"قبلات في يد الهواء"، هو عنوان المجموعة القصصية القصيرة جدا، التي صدرت في الآونة الأخيرة، للمبدع المتألق عز الدين الماعزي، عن دار القرويين بالدار البيضاء. وتضم المجموعة الجميلة التي أبدع غلافها الفنان عبد الكريم الأزهر، نحو 60 نصا قصصيا قصيرا، يرصد العديد من القضايا، والأحاسيس، التي يستشعرها الكاتب، منها" نام..أصبح وزيرا، رأس الخيط ، وجع التراب ، عشبة القصص ، ثوب حياتي، فواكه الجنة، سيناريو، الحساب الإداري، قبلة، دودة القصة، رؤيا، قارئ الأحلام، الحلم، الزعيم ، أغنية، طلاق، ثم قرار من فوق الشجرة،...... وقال الناقد الأدبي محمد رمصيص في تقديم للمجموعة، التي أهداها الماعزي إلى "خالتي عائشة منبع الحكي الذي لا ينضب" أن هذه الاضمومة برهانها على الكثافة والسمك تكون قد حررت المعنى من سجن الكلمات وشتته على المحذوف والمغيب وخلصته من سلطة تطابق القص مع الواقع، علما أن هذا التطابق مبتغى مستحيل التحقق..دون نسيان أن آلية التكثيف أضحت عند القاص وسيلة من وسائل اتساع دلالة القص، اتساع مسنود بحكي متلفع ولغة طفية تخفي الكثير من ألوان المعاني، جراء رهانها على قانون الندرة ومناطق الهمس والصمت.مؤكدا على أن بالحلم والحدس توفق القاص في التوغل عميقا في باطن شخوصه. إن المجموعة في راصدها الإبداعي والفني حلم يرمي بشعاعه إلى سماء التشهي، كرة ثقيلة توضع كويلا بين يدي القدر، إنها قدر جميل يسحب فراشه على وجهه ثم ينام. إن الإصدار الجديد هو بمثابة أغنية لمشاعر الكاتب حين يحس بتلوث في الأعماق، أغنية يتيمة تسمعها الأشجار، وتجتمع من حولها الطيور، وينتشر صداها في الحقول والسهول تحت وابل من المطر، هي أغنية، وقبلة للعشاق وصلاة الأمهات. إن الكاتب الماعزي توفق في مؤلفه الجديد، وفي عدد من كتاباته، ومؤلفاته السابقة إلى استبطان الكلمة الموحية، وترسيخ قيم فعل إبداعي جميل قادر على خلخلة الذاكرة الجماعية للمتلقي وطرح السؤال، والبحث عن ذلك المعادل الموضوعي الذي يفضي إلى ضفاف السحر والإبداع. "قبلات في يد الهواء" لوحة تشكيلية تخفي في ظلال ألوانها فيضا من السحر الإبداعي الجميل، شكلا ومضمونا، وتبرز بكل تجلياتها الصوفية رؤى كاتب متمرس، ويحس، ويعاشر نبض المجتمع والذات، ويرسم بحروفه عالما، يعيشه وحده، ويقاسم طقوسه لطف المتلقي حين يكون صافي الذهن، انه السحر القصصي" الماعزي" الذي عودنها عليه الكاتب، في مجموعته الجديدة، وفي العديد من كتاباته، وكذا في مجموعته الأولى" يوميات معلم في الجبل"، التي صدرت في طبعتين عام 1998 و 2003، و"حب على طريقة الكبار"، التي صدرت سنة 2006، ثم في باكورته الشعرية" ارتعاشة ماء" التي صدرت العام الماضي.