خالد شمت - برلين شنت معظم الصحف الألمانية هجوما حادّا على نتيجة الاستفتاء الذي أجري في سويسرا حول حظر بناء مآذن للمساجد الجديدة ، ودعت السويسريين إلى فتح نقاش جاد حول مشكلة اندماج الأجانب، والتعامل مع الوجود الإسلامي المتزايد في بلادهم. الاستفتاء أعاد سويسرا إلى ما قبل النهضة تحت عنوان "سويسرا تتراجع لمرحلة ما قبل النهضة" كتبت صحيفة « دي فيلت» اليمينية المحافظة أنه "على الرغم من أن حظر المآذن لا يعني منع بناء المساجد، فإن الاستفتاء أعاد سويسرا إلى مستوى ما قبل النهضة والتسامح الذي سعت أوروبا للوصول إليه". وذكرت الصحيفة "أن الموافقة السويسرية على منع تشييد المآذن ، مثلت إجابة خاطئة عن أسئلة حقيقية تشكل هواجس للمجتمعات الأوروبية ، وتتمحور حول كيفية التعامل الأنجع مع الوجود الإسلامي المتنامي فيها وحدود التسامح مع تقاليد تبدو بالية والوسيلة المناسبة لعزل نواة من المتطرفين عن أغلبية المسلمين". وخلصت الصحيفة إلى القول إن الحظر العام لبناء المآذن ، مثل صدمة قوية لأكثرية المسلمين السويسريين المنحدرين من أصول بوسنية وتركية ، ولم يقدم حلا لمشكلة الاندماج الملحة في سويسرا. ما جرى أعاد سويسرا إلى عصر الإيديولوجية وتحت عنوان "سويسرا تعطي ظهرها للعالم" ، علقت «دير تاغسشبيغيل» الليبرالية على الحظر السويسري للمآذن من زاوية أخرى، بقولها إن ما جرى أعاد سويسرا لعصر الأيديولوجية، وأظهر أن المعادين للإسلام في الدانمارك وهولندا وجدوا لدى السويسريين خصائص مشابهة لهم. ولفتت الصحيفة إلى أن سويسرا هي أكثر دولة في أوروبا والعالم احتياجا للارتباط مع غيرها والاستفادة من شبكات الاتصال العالمية ، موضحة أن الحياد ، والانفتاح العالمي، والوساطة المالية الأمينة ، والبنوك ذات السمعة الجيدة ، والتحول إلى مركز للدبلوماسية العالمية ، والموازنة بين التضامن الدولي والحفاظ على المصالح الخاصة ، هي الأسس الرئيسية التي بنت عليها سويسرا سمعتها العالمية. ورأت أن ما وقع سمم أجواء هذا البلد وأضر بسمعته على نطاق واسع ، وأن نتيجة الاستفتاء ليست موجهة فقط ضد المآذن أو الإسلام ، بقدر ما هي معادية لكل ما هو غريب ، محذرة من أن "كسب سويسرا للمليارات من الصفقات مع العالم العربي -وهي تبقي الإسلام خارج حدودها- لن يكون ممكنا بعد اليوم". أبراج الخوف السويسرية وتحت عنوان "أبراج الخوف السويسرية" ، كتبت صحيفة «فرانكفورتر روند شاو» الاشتراكية "جاء تأييد أغلبية السويسريين لمنع بناء المآذن في بلادهم مخالفا لكافة التوقعات، حيث عبرت الحكومة والأحزاب الكبيرة ، باستثناء حزب الشعب اليميني ، واتحاد رجال الأعمال والكنائس ، عن معارضتهم لمبادرة الحظر". واتهمت الصحيفة "الواقفين خلف الاستفتاء بأنهم -لما فشلوا في ترحيل المسلمين- سعوا لجعلهم مواطنين من الدرجة الثانية بحقوق أدنى مما يتمتع به الآخرون، وهو وضع يتعارض مع حظر الدستور السويسري لممارسة التمييز". واعتبرت أن المتطرفين اليمينيين ضخموا المخاوف الموجودة من الأجانب، واستغلوها أداة لترهيب مواطنيهم وتحقيق أهداف خاصة للحيلولة دون فتح حوار جاد حول مشكلة دمج المسلمين في المجتمع السويسري. وتوقعت الصحيفة أن تتزايد أعداد المآذن في سويسرا بالرغم من النجاح الذي حققته المبادرة اليمينية الداعية إلى منعها، ولفتت إلى ترجيح وزيرة العدل السويسرية أن تعتبر المحكمة الأوروبية في ستراسبورغ حظر بناء المساجد عملا مخالفا للقانون الدولي.