشخاص، وإسقاط المتابعة بتقادم الجرائم . كما أنه يلتقي مع الدول العربية في مناهضة الصيغة المقترحة لنظام هذه المؤسسة القانونية و التي تثير التخوفات العربية بشأن المادة ال 16 من النظام الأساسي للمحكمة التي تعطي مجلس الأمن صلاحية وقف إجراءات المحكمة لمدة عام، وكذا الفقرة الثانية من المادة 13 التي تعطي مجلس الأمن حق إحالة القضايا على المحكمة، و هو ما يتعارض مع مقررات المؤتمر الاستعراضي الأول الخاص بالمحكمة الذي أكدت فيه كل الدول بما فيها العربية أن المحكمة يجب ألا تسيس، وأن تبقى مستقلة. ولا تخضع للتوجيه المباشر لمجلس الأمن الدولي مع ما ينطوي عليه الأمر من تعسف و توظيف سياسي كما هو الحال بنازلة ملاحقة الرئيس السوداني عمر البشير التي تشكل محط خلاف في التقدير بين المجموعة العربية و أطراف نافذة بمجلس الأمن .