اشتعلت نار الغلاء، من جديد، بعدد من محطات الوقود المتواجدة بربوع المملكة، وبلغ سعر الغازوال خلال الأيام الأخيرة حوالي 10 دراهم فيما قارب سعر البنزين 12 درهما، بعدما سجلت أسعار المحروقات مطلع ماي الجاري، ارتفاعا بلغ 9.62 دراهم للتر الواحد بالنسبة لمادة الغازوال، في حين سجل ثمن البنزين 11.28 درهما. ورغم وعود الحكومة المتكررة بوضع حد لهذا التسيب، الذي يستهدف جيوب المواطنين، إلا أن واقع الحال يؤكد أن الحكومة عاجزة عن مواجهة لوبي المحروقات، و غير قادرة على اتخاذ الاجراءات والتدابير المواكبة لتحرير أسعار المحروقات التي وعدت بها و لم تف.
ولعل من أبرز تجليات الفشل الحكومي في هذه القضية، هو اعتراف وزير الشؤون العامة والحكامة الحسن الداودي، بأنّ الوعد الذي قدّمه بتسقيف أسعار المحروقات ابتداء من شهر مارس الماضي كان يُدرك أنه لن يتحقق، وكان وسيلة فقط للضغط على الشركات إبان المفاوضات معها.
وزير الشؤون العامة والحكامة، عزى تلكؤ الحكومة عن تسقيف سعر المحروقات، إلى سهرها على إعطاء صورة جيدة عن الاستثمار بالمغرب، حيث قال في معرض جوابه على أسئلة النواب البرلمانيين في جلسة أخيرة للأسئلة الشفهية بمجلس النواب، إنّ عدم تطبيقه قرار تسقيف أسعار المحروقات أملتْه ضرورة إعطاء صورة إيجابية للمستثمرين عن المغرب من أجل الاستثمار فيه.
ورغم تلويحه بتطبيق إجراء التسقيف، في موعد لم يحدده، أكد الوزير الداودي أنّ قرار تسقيف أسعار المحروقات، ستوازيه إجراءات أخرى، من قبيل فرض ضمان شهرين من المخزون على شركات المحروقات، عوض شهر المعمول به حاليا، فضلا عن أن يكون التخزين في الجهات عوض أن يتمركز في المدن الكبرى.
وعزى الداودي مشكل ارتفاع أسعار المحروقات في المغرب إلى هامش الربح الذي تجنيه الشركات، وكذا إلى أسباب جيو سياسية، تتعلق بالأوضاع في ليبيا وفنزويلا والعلاقات الخارجية لإيران.
ويتزامن الارتفاع الصاروخي لأثمنة المحروقات بالمغرب مع تصاعد أسعار النفط على المستوى الدولي، والناتج عن احتدام التوترات الأخيرة، بين إيران والولايات المتحدة وفي ظل توقعات بأن تواصل منظمة «الأوبك» كبح الإمدادات هذا العام.
وقد بلغت العقود الآجلة لخام القياس العالمي «برنت» في الساعات الأولى من يوم الثلاثاء الماضي، 72.18 دولارا للبرميل مرتفعة إلى 21 سنتاً و0.3%، مقارنة مع سعر الإغلاق السابق، كما صعدت العقود الآجلة لخام «غرب تكساس» إلى 31 سنتاً و 0.5 % أي بما يعادل 63.41 دولارا للبرميل.
ورغم الارتفاع الطفيف للسوق العالمية للنفط، إلا أن أسعار المحروقات بالمغرب ( وهي الأغلى عربيا إلى جانب لبنان والأردن)، تبقى غير معقولة، وخاضعة لأهواء الشركات، الشيء الذي يؤكده مراقبون و تعترف به مؤسسات دستورية كالبرلمان والمندوبية السامية للتخطيط ومجلس المنافسة والحكومة، هذه الأخيرة أبانت عن ارتباكها وخضوعها للوبي شركات توزيع المحروقات، والسماح لها بمراكمة هامش كبير من الربح، وترددها في تسقيف الأسعار.