نظم منتدى تطوان للسرد الأدبي مؤخرا بفضاء قاعة العروض والاجتماعات للجماعة الحضرية بتطوان، لقاءا نقديا حول المجموعة القصصية" ظلال وارفة" لسعاد الناصر(أم سلمى)،التي تعد من الأسماء الأدبية المعروفة في المغرب،حيث أصدرت ديوان: لعبة اللانهاية سنة:1985 وديوان: فصول من موعد الجمر سنة:1986 ومجموعتها القصصية الأولى القصصية: إيقاعات في قلب الزمن سنة:1995،" بوح الأنوثة"سلسلة شراع،"وديوان شعري "سأسميك سنبلة"، إضافة إلى تألقها في بكلية آداب تطوان كأستاذة جامعية لمادة تحليل الخطاب السردي. وقد كان وراء هذا الحدث الثقافي المتميز منتدى تطوان للسرد الأدبي الذي يواصل مسيره الجاد في حقل السرد الأدبي إبداعا وتنظيرا ونقدا وترجمة منذ تأسيسه سنة2005 بفضل جهود أعضاء مكتبه: خالد أقلعي، محمد المعادي، الحسن الغشتول، فضيلة الوزاني، عبد الجليل الوزاني، محمد بروحو، عبد الرحيم الشاهد، أحمد المخلوفي، خالد أعراب، حيث تبلورت أعماله على الرغم من حداثة عهده نسبيا، فقد استطاع أن يراكم رصيدا متميزا من خلال الملفات التي عالجها كملف الرواية والتاريخ، وملف القصة القصيرة في المغرب، ونموذج القصة في الكويت، وكذلك من خلال استضافة بعض الرموز في الإبداع القصصي العربي عامة والمغربي خاصة، وكذا في النقد الأدبي المنصب على السرد. الجلسة النقدية تميزت بمداخلات رصينة تألق في إدارتها الدكتور الحسن الغشتول الذي استحضر في كلمته المقتضبة جوانب مهمة من المسار الإبداعي لهذه القاصة الشاعرة سعاد الناصر،بعدها مباشرة تناول الكلمة الناقد المغربي الفذ نجيب العوفي وسمها ب" حداثة الشكل وأصالة المضمون" في"ظلال وارفة"، ركزت على القاصة سعاد الناصر وعبد الهادي بن يسف مشبها إياهما بالثنائي اللبناني سهيل إدريس وعادية مرتجي إدريس، مذكرا بعراقة آل الناصر وريادتها الثقافية بالمغرب،ومن ثمة اعتبر أن المجموعة القصصية ماهي إلا ظلال الإيمان الوارفة فيما يشبه البلسم والترياق،لكونها تعزف لحنا روحانيا إيمانيا لتشكل بذلك " تراتيل قصصية في محراب الله"،مؤكدا على خصوصيتها وجدتها التي تنهلها من هذه الظلال.لينتقل بعد ذلك للحديث عن التوليف بين حداثة الشكل وأصالة المضمون انطلاقا من عقد سيكوباتية وعقيدية، متوقفا عند مجموعة من التيمات كتيمة :الإيمان، الموت والفقدان ، والبطالة والهجرة، والغربة والفراق، ليخلص في النهاية إلى اعتبار أن المجموعة القصصية " ظلال وارفة" لسعاد الناصر تحمل بطاقة سفر إلى مرافئ الروح عبر لغة صوفية تمتح معجمها من منبع الروح.أما الدكتور عبد السلام أقلمون من كلية آداب أكادير فقد آثر في مداخلته طرح مجموعة من الأسئلة تهم بعض القضايا من قبيل "المرأة والكتابة"و" القصة القصيرة وإشكالية التطور،ليفرد الحديث بعد ذلك لإشكالية العنونة وشعريتها في " ظلال وارفة" انطلاقا من الدلالة الرمزية التي تصنعها بلاغة الانزياح، مثلا لذلك بقصة "ليس للسفر أوراق تزهر"،لينتهي إلى أن" القصة مرآة تنتصب للحياة وأن الأدب علم الأشياء التي لا علم لها". أما الدكتورة جميلة رزقي من كلية آداب تطوان، فارتأت أن تخصص مداخلتها لقراءة عاشقة في المجموعة، ركزت من خلالها على مغامرة التجريب عند القاصة بدءا من البحث في بنية المجموعة ومكوناتها الجمالية مستعرضة سياقات الرفض المتمثلة أساسا في قضايا البطالة والهجرة ، لتشيد في النهاية بلغة سعاد الناصر التي تتداخل فيها النثر بالشعر،متوقفة عند مجموعة من السمات كسمة التكثيف، وسمة الواقعية.أما الدكتور محمد إقبال عروي من جامعة الكويت فقد اختار أن يسم مداخلته ب"نساء محترقات في ظلال وارفة"، أكد من خلالها على أن المجموعة القصصية لا تتعدى أن تكون سيرة ذاتية مستشهدا على ذلك بقصة "مرآة" الذي يعكس حقيقة أم سلمى على حد تعبيره، لأنه لايوجد في المتن القصصي سوى الاحتراق وأن كل قصة تشكل مستوى من مستويات احتراق المرأة(معاناة المرأة في اختيار الزوج، معاناة المرأة من هجرة أولادها،...)، ليشير إلى الطلاق النفسي المتجسد أساسا في الروتين الزوجي" كلها أسباب لهذا الاحتراق. وقد شكلت كلمة المحتفى بها الأديبة سعاد الناصر(أم سلمى) لحظة تفيض بهاء وجمالا امتزج فيها الدمع بالكلمة الجياشة الصادقة لتعبر عن شجونها الداخلي الممثل قي غياب والدها رحمه الله هذا الغياب كما تقول شكل أيضا حرقة واحتراق،وأنها ثمرة من ثمار أبيها الذي بث فيها عشق الكلمة الطيبة وأن مرجعيته مكتبة الناصر التي تنهل من بلاغة القيم الإنسانية لتختم حديثها بهذه العبارات" إن داخل كل امرأة شهرزاد، تحكي وتروي وتؤجل موتها واحتراقها، هذا التأجيل تمارسه على شكل الكتابة وأنطلق إلى عشق أكبر، أنطلق في حضنها" بعدها كانت الكلمة للقاعة التي غصت جنابتها بجمهور نوعي تمثل في حضور ثلة من الأساتذة الجامعيين من كلية آداب تطوان وكلية آداب أكادير وأساتذة بالمدرسة العليا بتطوان ، إلى جانب مهم من المبدعين والطلبة الباحثين الذين أغنوا اللقاء بمداخلاتهم وأسئلتهم.ليختم اللقاء بحفل توقيعا للمجموعة القصصية " ظلال وارفة" لسعاد الناصر.