المغرب يعزز دوره القيادي عالميا في مكافحة الإرهاب بفضل خبرة وكفاءة أجهزته الأمنية والاستخباراتية    هزة ارضية تضرب نواحي إقليم الحسيمة    ارتفاع رقم معاملات السلطة المينائية طنجة المتوسط بنسبة 11 في المائة عند متم شتنبر    إيداع "أبناء المليارديرات" السجن ومتابعتهم بتهم الإغتصاب والإحتجاز والضرب والجرح واستهلاك المخدرات    بلومبرغ: زيارة الرئيس الصيني للمغرب تعكس رغبة بكين في تعزيز التعاون المشترك مع الرباط ضمن مبادرة "الحزام والطريق"    لقجع وبوريطة يؤكدان "التزام" وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية    أشبال الأطلس يختتمون تصفيات "الكان" برباعية في شباك ليبيا    مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الرباط.. إطلاق معرض للإبداعات الفنية لموظفات وموظفي الشرطة    بوريطة: الجهود مستمرة لمواجهة ظاهرة السمسرة في مواعيد التأشيرات الأوروبية    اللقب الإفريقي يفلت من نساء الجيش    منتخب المغرب للغولف يتوج بعجمان    ‬النصيري يهز الشباك مع "فنربخشة"    الجمارك تجتمع بمهنيي النقل الدولي لمناقشة حركة التصدير والاستيراد وتحسين ظروف العمل بميناء بني انصار    عبد الله بوصوف.. النظام الجزائري من معركة كسر العظام الى معركة كسر الأقلام    نهضة بركان يتجاوز حسنية أكادير 2-1 ويوسع الفارق عن أقرب الملاحقين    عمليات تتيح فصل توائم في المغرب    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    بعد قرار توقيف نتنياهو وغالانت.. بوريل: ليس بوسع حكومات أوروبا التعامل بانتقائية مع أوامر المحكمة الجنائية الدولية    أنشيلوتي يفقد أعصابه بسبب سؤال عن الصحة العقلية لكيليان مبابي ويمتدح إبراهيم دياز    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة        المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة الجاحظ ويحافظ على حصته من التونة الحمراء    التفاصيل الكاملة حول شروط المغرب لإعادة علاقاته مع إيران    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    كرة القدم النسوية.. توجيه الدعوة ل 27 لاعبة استعدادا لوديتي بوتسوانا ومالي    اغتصاب جماعي واحتجاز محامية فرنسية.. يثير الجدل في المغرب    الحسيمة تستعد لإطلاق أول وحدة لتحويل القنب الهندي القانوني    هتك عرض فتاة قاصر يجر عشرينيا للاعتقال نواحي الناظور        قمة "Sumit Showcase Morocco" لتشجيع الاستثمار وتسريع وتيرة نمو القطاع السياحي    انتخاب لطيفة الجبابدي نائبة لرئيسة شبكة نساء إفريقيات من أجل العدالة الانتقالية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    نمو صادرات الصناعة التقليدية المغربية    اعتقال الكاتب بوعلام صنصال من طرف النظام العسكري الجزائري.. لا مكان لحرية التعبير في العالم الآخر    بعد متابعة واعتقال بعض رواد التفاهة في مواقع التواصل الاجتماعي.. ترحيب كبير بهذه الخطوة (فيديو)    محمد خيي يتوج بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    المعرض الدولي للبناء بالجديدة.. دعوة إلى التوفيق بين الاستدامة البيئية والمتطلبات الاقتصادية في إنتاج مواد البناء    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    مثير.. نائبة رئيس الفلبين تهدد علنا بقتل الرئيس وزوجته    ترامب يعين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة في إدارته المقبلة    فعالية فكرية بطنجة تسلط الضوء على كتاب يرصد مسارات الملكية بالمغرب        19 قتيلا في غارات وعمليات قصف إسرائيلية فجر السبت على قطاع غزة    "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    بعد سنوات من الحزن .. فرقة "لينكن بارك" تعود إلى الساحة بألبوم جديد    "كوب29" يمدد جلسات المفاوضات    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حميد الهاشمي المقيم بهولندا والأخصائي في قضايا الهجرة ل "العلم"
330 ألف مغربي في هولندا هم ثالث أكبر جالية مسلمة بعد الجاليتين الاندونيسية والتركية
نشر في العلم يوم 17 - 04 - 2009

يعتبر حميد الهاشمي الجالية المغربية في هولندا ثالث اكبر جالية مسلمة بعد الجاليتين الاندونيسية والتركية من حيث العدد حيث يقدر عدد سكانها بحوالي (330 ألف نسمة). وفي نظره يعود تاريخ قدومها إلى هذا البلد إلى ستينيات القرن العشرين، حيث استقدمت الحكومة الهولندية إبان فترة الطفرة الاقتصادية الكبيرة في البلد أعدادا كبيرة من المغاربة والأتراك للعمل في مجالات الصناعة والفلاحة. وكان هؤلاء نواة هاتين الجاليتين الكبيرتين. وهذا لا يلغي حالة كون الجالية المغربية تعتبر منجما للعديد من أوجه الإبداع الرياضية والفنية والحرفية والسياسية وغيرها.
وصرح في حوار "العلم" معه أنه في مجال الرياضة يوجد عشرات اللاعبين من أصول مغربية بارزين في أندية الدرجة الممتازة ومثلهم في الدرجة الأولى ومختلف الألعاب وبعضهم يمثلون المنتخبات الهولندية. كما نالت إحدى المغربيات لقب ملكة جمال هولندا لتمثل البلد في المسابقة العالمية. ويوجد في هولندا العديد من الفنانين الذين فرضوا أنفسهم في مختلف مجالات الفن من سينما إلى مسرح إلى تلفزيون وغيرها من الفنون. وفي مجال الأدب نال المغربي عبد القادر بن علي عام 2004 ارفع جائزة أدبية وهي جائزة ليبريس، السنوية التي تبلغ قيمتها المادية 50 ?ألف يورو، وتمنح كقيمة أدبية لأفضل عمل روائي هولندي وغيره من فاز بجوائز عديدة للإبداع. كل هؤلاء من المغاربة عربا وامازيغ.
وعن المجتمع المدني في هولندا قال إن هناك جمعيات خاصة بالمغاربة من أصول امازيغية وأخرى عربية، ودينية بحثة وأخرى علمانية بحثة وهناك ما هو وسط بينهما. وكل من هؤلاء له رسالته. ولكن العامل المشترك بينهم هو السعي إلى الحفاظ على الهوية الثقافية المغربية بصورة عامة بشتى توجهاتها سواء دينية كانت أو اثنية. وحال عمل تلك الجمعيات لا يختلف عن حال كل الجمعيات المماثلة التي تتبع الأقليات الأخرى، ومنها العراقية على سبيل المقارنة، تجد أن الجمعيات الثقافية تتوزع حسب تشظي الحالة العراقية أو لنقل تنوعها بتعبير اقل تحاملا، حيث تنقسم إلى خلفيات اثنية (عربية، كوردية، توركمانية، ارمنية..الخ) ودينية (مسلمة، مسيحية، صابئية، ايزيدية ...الخ)، ومذهبية (سنية، شيعية، كاثوليكية، بروتستانتية ...الخ).
وأضاف أن الاختلاف حول ازدواجية الجنسية وجه آخر من أوجه التصارع والتصادم بين الحكومة والمعارضة الهولنديتين، بين التيارات المتسامحة المنفتحة التي تقر بمجتمع المغايرة الثقافية وما ينطوي عليه، وبين التيارات اليمينية التي صعد بعضها إلى البرلمان والتي تضرب على وتر الخوف من (الآخر المتطرف)، ويشيرون إلى المسلمين بالطبع. وقد سادت هذه الحملة مع بزوغ نجم اليمين المتطرف. تفاصيل أخرى في نص الحوار.
*************
أجرى الحوار: عزيز اجهبلي
أزمت قضية تعيين إمام مسلم في الجيش الهولندي العلاقة بين الوزارة والبرلمان الهولندي. بصفتكم باحثا في قضايا الهجرة، إلى ماذا يرجع ذلك؟
السبب يرجع إلى ما عرف عن الإمام المعين (علي داوودي)، وهو مغربي الأصل وقد ترافق تعيينه مع تعيين واعظة في الجيش الهولندي أيضا وهي سعاد عايدين وهي مغربية أيضا. الاعتراض اقتصر على داوودي، حيث توصف آراؤه بأنها (راديكالية ومتطرفة) أحيانا. حيث سبق وانتقد موقف الحكومة الهولندية بإشراك قوات عسكرية منها في أفغانستان، إلى جانب نقده المستمر للغرب فيما يصفه بتدخل الغرب في شؤون العالم الإسلامي. كذلك فإن المواقف المتخذة ضد هذا الإمام متأتية كرد فعل في ظاهرها نتيجة لما كتبه في مقال سابق عام 2007 امتدح فيه أعضاء حركة طالبان واصفا إياهم بأنهم "مجاهدون ومناضلون ..الخ". وأن الغرب (المسيحي) في حالة حرب مع الإسلام. وهذه تعميمات لا يقبلها أغلبية أبناء تلك البلدان مثلما نرفضها نحن كمسلمين بالتأكيد. نرفض أن تعمم الإساءات بحقنا مهما كانت.
ولكن بغض النظر عن صحة ما ذهب إليه من أثار القضية من أعضاء البرلمان الهولندي، فإن هناك موقفا متطرفا من قبل قوى يمينية ممثلة في البرلمان الهولندي، تقف بالمرصاد لأي انفتاح تجاه المسلمين وإعطائهم دورا متميزا إلى حد كبير. خاصة إذا ما علمنا أن احد أفراد تلك الجبهة على سبيل المثال هو خيرت فيلدرز، الذي اشتهر بإنتاج فيلم (فتنة) الذي يعتبر بحد ذاته إساءة كبيرة للإسلام.
اعتبرت قضية ازدواجية الجنسية من قضايا الساعة في هولندا، من أي زاوية تنظرون إلى الخلاف حول المسألة؟
هي وجه آخر من أوجه التصارع والتصادم بين الحكومة والمعارضة، بين التيارات المتسامحة المنفتحة التي تقر بمجتمع المغايرة الثقافية وما ينطوي عليه، وبين التيارات اليمينية التي صعد بعضها إلى البرلمان والتي تضرب على وتر الخوف من (الآخر المتطرف)، ويشيرون إلى المسلمين بالطبع. وقد سادت هذه الحملة مع بزوغ نجم اليمين المتطرف بيم فورتاين الذي اغتاله شاب هولندي عام 2002، فورتاين كان قد حاز مع حزبه على عدد جيد من المقاعد في البرلمان، وكما تلاحظ فإن فترة صعود نجمه جاءت بعد أحداث سبتمبر 2001 التي نالت من الولايات المتحدة الأميركية. وعودة إلى سؤالكم المتعلق بازدواجية الجنسية، فإن هذه الأزمة نشبت بعيد اختيار التشكيلة الحكومية عام 2007، التي ضمت كل من احمد بوطالب (مغربي الأصل) كاتب دولة للشؤون الاجتماعية، وبيرق نبهات (تركية الأصل) كاتبة دولة للشؤون القانونية. وكلا الشخصين يحملان جنسيتي بلديهما بالإضافة إلى الجنسية الهولندية. وقد أثار تيار المعارضة في البرلمان هذه القضية في وجه الحكومة وأصبح الأمر مثار جدل في الشارع الهولندي أيضا بالإضافة إلى وسائل الإعلام طبعا. الأصل في الموضوع أن لايحمل المسؤول بنظر جبهة
ال(ضد) جنسية أخرى غير الهولندية، في حين أن الآخرين يرون أن لاضير في ازدواج الجنسية، طالما توفر شرط الولاء لهولندا وفي ظل وجود قوانين خاصة بالبلدان الأخرى كالمغرب الذي يعتبر أبناءه مواطنين وان تخلوا عن جنسيتهم الأصلية.
قضية الحجاب لم تكن أقل درجة من قضية ازدواجية الجنسية، بحيث كانت مطروحة للتداول منذ القرن الماضي خارج هولندا على الخصوص وأخيرا منع ارتداؤه في المدارس. برأيك هل يعتبر هذا نوعا من العنصرية نحو المسلمين أم أن هناك أسباب أخرى خفية من وراء قانون منع ارتداء الحجاب الأخير؟
لقد برزت هذه القضية إلى السطح عام 2005 حينما تقدم عضو البرلمان الهولندي خيرت فيلدرز (يميني متطرف يقود حزب الحرية) الذي اشرنا إليه سابقا، باقتراح يقضي بمنع النقاب (الحجاب الكلي الذي يظهر العينين فقط)، والمنع يكون شاملا الأماكن العامة والمؤسسات في البلد. وقد لقي ترحيبا من أوساط كثيرة. وبغض النظر عن موقفنا من هذا المتطرف ومقترحه، إلا أن هناك الكثير من المسلمين أنفسهم من يتفق مع هذا المقترح حتى في العالم الإسلامي، حيث يرون أن هذا النوع من الحجاب هو تعبير عن تقاليد اجتماعية لبعض الشعوب، وليس تفسيرا تطبيقيا ل"نظرية الحجاب" في الإسلام. ولكن خطورة الأمر في أن يصبح تعميما عدائيا لكل أنواع الحجاب الإسلامي، ولكل مسلمة متحجبة. وهو ما حصل من قبل بعض مديري المؤسسات منها تربوية في منع طالبات أو موظفات مسلمات يرتدين الحجاب من دخول المؤسسة أو أن يعتبر مبعثا على التمييز العنصري وموقفا مسبقا ضد المسلمات. إن بعض دعاة محاربة الحجاب يبررون ذلك بانه يعتبر عائقا في أمور حياتية مثل ممارسة الرياضة وقيادة السيارة وعائقا أمام الاندماج الاجتماعي في المجتمع. وهذا ليس بالضرورة صحيحا.
اعتمدت في دراستك حول الهجرة والمهاجرين وقضية الاندماج في المجتمع الهولندي، ضمنتها في كتابك " العرب والمسلمون في هولندا" العديد من استطلاعات الرأي، أكدت بعضها أن هناك بعض الهولنديين من حذر من وجود المسلمين في مجتمعهم. ما هي أسباب ذلك في نظرك؟
هناك مخاوف من بعض الجهات والأفراد شخصنا بعضها كما اطلعتم، ومبعث تلك المخاوف هو، أن أعداد المسلمين في تزايد مضطرد يماثله تناقص في أعداد المواطنين الأصليين خاصة، وهذا يعني أن المعادلة الديموغرافية (السكانية) سوف تنقلب لصالح المسلمين حيث سيشكلون أغلبية على الأرجح في النصف الثاني من القرن الحالي، أضف إلى ذلك أن هناك مخاوف بعضها مبرر من ممارسات وأهداف بعض الشبكات التي يصنفها بعض المسلمين أنفسهم على أنها إرهابية. هذه الممارسات تعتبر عدائية وخطيرة تهدد امن وسلم المجتمع برمته من خلال تكفير المجتمع عامة ورفض الاختلاف والمغايرة واعتبار (أننا) في حالة حرب مع الآخر الذي تصنفه على أساس ديني مسيحي مثلا، رغم أن أغلبية سكان دول أوربا الغربية الآن حسب إحصاءات دقيقة هم غير متدينين. كما أن هناك دواع أخرى للتحذيرات التي أشرتم لها، منها أن العديد من أبناء المهاجرين عامة والمسلمين خاصة هم عاطلون عن العمل ويعيشون على الإعانات الاجتماعية وهذا يعني أنهم عالة على المجتمع يضاف ذلك إلى صعوبة اندماج أغلبيتهم من خلال طابع العزلة أو شبه العزلة الذي يعيشونه.
تحدثت في إحدى مقالاتك حول موضوع الاندماج الاجتماعي عن مجتمع سلطة "الخضار" ومجتمع "السوب". كيف ذلك؟
هذين المصطلحين قصدت بهما توصيف نوعين من مطالب الاندماج الاجتماعي الذي يطرح في الغرب تجاه المهاجرين، فالأول "مجتمع سلطة الخضار" يقصد به خلطة من مجموعة مكونات تحتفظ كل منها بلونها وطعمها ونكهتها وتتعايش مع بعضها لتعطي منظرا جميلا ومذاقا طيبا وفوائد متعددة. وهذا مطلب المتسامحين من أبناء البلدان الغربية عامة وكذلك مطلب المهاجرين بالطبع. في حين أن المطلب الثاني "مجتمع السوب" هو مطلب التيارات المتطرفة التي ترفض حق الآخر بالاحتفاظ بخصوصيته الثقافية، وتريد أن ينصهر أبناء الأقليات المهاجرة في بلد المهجر ليكونوا كخلطة "السوب أو الحساء أو الشوربة" حيث تفقد مكوناتها خصائصا من لون وطعم ونكهة فردية لتعطي بالإجمال لونا وطعما ونكهة واحدة.
ملف الهجرة شائك ويتفرع إلى العديد من القضايا. ما رأيك في وضعية المغاربة في هولندا؟
تعتبر الجالية المغاربة في هولندا ثالث اكبر جالية مسلمة بعد الجاليتين الاندونيسية والتركية من حيث العدد حيث يقدر عدد سكانها بحوالي (330 ألف) نسمة. ويعود تاريخ قدومها إلى هذا البلد إلى ستينات القرن العشرين، حيث استقدمت الحكومة الهولندية إبان فترة الطفرة الاقتصادية الكبيرة في البلد أعدادا كبيرة من المغاربة والأتراك للعمل في مجالات الصناعة والفلاحة. وكان هؤلاء نواة هاتين الجاليتين الكبيرتين. وقد كان ديدن هؤلاء العمال دائما التفكير بالعودة إلى بلديهما الأصليين ولكن مجرى الأمور أصبح واقع حال أن استقر أغلبيتهم في هذا البلد، مما أثرت مسألة التفكير في العودة إلى تأخر اندماجهم نتيجة ذلك العامل الذاتي، يقابله عامل موضوعي آخر من طرف الحكومة الهولندية التي تأخرت في السعي إلى عملية إدماجهم والتفكير بان مصير هؤلاء ربما يكون استقرارهم هنا إلى الأبد. وقد نجم عن هذا المأزق إن صح التعبير أن برزت عوامل ضعف في الجالية المغربية تمثلت في ارتفاع مستوى البطالة بين أبنائها وكذلك وجود حالات من الجريمة وان كانت فردية ولا تحسب على الجالية عامة لكنها في بعض الأحيان تجد تعميما لدى بعض عامة الناس وبعض وسائل الإعلام
للأسف. ولكن هذا لا يلغي حالة كون الجالية المغربية تعتبر منجما للعديد من أوجه الإبداع الرياضية والفنية والحرفية والسياسية وغيرها.
ففي مجال الرياضة يوجد عشرات اللاعبين من أصول مغربية بارزين في أندية الدرجة الممتازة ومثلهم في الدرجة الأولى ومختلف الألعاب وبعضهم يمثلون المنتخبات الهولندية. كما نالت إحدى المغربيات ملكة جمال هولندا لتمثل البلد في المسابقة العالمية. ويوجد في هولندا العديد من الفنانين الذي فرضوا أنفسهم في مختلف مجالات الفن من سينما إلى مسرح إلى تلفزيون وغيرها من الفنون. وفي مجال الأدب نال المغربي عبدالقادر بن علي عام 2004 على ارفع جائزة أدبية وهي جائزة ليبريس، السنوية التي تبلغ قيمتها المادية 50 ?ألف يورو، وتمنح كقيمة أدبية لأفضل عمل روائي هولندي وغيره من فاز بجوائز عديدة للإبداع. كل هؤلاء من المغاربة عربا وامازيغا.
ما قولك في الدور التي تلعبه جمعيات المغاربة بخصوص عملية الاندماج في المجتمع الهولندي؟
الأمر يتوقف على نوع تلك الجمعيات، فمعظم الجمعيات الثقافية في الواقع تهدف إلى الحفاظ على الهوية الثقافية والاجتماعية للمهاجرين، ولهذا تجد الانشطار الاجتماعي والاثنية والفئوية وحتى الامتدادات الحزبية القبلية موجودة للأسف. فهناك جمعيات خاصة بالمغاربة من أصول امازيغية وأخرى عربية. وهناك دينية بحته وأخرى علمانية بحتة وهناك ما هو وسط بينهما. وكل من هؤلاء له رسالته كما تعلم. ولكن العامل المشترك بين كل هؤلاء هو السعي إلى الحفاظ على الهوية الثقافية المغربية بصورة عامة بشتى توجهاتها سواء دينية كانت أو اثنية. وحال عمل تلك الجمعيات لا يختلف عن حال كل الجمعيات المماثلة التي تتبع الأقليات الأخرى، ومنها العراقية على سبيل المقارنة، تجد أن الجمعيات الثقافية تتوزع حسب تشظي الحالة العراقية أو لنقل تنوعها بتعبير اقل تحاملا، حيث تنقسم إلى خلفيات اثنية (عربية، كوردية، توركمانية، ارمنية..الخ) ودينية (مسلمة، مسيحية، صابئية، ايزيدية ...الخ)، ومذهبية (سنية، شيعية، كاثوليكية، بروتستانتية ...الخ).
ما نستطيع أن نخلص له في جانب الاندماج أن بعض هذه الجمعيات تقدم خدمة للمهاجرين من خلال إخراجهم من عزلتهم أحيانا، وتلعب بعضها دورا في مسألة الحوار الحضاري وإبراز أوجه تسامحنا وإبداعنا كمسلمين، وكعرب وامازيغ واكراد وتوركمن ومسيحيين عرب أو شرق اوسطيين.
بطاقة:
حميد الهاشمي،
دكتور وباحث في جامعة ايست لندن (University of East London)، استاذ علم الاجتماع في الجامعة العالمية في لندن، عراقي يحمل الجنسية الهولندية. عمل محاضرا مساعدا في قسم علم الاجتماع في كلية الآداب بزوارة، جامعة 7 ابريل في الزاوية، ليبيا من عام 1994- 1998. بعدها هاجر إلى هولندا، وعمل محاضرا لعلم الاجتماع في جامعة أوروبا، في مدينة روتردام الهولندية، منذ عام 2001، وتدرج إلى أستاذ مساعد لعلم الاجتماع في الجامعة. أستاذ علم الاجتماع المساعد في الجامعة الحرة- هولندا. وتنصب اهتماماته حول علم اجتماع الأقليات والهجرة والاندماج الاجتماعي. وهوعضو جمعية العلوم الاجتماعية الهولندية.
صدر له من الكتب:
- العرب وهولندا: الأحوال الاجتماعية للمهاجرين العرب في هولندا، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2008.
- واقع المرأة في عراق مابعد التغيير، (مشاركة مع مجموعة كتاب)، مؤسسة الحوار المتمدن ومجلة مسارات، بغداد، 2008.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.