من قلب جبال الأطلس المتوسط.. على منابع نهر أم الربيع.. مدينة ساحرة بجبالها.. بأشجارها الصنوبرية.. بموقعها الأثري "إغرام أوسار" الموحدي (قصر المعدن).. بحميمية أهلها التي بددت قساوة البرد والمطر.. بأحضانها الدافئة وهي تعانق ثلة من المبدعين الذي تكبدوا مشاق السفر من دول ومدن مختلفة.. من أجل الاحتفاء بالشعر.. وبالناقد المغربي الدكتور نجيب العوفي، عبر ملتقاها الدولي الرابع للشعر الذي نظمته جمعية "إيمولا" بتنسيق مع المجلس البلدي لمريرت.. تحت شعار: "فليخضر الأطلس شعرا" يومي: 11 و12 أبريل 2012 بقاعة الحفلات عدال/مريرت. كانت الساعة تشير إلى حوالي الخامسة والنصف عندما أعلن الشاعر محمد زرهوني عن انطلاق الدورة الرابعة من " الملتقى الدولي للشعر بمريرت"، بكلمة ترحيبية شكر فيها كل المبدعين الذين تجشموا عناء السفر سواء من بعض الدول العربية (فلسطين، تونس، العراق، مصر، السعودية) أو من مختلف أرجاء المغرب متحدين الأحوال الجوية والبعد الجغرافي من أجل الاحتفاء بهذا العرس الشعري، ثم أعطى الكلمة للأستاذ إبراهيم قهوايجي (إدارة الملتقى)، فاطمة الزهراء الزرقاني (رئيسة الجمعية)، الأستاذ محمد عدال (المجلس البلدي)، الناقد محمد بدوي (كلمة المشاركة العربية)، الزجال حفيظ اللمتوني (كلمة المشاركة المغربية). وبعد استراحة قصيرة، كان عشاق القصيدة على موعد مع أمسية شعرية بمشاركة: عدنان الصائغ (العراق)، أمال رضوان (فلسطين)، محمد أعشبون (هولندا)، إبراهيم قهوايجي (سبع عيون)، محمد زرهوني (جرسيف)، نجيب طبطاب (مكناس)، محمد العياشي (مريرت)، صابرين الصباغ (مصر)، إسماعيل زويرق (مراكش)، عبد الرحيم ايويري (قلعة مكونة)، سميرة جودي (مكناس)، محمد البلبال (تيفلت)، إلهام زويرق (مراكش)، لحسن عايي (الراشيدية)، أمينة حسيب (مراكش). ومن أجل الاحتفاء بالناقد المغربي نجيب العوفي شهد الملتقى صبيحة يوم الخميس، ندوة حول: "تجربة الشاعر والناقد نجيب العوفي"، بمشاركة الأساتذة: عبد السلام الفيزازي (أكادير)، بنعيسى بوحمالة (مكناس)، محمد بدوي (تونس)، وقد تناول الناقد عبد السلام الفيزازي في مداخلته مسار نجيب العوفي النقدي وتبنيه لمناهج نقدية متعددة (المنهج الواقعي، المنهج الجدلي، المنهج البنيوي) وتميز تجربته النقدية بالذكاء والوسطية والموضوعية والإبداعية والتفرد في التناول النقدي ومسايرته لتحول الشارع والمشهد الثقافي. في حين تحدث الناقد بنعيسى بوحمالة عن بداية نجيب العوفي في كتابة القصة القصيرة قبل أن يتجه نحو النقد الشعري والقصصي، وقد كان له دور حاسم في الدفاع عن النقد المغربي من خلال الحكم على العديد من التجارب الإبداعية، حيث زاوج بين إيقاع المشهد الأكاديمي والمشهد الثقافي، أما الناقد محمد بدوي فقد أكد على بساطة نجيب العوفي وتواضعه في علاقته مع الشعراء والأجيال اللاحقة، (درس في المحبة والوطنية)، وقد تخللت الجلسة شهادات عاشقة وحميمية في حق المحتفى به بمشاركة: محمد الوالي، عبد السلام الفيزازي، بنعيسى بوحمالة، والشاعر محمد العياشي بقصيدة في حق المحتفى به بعنوان: "نجيب العوفي". ثم أعطيت الكلمة للناقد نجيب العوفي عبر فيها عن سعادته في رؤية تجربته في مرايا الاَخرين ومدى اعتزازه بكلماتهم، كما شكر الجمعية المنظمة على هذا الاحتفاء وحيى مدينة مريرت التي يزورها لأول مرة، ثم تحدث عن تجربته النقدية. وقد اختتمت الجلسة التكريمية بتقديم الهدايا الرمزية وبردة الدورة للمحتفى به. والمحتفى به، قاص وناقد، من مواليد الناظور، حاصل على الإجازة في الأدب العربي والحقوق، وفي سنة 1985 أحرز على دكتوراة السلك الثالث في الأدب العربي. بدأ نشر النصوص القصصية في مجلة صوت المغرب خلال الستينيات، إلى جانب بعض المقالات الأدبية، وذلك عبر الصحف الوطنية الرائجة آنئذ، ومنذ أوائل السبعينيات، تحول الكاتب من الكتابة القصصية إلى الكتابة النقدية، من أجل تشغيل الساحة النقدية التي كانت شبه فارغة آنذاك. وقد توزعت الكتابة النقدية لدى الكاتب بين الشعر والقصة والرواية، شارك الكاتب في عدة لقاءات أدبية ونقدية داخل المغرب وخارجه حول محاور أدبية وثقافية لها علاقة بالأسئلة الراهنة للثقافة والإبداع، من أعماله: "درجة الوعي في الكتابة"، "جدل القراءة"، "مقاربة الواقع في القصة القصيرة المغربية: من التأسيس إلى التجنيس"، " ظواهر نصية"، "مساءلة الحداثة". وفي مساء اليوم نفسه، انطلقت أمسية شعرية وزجلية بمشاركة: ناجي حرابة (السعودية)، حفيظ اللمتوني (جرسيف)، هيام قبلان (فلسطين)، إسماعيل هموني (كلميم)، فتيحة المير (برشيد)، خالد الموساوي (فاس)، فتيحة رشاد (الدارالبيضاء)، نعيمة قصباوي (خنيفرة)، أوحمو الحسن الأحمدي(تارودانت)، وقد تخلل الملتقى مشاركة الفنان الأمازيغي عبد الله زرزوقي وتوقيع ديوان "منابع الأشواق" للشاعر محمد العياشي، و"أناديك قبل الكلام" للشاعر إبراهيم قهوايجي. وإذا كان الستار قد أسدل على فعاليات الملتقى الدولي الرابع للشعر بمريرت الذي حظي باحتفاء كبير من طرف الأدباء المشاركين والمهتمين بالشأن الأدبي وبدعم وتضامن بعض المبدعين ماديا ومعنويا (محمد أعشبون، ريحانة بشير، عيسى بوحمالة،..)، فإن الاحتفاء بالناقد المغربي نجيب العوفي سيظل ذكرى جميلة في السجل الإبداعي والثقافي لمدينة مريرت.