.... سيظل يوم 18 غشت 2008 يوما راسخا في ذاكرة الرياضة المغربية وفي حياة البطلة حسناء بنحسي التي دونت إسمها مجددا في سجل الألعاب الاولمبية بمعدن النحاس بعد نهائي هائل لسباق 800 متر ضمن أولمبياد بيكين ... فقد ضربت حسناء موعدا مع التاريخ بإهداء المغرب أول تتويج له في هذه الألعاب ولتدخل رسميا خانة نادي الكبار لهذه المسافة وما تطلبه ذلك من عظيم وطول نفس وإصرار على مسح وجه جميع المغاربة مما لحقهم من خيبة أمل في رياضييهم الذين خرجوا تباعا في من منافسات ألعاب بكين ، وعلى إعطائهم حظهم في الفرحة والاعتزاز بالانتماء لهذا الوطن... منذ وطأت قدما حسناء المضمار وأخذت مكانا لها وسط منافساتها ، كان باديا عليها أنها لن ترضى بغير التتويج بديلا في ظل ما أحسته هي كذلك من غبن جراء الاقصاءات التي لاحقت رياضيينا في الأولمبياد الصيني ، فانطلقت ، وانطلقت معها دعواتنا ، كابدت وجاهدت منافساتها وهي متأخرة عنهم بالعديد من الأمتار ، لكن خبرتها وتجربتها كانتا حاضرتين بقوة وهي تقضم الأمتار بسرعة فائقة جعلتنا نهتز من مكاننا خصوصا في الأمتار الأخيرة التي طوتها كالغزالة متغلبة على الموزمبيقية موتولا في رمشة عين ، في الوقت الذي لم يكن بإمكتنها الإمساك بالكينتين اللتين كانتا قد ضغطتا على الزناد منذ الإنطلاقة ، لتدخل في الصف الثالث ولتكون قد قدمت سباقا عظيما بدنيا وتاكتيكيا على طريقة الكبار ، فكان لها ما أرادت بالصعود في نهاية المطاف الى منصة التتويج بالنحاس الذي يساوي في نظري أكثر من الذهب اعتبارا للطريقة التي خاضت بها حسناء السباق ولوجود أسماء وازنة في هذه المسافة الصعبة المران.... ولمن لا يعرف حسناء بنحسي فهي من مواليد فاتح يونيو 1978 بمدينة مراكش كانت قد بدأت مسيرتها الرياضية بنادي سيدي يوسف بنعلي ، وسرعان ما أثارت انتباه التقنيين فالتحقت سنة 1996 بالمعهد الوطني لألعاب القوى بالرباط وهي السنة التي شاركت فيها في بطولة العالم للشبان في سيدني وبلغت دور نصف نهاية مسابقة 800م.وفي السنة الموالية سطع نجمها خلال دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط في باري بإيطاليا حيث أحرزت أولى ميدالياتها وكانت من المعدن النفيس وعززتها بأخرى بعد بضعة أسابيع في الدورة الرياضية العربية بلبنان. وشاركت بنحسي, بعد ذلك في بطولة العالم لألعاب القوى في أثينا وبلغت دور نصف النهاية. وتوجت في السنة الموالية وصيفة لبطلة إفريقيا في دكار.واستهلت حسناء سنة 1999 مشاركتها في بطولة العالم داخل القاعة في مايباشي (اليابان) واحتلت المركز الخامس في بساق 800م. وحينما كانت حسناء على أهبة السفر لإشبيلية للمشاركة في بطولة العالم أصيبت بكسر في قدمها اليمنى وتوقفت مسيرتها مؤقتا بعد خضوعها لعملية جراحية. ولم توفق حسناء بنحسي في دورة الألعاب الأولمبية بسيدني عام 2000 واكتفت بالرتبة الثامنة ، لكنها عادت إلى الواجهة بقوة في السنة الموالية لتصعد إلى أعلى درج في منصة التتويج في بطولة العالم داخل القاعة بلشبونة (1500م). وبسبب الحمل غابت حسناء في صيف سنة 2001 عن بطولة العالم بإدمونتون وعن الدورة الموالية في باريس عام 2003 بسبب الإصابة لتتألق بشكل ملفت في عام 2004 وتحديدا في دورة الألعاب الأولمبية في أثينا حيث أحرزت فضية سباق 800م. وظلت حسناء ترشف كالفراشة وتحلم حلم النجوم يسكنها هاجس التوهج والتألق... فكانت بحق حسناء حسناوات مسافة 800م وغزالتها التي إذا أعطت وعدا فإنها لن تخلفه ، على غرار البطل هشام الكروج والبطلة نزهة بيدوان .. فما أروعك يا بنحسي لقد كنت بطلة فوق كل البطلات اللواتي نافسنك ، وكنت ذلك الأمل الذي ظللنا نرقبه ، فلم تخيبي ظننا ... فشكرا لك وعقبى لك مع ألقاب أخرى وميداليات أخرى ... لقد حلقنا معك فعلا فوق السحاب في هذا اليوم التاريخي الكبير من أيام بكين...