تصبح الكتابة في قضايا بالغة التعقيد والتشبيك مهمة صعبة التنفيذ بدقة متناهية، وهي كمن يسوق سيارته في طرق ملتوية تنعدم فيها الرؤية ويغيب عنها التشوير. تماما كما هو عليه الحال بالنسبة للتصريحات التي نسبت للأخ حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال في شأن الشقيقة موريتانيا. إنها تصريحات ليست منعزلة عن سياقات سياسية داخلية، حيث تعرف التجاذبات السياسية بين الفرقاء قوة وعنفا، وارتباط الضجة أو بالأحرى الاشتغال على الضجة التي أثارتها بنتائج اقتراع السابع من أكتوبر الماضي مؤكدة. ما الذي قاله حميد شباط بالضبط لكي يتسبب في كل هذه الضجة؟. حميد شباط كان يرتجل خطابا سياسيا أمام الحاضرين في لقاء تكويني وتأطيري في المجلس العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب وذكر بأحداث تاريخية، وبوقائع تاريخية صحيحة ومؤكدة. قد يقع الاختلاف حول توقيت الحديث عنها، هذا صحيح، ولكن لا أحد يمكنه ولا بمقدوره أن ينكر وقوعها. وشباط لم يمس بسيادة ووحدة الشعب الموريتاني الشقيق، وهو الذي زار الشقيقة موريتانيا مرتين، والتقى بالرئيس الموريتاني وعقد لقاءات متعددة مع قيادة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الذي زار وفد قيادي عنه المغرب بدعوة من قيادة حزب الاستقلال، فالذي يطعن في سيادة ووحدة موريتانيا الشقيقة لايمكنه أن يقدم على مثل هذه المبادرات. شباط تحدث دوما عن موريتانيا الشقيقة بالاحترام والتقدير اللازمين من الطبيعي أن ينتهز خصوم وأعداء حزب الاستقلال الفرصة السانحة لتوجيه ضربة يأملون دوما أن تكون قاضية لجسد ولروح حزب الاستقلال، وهذا الحزب تعود على هذه المحاولات واكتسب جسده مناعة ضدها، لذلك لم تكن لتنفع في يوم من الأيام، وهذا ما حدث هذه المرة، حيث هناك من سارع إلى اقتطاع جملة عارضة وإخراجها عن سياقها خدمة لأجندة سياسية داخلية، أو خدمة لمخطط خطير يسعى إلى ضرب الحزب ومن خلاله المغرب من طرف خصوم وأعداء خارجيين. الآن، وقد وصل الوضع إلى ما وصل إليه، فإننا نسجل مايلي: – التقدير الكبير لمبادرة جلالة الملك محمد السادس الذي قطع الطريق على الخصوم والأعداء على حد سواء من خلال الاتصال الهاتفي الذي أجراه جلالته مع الرئيس الموريتاني ، وإرسال رئيس الحكومة إلى نواكشوط لتطمين المسؤولين هناك. وهي مبادرة ملكية مهمة ووازنة أخرجت القضية من تجاذبات سياسية إلى مقام آخر يحظى لدى المغاربة بالتقدير والاحترام، ولذلك فإن حزب الاستقلال لا يمكنه إلا أن يكون اليوم معبأ لإنجاح المبادرة الملكية السامية. – إذا كان من اللازم الاعتذار للشعب الموريتاني لما قد يكون ترتب من سوء فهم تصريحات الأمين العام لحزب الاستقلال ، فإن قيادة حزب الاستقلال، لا تتردد في الاعتذار لموريتانيا الشقيقة رئيسا وحكومة وشعبا، مؤكدة من جديد أن الأمين العام للحزب كان بصدد الحديث عن سياق تاريخي مضى وولى، وموقف حزب الاستقلال من موريتانيا الشقيقة هو بالضبط ما أكده جلالة الملك للرئيس الموريتاني محمد عبد العزيز في الاتصال الأخير بينهما. – إن العلاقات الجيدة والممتازة بين الشعبين الشقيقين المغربي والموريتاني أكبر مما قد يكون البعض يخطط للإساءة إليها، علاقات تاريخية جيدة ومتينة، واجهت عواصف كثيرة ولكنها خرجت دوما منتصرة وأكثر قوة. ونحن على يقين أن ظن الصيادين في المياه العكرة سيخيب من جديد.