لحسن بنساسي تحتضن مدينة الزمامرة، إقليمالجديدة، بعد غد السبت لقاء دراسيا في موضوع التعليم بالعالم القروي: الواقع والافاق. ويأتي هذا اللقاء الدراسي في الوقت الذي شرعت فيه الحكومة في اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتنفيذ البرنامج الاستعجالي لإصلاح التعليم انطلاقا من توجهات البرنامج الحكومي القائمة على ثلاثة محاور أساسية هي: نشر التعليم وتعميمه، تحسين جودة التربية، تدبير النظام التربوي. ويعتبر التعليم بالعالم القروي الحلقة الأساسية في هذا الاصلاح بالنظر للوضعية الصعبة التي آل إليها والمتمثلة أساسا في تزايد ظاهرة الهدر المدرسي وانعكاس ذلك سلبا على مستوى تعميم التمدرس، وضعف جودة التعليم ومستواه بشكل خطير وغيرها من القضايا التي وصل معها التعليم بالبادية إلى الباب المسدود إذا لم تتخذ الاجراءات الكفيلة بإنقاذه. ويمكن إرجاع هذه الوضعية التي آل إليها التعليم بالعالم القروي إلى عدة أسباب، منها أساسا غياب الظروف المناسبة والشروط الملائمة للتعليم سواء بالنسبة للتلاميذ أو بالنسبة لرجال ونساء التعليم أمام انعدام المراقبة اللازمة الكفيلة بتتبع العملية التعليمية بشكل جاد ومتواصل بما يضمن للتمدرس القروي جودته. وهذاما جعل البرنامج الاستعجالي لإصلاح منظومة التعليم يركز بالاساس على توفير هذه الظروف المناسبة والشروط الملائمة للتعليم بالعالم القروي سواء من حيث البنيات والمرافق والتجهيزات الأساسية اللازمة أو من حيث التشجيعات اللازمة لرجال التعليم بالمناطق النائية أو من حيث تقديم المساعدات الضرورية لحث الأسر الضعيفة على تمدرس أبنائهم بدل أن يظلوا عرضة لظاهرة الهدر المدرسي. غير أن هذه الاجراءات وغيرها تبقى دون جدوى إذا لم تتخذ التدابير المصاحبة المتمثلة أساسا في التتبع والمراقبة حتى يتمكن هذا الإصلاح من أن يأخذ طريقه الصحيح ويحصن المال العام من أي تلاعب كيفما كان شكله كما حصل بالنسبة للعديد من التجارب الماضية. في إطار هذا التطور يأتي اللقاء الدراسي الذي ستؤطره قطاعات حكومية لها مسؤولية مباشرة في تنفيذ البرنامج الاستعجالي الذي سطر عليه السيد وزير التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي. كما أن قطاع الماء والبيئة حاضر في شخص الأخ عبد الكبير زهود ليقدم الاجراءات الكفيلة بتوفير الماء الشروب بالمؤسسات التعليمية بالعالم القروي التي تعاني من نقص ملحوظ في هذا المجال وكذلك الشأن بالنسبة لقطاع الاسكان والتعمير والتنمية المجالية في شخص الأخ الأستاذ عبد السلام العباسي بالنظر للدور الذي يلعبه السكن في استقرار رجال ونساء التعليم. وسيتناول أساتذة مختصون بالدرس والتحليل موضوع اللقاء الدراسي من مختلف جوانبه، بما فيها الجانب المتعلق بالاشكاليات الكبرى التي يطرحها التعليم بالعالم القروي، ووضعية التعليم بالعالم القروي والتحديات المطروحة، والتدابير الواجب اتخاذها من أجل ايجاد مدرسة جديدة فاعلة بالعالم القروي وكذا تقديم نموذج للوضعية التعليمية بالعالم القروي من خلال جهة دكالة عبدة. وبذلك سيشكل هذا اللقاء الدراسي مناسبة سانحة لفتح نقاش واسع وحوار مثمر وبناء بخصوص موضوع التعليم بالعالم القروي الذي ظل على الدوام موضوعا هامشيا لم يأخذ حظه من الدراسة والنقاش سواء على مستوى التشخيص الحقيقي أو على مستوى طرح البديل الكفيل بمعالجة وضعية التعليم بالعالم القروي معالجة جذرية بدل الحلول الترقيعية التي تبقى بعيدة عن خدمة التعليم المنتج والمثمر وتعميمه باعتباره حقا من حقوق الانسان. إن إصلاح وضعية التعليم بالعالم القروي يقتضي أولا وقبل كل شيء ضرورة انخراط الجميع ابتداء من القطاع الحكومي المسؤول الى الاباء وجمعيات المجتمع المدني والجماعات المحلية والسلطات العمومية حتى يشكل التعليم بالعالم القروي دعامة قوية للمنظومة التعليمية ورافعة أساسية للتنمية البشرية من خلال انخراط الجميع في هذا التوجه الذي يشكل اختيارا وطنيا مادام تطوير التعليم مسؤولية وواجب وطني، خاصة بالوسط القروي كدعامة قوية لمحو الامية ببلادنا.