تحاول المخرجة الفرنسية من أصول عراقية ليلى البياتي في فيلمها الوثائقي "من عبدول إلى ليلى" المشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان تطوان لسينما البحر المتوسط، لملمة شتات حياتها المتشظية من خلال استرجاع جروح شخصية تركت علامات على جسدها، وأخرى غائرة في ثنايا روحها ونفسها ورثتها عن أبيها المناضل الهارب من جحيم العراق إلى فرنسا حيث ولدت. فيلم "من عبدول إلى ليلى" عبارة عن رحلة صعبة في الذات بحثا عن هوية مفتقدة وانتماء هلامي يبتعد كلما حاولت الاقتراب منه أو الإمساك به. فليلى التي ولدت ونشأت في فرنسا لا تتحدث العربية لكنها تقرر في لحظة من حياتها أن تتعلمها وتغني بها وترحل بحثا في العراق ومصر عن جذور تلاشت أو كادت، ورغم كل ماسيقع لها جراء ذلك لكنها ستنجح ولو نسبيا في رحلتها ومسارها ذاك. فيلم مصنوع بعجينة من صدق ودموع ومعاناة لا تدعنا كمشاهدين نظل محايدين إزاءه إذ لا نستطيع وضع مسافة بيننا وبين مانشاهده على الشاشة، بل تجرنا المخرجة للتعاطف والتماهي، فليلى البياتي تصر طيلة لحظات فيلمها على توريطنا في همومها وجنونها ومعاناتها وصراعها مع أبيها الذي يختلط فيه الحب بالمواجهة واللوم والعتاب لما كان سببا فيه وما حصل لها. من عبدول إلى ليلى فيلم يستحق المشاهدة.