تقديم: لقد فتح الأستاذ الجليل سي إبر هيم ايت لمعلم مشكورا بعمله الرصين وتحليله الرفيع لأقصوصة " الدم المباح في رحلة الأشباح" الباب على مصراعيه في وجه الطاقات الورزازية للتعامل إيجابا مع إبداع إخواننا المبدعين المحليين..واضعا سنة حميدة نرجو لها النجاح والتوفيق . وعلى هذا الدرب فتحت هذه النافذة . وركبت دهشة القراءة للبحت في عمل متميز للأديب إدريس الجرماطي فكان ما يلي: متعة القراءة في " رقصة الجنازة" -مؤلف " رقصة الجنازة " للكاتب إدريس الجرماطي عبارة عن مجموعة قصصية تتراوح ما بين جنسي القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا موضوعه، هو العالم بشري في تناقضاته المفزعة وتأملاته المتوحشة وأبعاده الكاريكاتورية ، التي تريك الشيء ونقيضه. ثم تقفز على المألوف لترسم اللامعقول كحقيقة حتمية للإنسان..وبالتالي هي دينامية إبداعية مشحونة بدفقة جدلية هيكلية "إصطدامية" ما بين بعدي الموت والحياة والظلم والعدل .ليسفر هذا الاحتكاك أللا متكافئ عما يمكن اعتباره-حسب تأويلي الشخصي طبعا- بالموت الناعم أو الحياة المنومة..هذا الموت الفلسفي (الموت الناعم أو البارد..الخ) بدأ يظهر كبيد يل طبيعي في مجمل كتابات الكاتب الفذ سي إدريس الجرماطي للحياة الفانية الفارغة التي فقدت دورة تكوينها ونضجها الطبيعيين. إذ الكتابة السردية لدى كاتبنا المبدع هي أشبه بالوقوف أمام مرايا متعددة تعكس نفس الشخصية لكن بأشكال تبدو متناقضة متقاطعة ومتوازيةأحيانا . لكنها في نهاية المطاف تعكس شخصية واحدة في كل أبعادها الإنسانية . وارجح أن الكاتب نحا بالإبداع الأدبي أي بالإبداع السردي تحديدا نحو غيبيات الفكر الفلسفي . وأنا أقرأ مجموعة "رقصة الجنازة" فكأنني اقرأ نظرية الكهف أو تداعيات المدينة الفاضلة .تحديدا تشعر انك في غيبوبة رياضة اليوكا او أنك في زوبعة هائلة متشابكة متباينة يعصب الخروج منها بسهولة كصعوبة فهم "رقصة الجنازة" و استيعابها بفطنة القارئ غير المتمرس ..إذن فإدريس الجرماطي يكتب للحياة تحت أنقاض الموت أو يقتل الموت بطريقته ليصنع منها حياته الخاصة به ان شئت ..ويحذرك من أللامعقول وأللا منطقي ليأخذك رويدا رويدا إلى عفن الحياة المألوفة.. وبذكاء شديد يجعل شخصياته عميقة في التاريخ مثخنة بالأصالة ليعبر لك عن رؤية أعمق للكون والوجود والبشرية تماما كما لو أنه فيلسوف ينظر للعالم من زاويته الشخصية بعيدا عن المؤثرات والخلفيات الإيديولوجية.. رؤية تطفح بالصدق والصراحة وتذهب حد السذاجة أحيانا... هي شخصيات عديمة التموقع في الزمان والمكان، محدودية الحركة في النص موجهة آليا خارج النص لأنها مجرد أدوات مساعدة في بناء موقف ما أو تمرير خطاب معين أو تحقيق هدف محدد سلفا ليس إلا .. إذن فهي شخصيات مشروطة غير فاعلة ولا منفعلة تملأ المشاهد، وتهيأ الوضعيات، وتستوعب الدروس لا غير.. فلا عجب والحال هذه ان تكون إنسانا او حيوانا او حشرة أو أي شيئ أخر ... ويحقق الجرماطي متعته الإبداعية في خرقه العنيف للمألوف وقلبه الهزلي لكل ما هو طبيعي رابطا بين علم المتخيل الموغل في الخيال، والعالم الواقعي المبتذل بشعرة معاوية.لا يدركها إلا كل ذي حظ عظيم في النقد أو ذي مكرمة كبيرة في التذوق والإدراك الفني والجمالي.. ليبقى الاجتهاد اكبر سمة تميز هذا الرجل العصامي إبداعيا وفي ديدانه اليومي، وقد انعكس هذا الطبع على كتاباته. إذ يستحيل ان تربط بين أسلوبه في الكتابة و المناولة الإبداعية بشخص غيره..فلقد يكون فريدا منفردا بهدا الباب فيما أعرف طبعا.. -ويبقى المكون الفني والجمالي للنظام السردي للكاتب الورزازي المبدع سي إدريس الجماطي ميدانا فسيحا يرشح بعبقريته الفذة في الكتابة..فالأزمنة والأمكنة في أنساقه متعالية ،غير مألوفة ، فلا الزمان زمان عنده بمفهومه الفيزيائي ولا المكان مكان لديه بمفهومه الجغرافي بل تتداخل فيها الأبعاد فلسفيا مشحونة برمزية مفرطة تعطيها قوة خارقة في القراءة. وبذلك يتحول الزمان الى إشارات رمزية عميقة تحيلك على ابعاد خارج الزمان وفرعية متمددة تضرب في اتجاهات مختلفة(الزمن النفسي، الزمن القصصي، الزمن العام والخاص...الخ) ونفس الشيء للأمكنة التي هي وعاء فسيح للمواقف والخطابات .وهي تارة مغلقة وأغلب الأحيان ممتدة فسيحة .. -إجمالا اعتبر هذه المحاولة البسيطة لفهم عوالم كاتبنا الفذ سي إدريس الجرماطي مجازفة حقيقية . ومغامرة كبيرة في يم من الابداع لا يقتحمه إلا ذوي الحنكة والمراس في الغوص.. ولا يشفع لي عندكم ولا عند أخينا سي إدريس إلا فضولي الفكري وحبي لأعمال هذا الرجل الذي اكن له كل التقدير..فعذرا ، فإن أصبت فتلك منايا ومقصدي وإن أخفقت فاحتفظوا لي بأجر المجتهد وتحياتي لكل قرائنا ومحبينا ومتتبعينا ....