المغرب يتعامل بذكاء وحزم حتى يفوت على اللوبي الانفصالي فرصة استثماره لخدمة أجندته التخريبية في انتظار أن تعلن السلطات العمومية المغربية عن نتائج التحقيق القضائي الذي تجريه في شأن الأحداث التي هزت قبل أسبوع مدينة السمارة وأدت إلى مقتل شخص وإصابة ثلاثة آخرين جروح اثنين منهم بالغة وكلهم مدنيون وهو التحقيق الذي أكد الممثل الدائم للمغرب لدى الأممالمتحدة، أن المملكة المغربية ستستخلص النتائج اللازمة منه، قبل خطوة الرد الذي تمليه سياقات الحادث، تبرز بشكل جلي البصمة الارهابية للحادث والمسؤولية السياسية والجنائية لجبهة البوليساريو الانفصالية تجاهه . خلاصات تؤكدها حالة التخبط والاضطراب التي تسم ردود فعل القيادة الانفصالية في تفسير وتبرير صلات ميليشيات مخيمات تندوف المسلحة بالحادث الإرهابي الجبان الذي طال العاصمة الروحية للصحراء المغربية و استهدف مناطق سكنية آهلة بمدنيين عزل و أبرياء ... مسؤولية البوليساريو عن الحادث الإرهابي تؤكدها عدد من القرائن المتواترة، أبرزها مسارعة القيادي الانفصالي المدعو منصور عمر ممثل الجبهة الانفصالية بأوروبا ساعات بعد الحادث الإرهابي الى الاعتداد به بمنصة إكس بمواقع التواصل الاجتماعي من خلال تغريدة أقر فيها بأن البوليساريو هي المسؤولة عن هذا العمل الوحشي الذي استهدف مبان سكنية بمدينة السمارة ومتذرعا فيما بعد أن تدخلت الجزائر بعنف معبرة عن غضبها نتيجة تخبط قيادات البوليساريو في التعليق على الحادث دون تقدير لعواقبه السياسية، أن "الحرب تؤدي دائما إلى أضرار جانبية ومتهما المغرب بمهاجمة" مدنيين صحراويين "بطائرات مسيرة بشكل يومي". القيادة الانفصالية التي بدا لها للوهلة الأولى أن الهالة الإعلامية التي أفرزها في اليوم الأول لحادث "السمارة"، والمتزامن مع تبني مجلس الأمن للقرار الجديد حول الوضع في الصحراء، من شأنه تأكيد حالة الحرب التي تنفيها تقارير الأممالمتحدة وبعثتها بعين المكان و تتبجح بها بشكل يومي منذ ثلاث سنوات البلاغات العسكرية الوهمية لجبهة البوليساريو وخاصة البلاغ رقم 901 الذي يعترف بشكل صريح بتنفيذ هجمات مسلحة على قطاع السمارة بالاسم ووقوع ضحايا بها , سرعان ما ستدرك ورطتها السياسية الناتجة عن العواقب السياسية و الدبلوماسية للفعل الاجرامي الذي سيرسم وضع ميليشيات البوليساريو في خانة المنظمات الإرهابية التي تستهدف مدنيين بالصحراء لتنضاف الى الأحداث الإرهابية التي تسببت فيها نهاية السبعينات وبداية الثمانينات من القرن الماضي ميليشيات البوليساريو الانفصالية باغتيالها بدم بارد عشرات الرعايا الاسبان المدنيين الذي كانوا يمارسون نشاط الصيد بسواحل جزر الكناري والتي ما زالت الجمعية الإسبانية الكنارية لضحايا إرهاب البوليساريو تناضل من أجل إنصاف ذاكرة ضحاياها الى اليوم و ملاحقة جلادي البوليساريو المتسببين فيها و على رأسهم زعيمها الحالي المطلوب اعتقاله من العدالة الاسبانية على خلفية ملفات حقوقية مخزية . ممثل البوليساريو المزعوم بالأممالمتحدة علق بدوره على الحادث بتأكيد بلاغ الجبهة الي يتبنى مسؤولية التفجيرات التي طالت أحياء سكنية و منطقة لا توجد بها أي أهداف عسكرية بأن حركته الانفصالية في حرب مع المغرب و بذلك فهي تهاجم جميع المواقع وأن الهجمات المغربية حسبه تسببت في مقتل 24 مدنيا، من بينهم صحراويون وجزائريون وموريتانيون. ممثل البوليساريو وهو يحاول ترويج وإقناع المنتظم بأن الحرب مع المغرب "أمر واقع" سيسقط بدوره في فخ توريط قيادته الانفصالية في فخ المحظور إنسانيا و قانونيا و دوليا حين سيحاول اختلاق أوجه شبه بين استهداف الغارات الجوية المغربية المركزة لمناطق واقعة بالشريط الحدودي البري الفاصل بين شمال موريتانيا و جنوب المغرب والذي يعتبر بمنطق القانون الدولي والمحلي مناطق أمنية عسكرية محظورة التجوال يقوم الجيش المغربي ضمن صلاحياته السيادية بتأمينها من تسلل العناصر ذات النوايا التخريبية أو الاجرامية، وهجوم مسلح بالصواريخ يطال منطقة سكنية بعيدة عن مناطق التماس العسكري والحدودي . فالجيش المغربي لم يجرؤ الى حدود اليوم على مهاجمة مخيمات تندوف رغم أنها تأوي خارج القانون و الأعراف الدولية ميليشيات مسلحة إنفصالية تستغلها كقاعدة خافية لبناء هجوماتها وعملياتها العسكرية التي تحاول استباحة حرمة و أمن و إستقرار و سيادة دولة مجاورة، وخرجة ممثل البوليساريو التي تؤكد نية الفعل الإرهابي و الاجرامي بسبق الإصرار و الترصد تشكل استمرارية منطقية لما ورد على لسان القيادي الانفصالي المكلف بأمن المخيمات السفاح المدعو والي لعكيك الذي كان قد هدد جهارا في تصريح له قبل سنتين لصحيفة الايكونوميست البريطانية باستهداف المدن المغربية ضمن خطط التصعيد العسكري للقيادة الانفصالية سنة واحدة بعد تنصلها من اتفاق وقف إطلاق النار الموقع برعاية و ضمانات أممية... ثم إن المغرب الذي ما فتىء يتحلى بسلوك ضبط النفس التزاما منه بالمسلسل السياسي الأممي الذي تقوده بشكل حصري الأممالمتحدة لمعالجة النزاع الإقليمي المفتعل، زيادة على ما أضحى يتوفر عليه اليوم من مبررات معقولة لعملية تحرير منطقة الكركرات من عناصر البوليساريو المسلحة و أسلحة سياسية ودبلوماسية تقوي مطلبه الى مجلس الأمن الدولي و المنتظم الدولي بضرورة إعلان جبهة البوليساريو الانفصالية تنظيما إرهابيا دوليا و التعامل معه مستقبلا على هذا الأساس , فإنه إضافة لما سبق لا يعدم الدوافع و المبررات لتأمين ما تبقى من المناطق العازلة جنوب وشرق الجدار الأمني الدفاعي بالصحراء المغربية متى تأكد له أن فرق بعثة المينورسو ومعها مؤسسات الأممالمتحدة قد أصبحت عاجزة عن فرض التزام الجزائر و صنيعتها الانفصالية باتفاق وقف إطلاق النار وبمقتضيات القانون و على رأسها حماية المواطنين المغاربة على كامل رقعة التراب الوطني من أجندات الجزائر التوسعية وتحرشاتها العسكرية المتواصلة وخطط القيادة الانفصالية بالرابوني التي تسعى إلى استدامة الخلاف المفتعل وخلخلة استقرار المنطقة ككل لتبرير وجودها الدبلوماسي الملتبس ... ضمن هذا السياق والأجرأة، يمكن فهم و تفسير سياقات انعقاد الاجتماع الرابع للجنة العسكرية المختلطة المغربية الموريتانية الذي احتضنته قبل أيام بنواكشوط، وما حفل به الاجتماع الأمني الرفيع من ترتيبات تتعلق بإرساء الأمن والاستقرار بالمنطقة و خاصة منطقة التماس الحدودي بين المغرب وأقصى شمال موريتانيا التي أعلنتها السلطات الموريتانية قبل سنتين منطقة محظورة والتي ما زالت عناصر انفصالية تتعمد استباحتها دوريا بغية توريط وإحراج السلطات الموريتانية واستدراج الجيش المغربي الى التدخل العسكري المباشر بما يخدم أجندة الانفصاليين الساعية لتلغيم وتسميم العلاقات الثنائية النموذجية التي تجمع المغرب بجارته الجنوبيةموريتانيا .