هذا الحرف المعشوق منهار الروح.. بسبب الخبر الظالم الذي حمله إليّ الغراب الأشقر.. في مدينة تدخن رائحة اللوز، والليل المعلق بدالية العنب.. فيه كنت أخطو عبر أدغال إيقاعات عرس جبلي من بعيد تصلني أصداء صلوات.. خبر صوت صرخة جرح طعنة نكبة زلزال سقوط انهيار.. جسدي المشدود إلى سواد الجريدة بات غريبا عني.. قلت درويش مات..؟ نعم للموت.. لكن درويش لم يمت.. هذا اليبس الرهيب، في جداول الداخل، سياج فولاذي طويل، أعصره الآن حبرا تسكنه غابات كالسحاب، يحكمها حجر برائحة الزيتون.. وفي بياض النظرات وتفريخ الأسوار يكتبني الشعر أنوارا لمواسم شظايا السؤال.. في مدينة ما فتئت تحتفل بالمزيد من ألوان السقوط في أعالي بحار الخروج.. أمتطيه صهوة حلم جميل يبدد أقنعة القمر. للقمر مرايا تلمع أحذيتهم المجرورة، للمرايا وجوه مشروخة بحجارة جبال الشمس تكسرها سواعد أطفال غادروا على توهم مدارس حكومية. كل الأجراس المحفورة الحناجر في مستنقع مدينتي الحزينة سقطت، وبين الخنادق الواسعة لهذه المغارة اللغوية المفروشة بحصير الفاجعة تاهت شموع المعاني، ودوالي الحرف بحبال مجاهل السؤال تجذبني إلى قاع فاجعة الصمت. والسيف أبلغ من صمت الجبان حين يحل الظلام. في سماء أجساد الشوارع الموصدة رأيت أسواط الليل طليقة تصول، وبالوشم المغسول برائحة الدم ينقش عبيد القمر تفاصيل سيرة التيتار في سجلات صدور النساء وعظام الأطفال، وعيون الرجال من أعلى صهوة الجبال بالحجر الأحمر تقاوم أذناب القمر.. وكل عيون الأرض الخضراء تراقب ما يجري في مدينتي الجريحة، وشاهدة على فصول جديدة لمجزرة قديمة. إنه سفر يا محمود القضية والإنسان عبر أشعة سدرة تراب المشتهى.. الذي نحمله في مزيج الجذر القابع في شمسنا الحارقة و القادمة.. هناك في محطة البداية .. فنم يا صرخة الحجر نم يا صوت كل الأشجار المبتورة الحقوق نم مستريحا في سرير صرخاتك / وصاياك التي ستظل منقوشة في أعماق كل شموع العالم.. فوداعا يا بحرا ألهب صدر العدو نارا.. ثم رحل.. ليلاعب نرد زمن آخر..