لم تنجح جلسة الحوار الاجتماعي الأولى التي بادر رئيس الحكومة بالدعوة إلى انعقادها لحضور الفرقاء الاجتماعيين وأرباب العمل في تبديد القلاقل التي تسود في أوساط الشغيلة المغربية. وإن راهن البعض على اعتبار هذه الجلسة مسكنا مهما لأوجاع الرأس، إلا أن ردود الفعل التي أبدتها المركزيات النقابية بعد مغادرة قاعة الاجتماع تؤكد أن هذا المسكن لم يكن له أي أثر في التخفيف من تلك الأوجاع. الحكومة انتهزت فرصة الجلسة الأولى في الحوار الاجتماعي لملء جزء كبير من الفراغ بأن حرص وزير الاقتصاد والمالية في حكومة الدكتور سعد الدين العثماني على تقديم عرض ممل حول مشروع القانون المالي للسنة المقبلة، وكان مجرد عرض في حين أن حسن النية كان يفرض على الحكومة أن تناقش مضامين مشروع القانون المالي للسنة المقبلة مع الفرقاء الاجتماعيين وإدراج مقترحاتهم في المشروع. لكن شيئا من هذا لم يحدث وخرج الجميع خاوي الوفاض من اجتماع شكلي يبدو أن الهدف الحقيقي منه كان يتمثل في التسويق الإعلامي لحرص الحكومة على تفعيل الحوار الاجتماعي. وهذا ما كان واضحا في تصريحات جميع قيادات المركزيات النقابية التي حضرت جلسة الحوار هذه، حيث عبرت عن خيبة أملها، وألحت على إدراج مطالبها في هذا الحوار الذي يجب أن يتم تفعيله شكلا ومضمونا، ووضعت هذه القيادات مطالب استكمال تنفيذ اتفاق 26 أبريل والزيادة في الأجور وتفعيل الترقيات واحترام الحريات النقابية في مقدمة مطالبها. بيد أن الحكومة تحاشت بشكل نهائي مجرد الاقتراب من هذه المطالب التي تعتبرها تعجيزية بالنظر إلى الظروف الاقتصادية الصعبة جدا التي تمر بها البلاد. وفد من أ.ع.ش.م برئاسة الأخ الكاتب العام النعم ميارة في الجولة الأولى للحوار الاجتماعي بمرفق رئاسة الحكومة
أرباب العمل لم يخرجوا من هذه الجلسة مرتاحين، بل لم يتوانوا من جهتهم في التعبير عن امتعاضهم وإن كان ذلك بشكل ضمني بعد أن اتضح لهم أن مطلبهم الرئيسي المتمثل في تعديل مدونة الشغل بما يضمن ما سموه الليونة في الشغل لم يلق أي تجاوب يذكر من الحكومة. وفد من أ.ع.ش.م برئاسة الأخ الكاتب العام النعم ميارة في الجولة الأولى للحوار الاجتماعي بمرفق رئاسة الحكومة رئاسة الحكومة تفطنت إلى الحل الذكي الذي يحافظ على الحوار الاجتماعي في غرفة الإنعاش المركز خوفا من أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، وذلك بأن قررت إبقاء جلسات الحوار الاجتماعي مفتوحة دون تحديد أي موعد للاجتماع المقبل ولا أية رزنامة عمل للمرحلة المقبلة، وهذا يعني بالنسبة للمركزيات النقابية أن الحكومة ليست جادة في التعامل مع الحوار الاجتماعي، وأن ما ترفعه من كلام حول المأسسة والتفعيل مجرد شعارات فارغة. ماذا بعد الجلسة الأولى من الحوار الاجتماعي؟ الأوساط النقابية تشكك في نية الحكومة.. وحالة قلق تسود