اتحفتنا القناة الثانية ليلة الجمعة الماضية، بشذرات من الفن الرفيع عشنا معها لحظات حالمة سافرت بالمشاهدين إلى أعماق الاندلس، وجعلتنا نتذكر بعض رموز هذا الفن الأصيل، وتنشقنا من خلال شذى الألحان، أريج التراث المغربي الذي شدنا بجماليته وأخذ بتلابيبنا. البرنامج قدم لنا وصلات اندلسية، أدتها عناصر جوق البريهي من فاس برآسة الفنان أنس العطار، وهو حفيد أحد اعمدة فن طرب الآلة بالمغرب الراحل عبد الكريم الرايس، الذي يشكل امتدادا للمدرسة الفاسية في هذا الجنس من الفن. وكما قال الباحث الحبيب الحزاز، فإن الفن الاندلسي استوطن بداية فاس، قبل أن ينتقل إلى مدن أخرى. كما امتعنا المنشد المتميز سعيد الشرايبي صحبة جوق البريهي بمنتخبات من بسيط الاستهلال ومنتخبات من انصراف قدام العشاق قبل ان يأخذنا في لحظات صوفية مع القصيدة الفياشية المشهورة، التي مطلعها أنا ماني فياش واش علي مني.. نقلق من رزقي لاش والخالق يرزقني لسيدي بهلول الشرقي من ابي الجعد. وأطلعتنا حلقة شذى الالحان على العمل الذي يقوم الشاب جلال شقارة ابن شقيق الرحل عبد الصادق شقارة، الذي تحمل مشوار إكمال المشروع الفني الذي دشنه الراحل عبد الصادق والمتمثل في خلق حوار موسيقي بين عدوتي المتوسط، منطقة تطوان والاندلس من خلال مزج مقطوعات اندلسية وأخرى من التراث الشعبي الشمالي خاصة ألحان عبد الصادق شقارة، مع فن الفلامينغو الذي ظهر بإسبانيا في القرن الخامس عشرة حسب ما أفاد به الباحث الحبيب الحزاز حيث جاء من الهند. ويتميز بخصوصية متفردة وهو تعبير فني عن معاناة الهنود المهاجرين قبل ان يتطور ويصبح فنا إسبانيا خالصا. ورافق الفنان جلال بالاضافة إلى العازفين المغاربة فرقة قدمت من اشبيلية ومن ابرز اسمائها راقصة لفن الفلامينغو أنجليس جابالدون والتي حصلت على جوائز عالمية، وتدرس حاليا الرقص باليابان، وقدموا لنا وصلة فنية غاية في الانسجام نتمنى ان يواصل مسيرته في بعض أغاني عبد الصادق شقارة. وكان الطرب العربي حاضراً هو أيضا من خلال المطربة المغربية الصاعدة حنان يونس، وهي خريجة المعهد العالي للموسيقى العربية بالقاهرة التي قدمت رفقة عزفها على آلة العود، أغنية عربية لهدى سلطان.. وتتمتع حنان، بصوت رخيم عذب ينفذ بسرعة وسهولة إلى الاعماق. حضر الحلقة الباحث الأستاذ الحبيب الخراز سليل الزاوية الحراقية بتطوان والمهتم بالفنون التراثية، متطرقا إلى خصائص المدرسة الفاسية في طرب الآلة والفلامينغو الفن الأندلس الشعبي وإضاءات حول الفنانة هدى سلطان والزاوية كمدرسة موسيقية وفن الآلة وتعدد الروايات ومنطقة الاندلس والاثر الموسيقي العربي ثم المرأة المبدعة عبر التاريخ، وافكار أخرى التي جعلت البرنامج يحافظ على دائما خاصيتي الترفيه والتركيز. فيصل قراف