راقب المحللون ورجال السياسة، وحتى موظفو البيت الأبيض، برهبة ودهشة وتخوف، وصول ترامب إلى سدة حكم بلاد العم سام.. رجل الأعمال الذي وصفه أرحم الواصفين بالمثير للجدل.. رجل أعمال ناجح.. لم يتحدث قبل غير لغة المال والأعمال والصفقات المربحة والسيارات الذهبية (التي عجزت العين عن رؤيتها فكيف للقلم بوصفها).. صديق بوتين الذي لا يفكر إلا بمنطق الكسب والربح.. إلا أن ربحه الجديد يفوق دولارات المرتب الرئاسي الذي تنازل عنه. لقد فاق تركيز رجل المخابرات الروسية السابق فلاديمير بوتين، على إيصال ترامب لرئاسة الولاياتالمتحدة، أكثر من تركيز هيلاري كلينتون على تغيير أثاث البيت الأبيض.. بوتين الذي كان فاعلا مضمرا في بدايات الحملة الانتخابية الأمريكية.. سرعان ما ظهر اسمه مع رفع إيقاع التصريحات بين الديموقراطية والجمهوري.. اتهمه حسين باراك أوباما بالتدخل في تحديد مسار الانتخابات الرئاسية من خلال قرصنة الأنظمة المعلوماتية للحزب الديمقراطي.. وقد حدد مسارها !! ومن جانبه لم يخف إمبراطور الكرملين دعمه لترامب، ليصبح خليفة لكلينتون الزوج وبوش الإبن وباراك أوباما.. فوصفه بالرجل اللامع جدا والموهوب، كما وصفه أثناء الحملة الانتخابية ب"الزعيم المطلق في سباق الرئاسة.. ولم يخف ترامب أيضا إعجابه الشديد بالرئيس بوتين، حيث وصفه بالرجل القوي، وقال إنهما على استعداد للعمل معا، كما أشاد بما قدم كرئيس لروسيا.. وأضاف ترامب أثناء الحملة:" كنت في موسكو قبل عامين، وأنا أقول يمكننا العمل جنبا إلى جنب مع هؤلاء الناس والتفاهم معهم بشكل جيد، ويمكن عقد صفقات معهم".. فمن يقصد بهؤلاء الناس؟هل بوتين الرئيس الروسي وإدارته؟ أم بوتين الوريث الشرعي للمعسكر الشرقي؟ أم أعداء حلف الناتو الذي جهر بعدائه له؟ إنه تحالف بوتين، الصارم المضبوط الدبلوماسي الاستخباراتي العسكري السياسي، وترامب الذي يقول ما شاء وقتما شاء وكيفما شاء ويتراجع عنه كما يريد، الذي ترعرع في النعيم والأرائك الريشية الرطبة.. تحالف فاز بمعركة اختراق البيت الأبيض، مؤسسا لمرحلة جديدة في العلاقات الروسية الأمريكية يكون التحكم فيه لأحفاد السفيات. تمكن بوتين من تغذية غرور ترامب من خلال مدحه المتواصل، وتمكن عبره من اختراق البيت الأبيض، وكسب رهان من رهانات الحرب الدافئة الجديدة.. كَسَبَ دعم اللوبي الاقتصادي الأمريكي الذي دعم ترامب.. لتصبح معركته وحلفاؤه هي مواجهة الكونغرس الأمريكي وكبار المؤسسة العسكرية، ورجال الدراسات الاستراتيجية بالبيت الأبيض. لقد غير تحالف بوتين- ترامب قواعد اللعبة الأمريكية، مما يدفع إلى توقع ثلاثة سيناريوهات: أما الأول فخضوع أعضاء العملاق الأمريكي للدب الروسي وحلفائه في مشارق الأرض مغاربها، خصوصا بعد أفول شمس الحركات الإسلامية بعد الحراك العربي، والتي دعمتها إدارة أوباما، وتمكن روسيا من تحصين حلفائها في الشرق الأوسط.