أظن قد حان الوقت لنكف عن العويل والثرثرة وأيضا الجري وراء الرجل ووراء أنفسنا، ونقف لأخذ نفس جديد وقطف ما تم جنيه من ثمار.. أظنها أينعت بعد كل هذه السنوات من إخراج مدونة حسمت في صراعات أرهقت جباه القضاة والأطفال وحتى هؤلاء من يطلق عليهم النساء والرجال، وأكاد أقول أنني شخصيا بت غير معنية ب 8 مارس ..فالمدارس في بلادي مفتوحة في وجوه الذكور والإناث من مدارس الهندسة إلى مدارس الحلاقة ..وأيضا الجامعات والمعامل والمطارات وكما هي المحاكم أيضا مفتوحة والسجون وكل البلاوي بلا تمييز مبني على النوع..فعلى النساء أن تكف عن فتح النافذة والباب والرحم والتحول عن سبق إصرار وترصد إلى ضحايا يتبعهن" ضحايا" عواطفهن المرضية واختياراتهن العشوائية وأيضا إتباعهن لهوى الحب والإنجاب وتقاليد مهلكة... فالملك الشاب أول ما أرساه في يم مسؤولياته، هو قانون الأسرة الجديد أي المدونة..وقد حان الوقت للكف عن تكرار نفس الكلام ولبس رداء الضحية فللمرأة أن تزوج نفسها وان تطلب الطلاق وان تقرر في ممتلكاتها وان تسافر وان تعمل وان تلد أو لا تلد..وان تكون أو لا تكون.. وأيضا على كل امرأة أن توجد لنفسها خريطة تتوفر فيها كل شروط الحياة الكريمة ، وان لا تدخل إليها كل من هب ودب ..فالقانون أو القاضي أو الأب غير مسؤولين عن الاختيارات السيئة ..وعن الزواج غير المتكافئ.. وعن قبولك الزواج بالسكير أو الحشاش أو البخيل والسكير والعاطل والعنيف ومن أراد إشباع النزوة فقط... فمن كان يظن قبل عشر سنوات أن المرأة في المغرب ستزوج نفسها..وستمنح جنسيتها لابن من"كاوري" او خليجي "أو إفريقي " أو من أي جنس هي أرادت في أيام العسل أن تدمج دماءها بدمائه، وتشحن رحمها منه لتكون أما لأجنبي بحكم القانون و كان حريا بها قبل أن ترتبط بالحبيب الأجنبي أن تطلع على القانون..الذي يعتبر ابنها أجنبيا حتى لو انزلق من رحمها المغربي.. اما الزوج الذي تحول بعد العشرة إلى عدو لذود فلم يسقط عليها من السماء أو صادفته مرميا عند حدود بيتها، بل هي من اختارته واختارت الارتباط به، وكان من المفروض أن تعرف التبعات قبل أن تلوذ بصمت الرضا أمام ولي الأمر الذي ذهبت ولايته أدراج الرياح..وبعد كل هذا جاء القانون الرحيم ليحميها ويحمي ذريتها التي كانت إلى حين أجنبية بحكم القانون بإعطائها حق نقل جنسيتها لابنها ، وقطع الطريق على الأزواج الأجانب لأخذ أبنائهم معهم في حالة الطلاق..وأظن أن هذه النعمة تذوقتها من كن حتى الأمس القريب يبكين أمام السفارات أو أمام المحاكم .. أخيرا التقيت شابا من زواج مختلط الأب من بلد عربي والأم مغربية كان الشاب الطالب خجولا مضطربا وخلال حديث عابر معه فرضته اللحظة .. اسر لي ربما في حالة سهو منه معاناته الشديدة في ابتعاد أبيه ذو الجنسية الأجنبية عنه وافتقاده له ورغبته الشديدة في الرحيل، والسفر إليه وحتى العيش معه..لكنه يخضع لرغبة أمه ويحترم تضحيتها من اجله هو و أخويه وتمكنها من تحقيق الاستقرار المادي لهم واستطاعت تحمل تبعات الطلاق من أجنبي غادر بلا رجعة تاركا"العيال" وأمهم بلا نفقة ولا يحزنون..وكأننا في بلاد السلاحف ضع بيضك وازحف على الرمال الساخنة الى الماء.. قلت للشاب قبل أن اتركه أمك تستحق تحية خاصة فقد حضنتكم دون أن تلجا إلى سفارة أو إمارة..وجعلت منك شابا يدرس في معهد عال..بعد تخرجك سافر إلى أبيك ربما يتذكر انك موجود.. ***** في مهنتنا هذه والتي تمكننا من اللقاء بجميع أصناف البشر مع وجود الاستثناء طبعا ..وخلال إجرائي لحوار مع رئيسة جمعية بالرباط معروفة بمواقفها المتشددة ومطالبها التي لا يحدها سقف أو أرضية كانت السيدة الرئيسة تدخن بشره ومما ألحت على ذكره في الحوار، ألحت على مسالة الإرث وعلى ضرورة انصياع الدولة للمواثيق الدولية دون اعتبار للحلال أو الحرام أو ما جاء في النص وما لم يجئ..وكنت أتابعها وهي تدخن وتشرب القهوة وتتحدث عن الحقوق التي يجب أن تتمتع بها النساء بدءا بالتساوي في الإرث إلى المنع المطلق للتعدد إلى إخراج قانون خاص يحمي النساء من "عصا" الرجال وما إلى ذلك ..وكانت بحق "مناضلة" وعصرية وتشبه الرجل في شرب القهوة والدخان ..وخرج الحوار ...لألتقي نفس "المناضلة" وقد وضعت جانبا رداء الجمعيات لتلبس رداء المسؤولية على قسم في وزارة ..وخلال غداء نظمته الوزيرة على شرف الجمعيات اللواتي حضرن اللقاء الذي ألقت فيه صاحبتنا خطبة مرتجلة تحدثت فيها فقط عن المكاسب وعن مجهودات الوزارة مهملة القوانين التي كانت تطالب بها بإلحاح وتعصب وهي ناشطة جمعوية حتى ايام قريبة..أثناء الغداء كانت إلى جانبي موظفة قادمة من إحدى مدن الجنوب جاءت للرباط لتحضر الندوة ممثلة للقطاع الذي تمثله وذلك في إطار إدماج سياسة النوع الاجتماعي داخل الإدارات العمومية.. على أي سقطت نظرات الموظفة التي دخلت أنا وهي في حديث عشوائي على صاحبتنا وإذا بها تقول" أتعرفين تلك... كانت تأتي عندنا للدوار الذي تسكنه عائلتي في نواحي تارودانت في إطار قوافل كانت تنظمها الجمعية التي كانت ترأسها..كانت "تأكل وتشرب" .الآن "نكراتني"بعد أن أصبحت رئيسة مصلحة في الوزارة ..وكأنها لا تعرفني متابعة وهي تغمس نظراتها في الصحن الفارغ "على محال غدي يتبعوا النسا ديال الدوار حتى يخرجو عليهم" **** ظاهرة أخرى بات الحديث عنها ضروريا ليس على أعمدة الصحف فقط بل على موائد الطعام وموائد المسؤولين بدءا من المدرسة إلى إدارة الأمن إلى الوزيرة المعنية والوزير المعني.. وفي النهاية كلنا معنيون..الظاهرة هي اكتساح المخدرات لحقائب وجيوب وأدمغة المراهقات والمراهقين..وباتت الواحدة من هؤلاء لا تستحي من التوجه إلى بائع"الديطاي" عند ناصية الشارع لشراء"النيبرو" وقطعة الحشيش او القرقوبي و المعجون أو أي منتوج مهلوس لتذهب عقلها ..وتعيث فسادا في جسدها الذي لن تحميه لا مدونة أو قانون خاص أو قانون جنائي أو حتى قانون والدها ان كان او امها او مدرستها..وباتت الواحدة من هؤلاء لا تجد حرجا في مقاسمة ابن القسم او ابن الشارع القبل أما إن وجد السرير..أما الذكور فحدث ولا حرج فلم تعد تعرف من تحدث تلميذا أم حشاشا ام "بزناس" وبات الخوف هو المسيطر على اغلب الأسر، بعد أن أصبح فضاء المدرسة مفتوحا أمام مروجي المخدرات الذين يحولون بالترغيب والترهيب تلاميذ وتلميذات إلى "بزناسة" والزبائن هم التلاميذ طبعا ..لنصبح داخل مجتمع يرتعش من الخوف بعد أن أصبح المراهق الذي كان خلال العقود الأخيرة لا يجرؤ على النظر في وجه أبيه، أصبح لا ينظر فقط بل يسرقه وأحيانا قد يقتل.. وأصبحت جرائم الأصول منتشرة انتشار القرقوبي الذي أصبح يخيف الأسر أكثر مما تخيفها الفواتير وزمن بات كل شيء فيه يجعلك تلعن حتى قدرك ولو أن شريعتنا تحرم لعن الزمن والقدر ..فهم في النهاية بريئان مما نعيشه من انتكاس اجتماعي وأخلاقي فأي زمن هذا الذي باتت فيه البنت تفتخر هي الأخرى "بالسرتلة" التي وشمتها على يدها شفرة موس حلاقة او نصل سكين..وأمها كانت كأي امرأة في مغربنا الحبيب تحلم ب"سرتلة" الذهب أو الفضة..الذي كان الزوج يشتريها ليس رغما عن انفه بل حبا في الزوجة التي كانت تمثل" السكن والمودة والأكل الساخن والكلمة الحلوة والابناء الصالحين..حتى لو كانت ثرية ابن ثري.. احد الجيران اقفل باب بيته وعلق يافطة كتب عليها للبيع باع البيت بعد ان اضحى الحي متسخا بالجريمة والقرقوبي واشترى بيتا بسلا ..أمس فقط أخبرتني أمي انه باع بيت سلا ورحل الى مسقط رأسه في امزميز ودع جيرانه القدامى وأعلن لهم سبب الرحيل وذلك بقوله:" سأغادر قبل ان يضيع أولادي" تاركا الجمل بما حمل .. مؤكد لن نرحل ولو ساقتنا الظروف إلى محكمة الأسرة لنساند زوجة تحول زواجها إلى ما يشبه البيض الفاسد لا رجاء في إصلاحه.. ولن نيأس حين يتحول التلميذ إلى حشاش قد يكون الأخ ويجرك إلى قسم البوليس حاملا له الطعام بعد أن وضع تحت المراقبة النظرية صحبة المجرمين ...لن نيأس ..مادام في البلاد شرفاء ..وعلى رأس البلاد ملك مهيب يقشعر زغب بدنك حين تصادفه او تراه حتى ولو من وراء زجاج السيارة..ليس خوفا او تهيبا من السلطان بل حبا واحتراما.. وكل مارس ونساء بلادنا ورجالها في امن حتى نستطيع الخروج من كل ازماتنا..حتى لوا اختلفت هذه الأزمات وتشابكت وحملت أسماء كالقرقوبي او العنف او اغتصاب الاطفال او الامراض المستعصية..أو البوليساريو ..