1-مفهوم الرواية: لقد خاضت الرواية دون سائر الأنواع الأدبية، معركة طويلة متعددة المراحل في سبيل أن تكون نوعا أدبيا رفيعا معترفا به، فلقد عاشت طويلا مرحلة شعبية بدائية ثم تطورت إلى أساطير وملاحم شعرية في بعض الزمان والمكان.ولكنها ظلت في طورها الأول تعيش بين أفواه العامة وأسماعهم، دون أن ترقى منزلة إلى ماهو أعلى من ذلك في سلم الأدب الرفيع. واليوم بعد أن تعددت البحوث عربيا وعالميا في الرواية العربية،أصبح من المفروض علينا أن نثير الجوانب الأخرى غير التفسيرية أو الوصفية لمسيرة الرواية في الوطن العربي. ومما لاشك فيه أن الرواية تتيح رحلة اقل مشقة من رحلة الشعر، الذي نشا مع الوجدان العربي،وتكونت عنه في الذهنية العربية مجموعة من التصورات، التي جعلت بعض قيمه اقرب إلى القداسة أو التقديس منها إلى الواقع.و لهذا غالبا ما كانت رحلة الشعر في تحولاته مضنية ومعقدة بعض الشيء.أما الرواية فعلاقتها تكاد تنقطع عن موروث المقامة والحكاية، كما أنها في سماتها الفنية ونظرتها الاجتماعية التصقت بمحيط الفنان وتنشئته الاجتماعية وما يدور حوله وما يحيط به.وفي هذا يقول"شوقي يزيع":الفن الروائي هو الأقدر على كتابة التاريخ الفعلي للبشر،تاريخ الأحشاء والقيعان لا التاريخ الرسمي الذي يضعه الحكام في عهدة حفنة من الموظفين والكتبة ومزوري الحقائق وسماسرة السلاطين." والأدهى من هذا أن حياة الرواية داخل نطاق الفن تمثل أطوارا طويلة متعددة تختلف من بلد إلى بلد،وتختلط بالرواية الشعبية عن قرب أو عن بعد ولكنها في جملتها تمثل المراحل الآتية: *المرحلة المفرطة كحبات العقد كل منها حبة ثمينة في حد ذاتها، وما على المؤلف إلا أن يجمع حبات هذا العقد في خيط واحد.وهذا يدل أن هذه العجائب وتلك الغرائب كلها رآها إنسان واحد أو حدثت لبطل واحد، إن كل حادثة وكل أعجوبة مشوقة في حد ذاتها تدفع القارئ لطلب المزيد منها.مثلما يريد النهم المزيد من الطعام. إن لذة الرواية في هذا الطور كانت في تتبع هذه الرحلة المتنقلة بين حبات العقد.وتأتي الرحلات وعلوم الجغرافيا وكتب العجائب والفلك والأنواء ومشابهها،لتغذي هذا النوع من الروايات فلم يكن لمؤلفيها أمام العطش المتزايد من الجمهور قدرة على أن يشبعوا ذلك عن طريق الرحلات الفعلية أو المعلومات المحدودة التي تصل إليهم من الناس.ثم جاء طور رواية البطل المحبوب الذي تحدت له جملة أحداث،قد لا تكون طريفة وإنما السر في تعلقنا بالرواية هو حبنا للبطل ورغبتنا الجامحة في رؤيته وفق تصورنا ومبتغانا الخاص رغم المخاطر او حتى رغم الظروف التي تحول دون تشكل سليم صحيح.وهذا إن دل على شيء فان يدل أن الرواية تكشف النقاب عن جوانب مظلمة تحاول إثارتها،من خلال إدراج صراعات الإنسان مع نفسه.مما استدعى من الرواية الالتجاء لمجال علم النفس،فكثرت بذلك روايات العقل الباطني في سبيل تحليل دوافع السلوك فكانت بذلك رواية:"المونولوج الداخلي".ومما لا ريب فيه آن الرواية تستوعب كل الأسئلة التي تخالج كل النفوس،بل تعد أوضح الفنون في مخاطبة العقل وأوضح من الرسم ومن الموسيقى ومن الشعر.وهذا يوحي أنها تضمن ردودا قد تكون أعمق وأقوى أثرا مهما أمعنت في الغموض. إنها بذلك تصبح الفن أو النوع الأدبي الأول الذي يحاول الرد على الأسئلة،أو يحاول درس المشكلة،ولذلك سميت:" فن المشاكل"عند بعض النقاد المحدثين،بحيث إنها تستطيع وحدها أن تعالج الأبعاد المتعددة للمشكلة الواحدة.بيد أنها تحرص على التجديد في إبعاد المشكلة،وان تتخطى العلم بخيالها الي حلول يحيلها الحدس ويفجرها التعمق في ملاحظة السلوك ملاحظة فنية لحاجة يعجز عنها العالم الذي يفتقر الي حس الفنان المبدع. إن العالم يرى كل حركة في مستوى سائر الحركات ويرصدها رصدا، لعل فيها السر المفسر ولكن الفنان يلتقط أدق التفاصيل بشكل مدقق.مضيفا آنذاك الأبعاد الفنية لا الواقعية.انه مجهر من نوع خاص وهنا نقف برهة لنتساءل: هل يمكن لنا أن نتحدث عن رواية ما على أنها البداية وهل يجوز ذلك نقديا؟وما هو السياق النقدي النظري لنمو الرواية العربية؟ إن الرواية لم تعد جنسا أدبيا يبحث عن قيم نقدية لتقييمه كما كان الحال في ق 18.بل هي ألان ابرز الأجناس الأدبية ووجودها يفترض دائما توفر المناخ النقدي المناسب الذي يتيح للروائي التخلي عن ذلك التوتر الذي يكاد يمزق شرايين نسيج أعماله.وهو ينهض وينحدر في تجريبية مأزومة والدعوة لإيجاد مناخ نقدي تبدو صيحة كغيرها.يمكن أن يتحمس لها عديدون ويتولاها آخرون ،يسهمون في تهزئة نفس المناخ الذي يدعون ولكي لا تكون كغيرها لابد لهذه الدعوة أن ترتكز على مسلمة بسيطة هي ضرورة قراءة العمل الروائي قبل الكتابة عنه .والقراءة المقصودة هي القراءة الاستيعابية فتحليل النص الإبداعي يستدعي اكتر من قراءة واحدة بقصد بلوغ معناه ومشكلاته. وإذا كان الناقد معنيا بدراسة "الظرف الاجتماعي"للعمل،فانه يحتاج عادة الي مطالعة سيرة حياة كاتبه ومجمل الظروف التي لابد أن أثرت في رؤية المبدع وأسلوب تناوله.وهذه القراءة لا يمكن أن تكون استيعابية "أو بالأحرى ثرية وغنية".دون أن يمتلك الناقد ثقافة واسعة وتمكنا في أدائه الأسلوبي.والعمل الجيد يغني بالمقابل قراءة مركزة تعتمد ثقافة مناسبة،ومن شان العمل أن يتعرض إلى إساءة كبيرة،عندما يقع بين يدي كاتب عمود أو دارس عاديين في ثقافتهما وإمكاناتهما النقدية.وإذا وجد في كل ناقد جيد قدر من الإبداع .فان هذا الإبداع يفرز في شكل اضاءات توطد قيمة العمل الإبداعي،وتمنح القارئ فهم مكامن الإبداع،ولم لا ملا بياضات تركها المؤلف إما سهوا وإما لغرض مبطن في نفسه. 2 مرحلة التحليل: إن تحليل الرواية والوقوف على عتباتها ومضامينها يستدعي الوقوف عند السؤال المركزي التالي:لماذا اختار الأديب المغربي كتابة الرواية؟وما السبيل إلى معرفة الدوافع الاجتماعية والسياسية والثقافية التي رافقت الوعي بجدوى التخييل السردي وتصنيفات أنواعه وألوانه؟ وللمقاربة هذا لابد من الوقوف من الوقوف عند هذه المحطات: *لحظة شبه-روائية: تعتبر العديد من الدراسات أن "الزاوية"للتهامي الوزاني الانطلاقة الأولى للكتابة سرد أدبي روائي يتميز بجملة من الخصائص النصية والحكاية الحاملة لرؤية خاصة للذات والعالم الذي تحيى فيه في اقتران بما سبق يصبح نص "الزاوية"للتهامي منتميا لمرحلة :"ما قبل روائية أو شبه روائية".وهكذا استطاع التهامي الوزاني بنصه الفريد،أن يضع تاريخه للذات في ملتقى كتابة سردية،منفتحة على أخبار المجتمع والتاريخ ومرويات الأدباء والأولياء مع خصوبة واضحة من التخييل في تشخيص بعض وقائع الحياة.وفي نص آخر :"سليل الثقلين"سيفتح السرد عل عوالم الخرافة،لتحتضن الرواية بذلك المنطق العام لأجواء الجن والإنس وما تستدعيه من أبعاد رمزية ذات غايات تشتغل بإعادة تمثيل السردي العربي كما تبرزه:"ألف ليلة وليلة". لنستشف تعتمد على ارتياد أجواء حكائية خرافية عجيبة وغريبة ذات أبعاد فلسفية. *لحظة تاريخية سيرية: وهذا في غضون تمثيل الرواية لسيرة الذات أو وصف مظاهر الحياة اليومية وعادات وسلوك الأفراد،وهذا يتجلى بوضوح في سردين متمايزين: -السرد التاريخي والسرد السير ذاتي:نمثل للنوع الأول بالروايات التاريخية القصيرة التي كتبها عبد العزيز بن عبد الله وجمعها تحت عنوان:"شقراء الجيل". وبموازاة ذلك تأتي رواية :"وزير غرناطة"لعبد الهادي بوطالب لتقرب الشكل السردي من كتابة سيرة غيرية متعلقة بأحداث تاريخية. *لحظة سيرية –روائية: يمكن القول إن مسار الرواية سيتخذ من السيرة الذاتية شكلا مهيمنا للتعبير عن علاقة الفرد بالمجتمع ومحاولة الإمساك بتجارب الأنا في الزمان والمكان.لتصبح الأنا موضوعا لسرد ذاتي يستعيد عوالم الطفولة واليومي والمألوف والعابر.ويقدم لنا نص:"في الطفولة" لبنجلون مثالا واضحا وحاسما على نطاق الذات الساردة،مع ذات المؤلف الواقعي والفعلي،وتقديم مادة سردية تعبر عن مصير الأنا بموازاة مصير المجتمع ذاته. وهنا نتساءل: ماهي الدواعي التي اختار بموجبها بن جلون كتابة طفولته آنذاك؟وكيف السبيل إلى معرفة :"المرجعية الثقافية والأدبية"التي أقنعت المؤلف بكتابة سيرته الذاتية. إن نص بن جلون يعيد بناء هوية فردية ووطنية،ساهم في توليدها إقامة بن جلون في البلاد الانجليزية منذ أمد بعيد. وفي وهلة تتبعنا لمجموعة من الروايات، اتضح مزيج من السرد والإعداد المسرحي والشعر.وفيها متعة دون شك وتكتيف واستعداد لحالات وأفكار.ومن بين من عمدوا إلى هذه التقنية الروائي:"شعيب حليفي"في رواية:"أنا أيضا". فقد وضع إعدادا مسرحيا يخلق المسرح الكبير مع ما فيه من متحرك وجامد،فتحت بعنوان:"المسودة الأولى"تخطيطات أولى":في الساعة العاشرة واحدة عشرة دقيقة سجلت خطاطة أولى للرواية وضعت لها عنوانا."رائعة الملائكة. ثم سجل مايلي: سمير الزعفراني:مستخدم بالمحافظة العقارية. البشير سيف الحق:باحث اركيولوجي. بالإضافة إلى عشرات الشخصيات التي دونها في الصفحة الموالية،رسمت خريطة موسعة للفضاء الذي ستجري فيه الأحداث بمدينة سطات،وبالتحديد في فندق وهو فضاء واسع بمدخل يؤوي بعض الباعة والبهائم.كما يضم بيوتا قصديرية صغيرة ينام فيها بمقابل تمن زهيد بعض الباعة أو الزوار. من خلال هذه الرواية يحرص الروائي شعيب حليفي تكسير البنية المألوفة للرواية،فقد قسم روايته إلى ثلاث نصوص،ليقدم العمل بشكل عام وكأنه لوحة من التجريب الذاتي يتحرك فيها الكاتب وفقا لرؤيته ومنظوره الخاص في علاقته بالكتابة. واللافت للنظر توظيف الأدباء للسينما في الرواية،حين ننظر في التجربة الروائية اللاحقة،التي تعمدت الاستفادة من السينما،واتى ذلك في بعض مشاهدها بشكل لافت وصريح.وكمثال على ذلك هاته المشاهد من رواية :"رائحة الصابون"لالياس خوري. الكهل يلعب الطاولة،الكهل يتثاءب،كهلان يتثاءبان،عشرة وجوه تثاءب،أنوف كثيرة ومليئة بالشعيرات الصغيرة،أنوف تثاءب،تنفتح وتصدر اصواتا أسنان ووجود. وكذلك: *لقطة لوجه الأم على الشاشة. *لقطة للام تحمل ابنتها وتقبلها. *لقطة ثانية لوجه الأم الذي يبدأ في التقلص ورجل في حوالي الخمسين تحتل الشاشة. يتضح من خلال هذا المثال الحضور المتعمد للسينما،سعيا وراء الإيهام بالحيادية وواقعية المشاهد. فماذا عن رواية :"رفقة السلاح والقمر"لمبارك ربيع. تبدو بعض فصول الرواية وكأنها مشاهد مستقلة عن بعضها البعض، غير أننا نرى الخيط الناظم فيما بينها هو أن شخصياتها تميل أساسا إلى المشاركة في الحرب المقدسة،هذا التشكيل يقترب من المظهر الشكلي للسيناريو،فالقاسم المشترك بين تلك الفصول كونها عبارة عن مشاهد لشخصيات تتحرك في فضاءات مختلفة ومتباينة. إضافة إلى أنها تعيش احدثا صغيرة ومميزة،وكان النص كان يكتب وافقه المستقبلي أن يتحول إلى فيلم سينمائي. إن هذه الشخصيات بالرغم من أنها ظهرت في بيئات مختلفة وموزعة في فضاءات متنوعة،فإنها كانت منجذبة نحو الانتماء إلى القضية القومية،والتي تشكل مركز الجذب لاهتمامها ألا وهي: تحرير فلسطين. وهذه الحرب لم يتم إبرازها إلا في الفصل السادس عشر أي بعد عمليات مونطاج تحقق على مستوى المتلقي الذي يقوم باستجماع أشلاء الفصول السابقة،ليجد حضور شخصيات في ثنايا صراع يشكل بؤرة النص. علاوة على وصف السارد للفضاء بالصوت والصورة وما يعرفه من حركة،وكأنه يعمل على تهييئ المتلقي عبر الفضاء للمشاركة في هاته الحرب الهوجاء. كما أن السارد أثناء الحكي يقوم بتقطيع تقني للقطات بعض المشاهد،ذلك انه ينتقل في وصف المشهد من نقطة إلى أخرى،محددا بواسطة الوصف،نوع وحجم اللقطة وما تتضمنه،يظهر ذلك بوضوح في الفصل12 ،حيث نجد أنفسنا ننتقل من اللقطة الكبرى إلى اللقطة الصغرى،مرورا بلقطات أخرى وسيطة،وفي حركة تدريجية نازلة تحكمها زوايا نظر مختلفة تؤطرها بشكل أساسي نظرة السارد. اللقطة الكبرى اللقطة الصغرى السارد كما تقدم لنا الرواية في بعض لقطاتها السارد وهو يقوم بعملية مونطاج. إضافة إلى تقنية:الفلاش باك التي تسمح بتطعيم لحظة السرد الحاضرة بالرجوع إلى لحظات سابقة في الماضي بواسطة الاسترجاع. وبالنظر إلى مجموعة خناتة بنونة:"ليسقط الصمت"إذ يلفت أسلوبها الجميل والغني بالتلاوين والملئ بالرموز انتباه كنون،فيذكره بأسلوب مي الزيادة.ويكاد يكون مقال:"محمد الصباغ"المجنح على طريقة نقذ ميخائيل نعيمة الانطباعي في:"الغربال"مجرد تغزل في طرائق كتابة قصص المجموعة وإعجاب بأسلوبها لغرابة نبراته،وجدة بردته،وجرأة بوحه،ولهاث ظلاله". واللافت للنظر ما حققته من انزياح عن السرد المألوف،وهو مطلب ايجابي رغم اعتراض المعترضين. "فما أحوج أدبنا إلى هذه الموجة المتطورة التي تسدل بمهارة تلقائية على الصور والألوان. .فتبين من ورائها:"رجراجة،حالمة،سائحة،مكتسحة،غازية،مساحات الكلمات،غزيرة.إلا على من رق حسه وانتعش شعوره.، فخصائص المجموعة من وجهة نظر الصباغ راقية تحتاج لتحقق التجاوب معها إلى ارتفاع القارئ إلى مستوى استيعابها. ويتفق المنيعي مع الملاحظة الأخيرة فيقرر أن قراءة بعض قصص المجموعة تبدو عسيرة لدى فئة من القراء،نظرا للتعابير الشعرية والسخاء في التعبير عن مكنونات الشخوص وانقلاب الجمل متوترة تقطر كلماتها سخطا أو عذوبة ورومانسية.وان تذمر أغلبية القراء من اللغة الخرساء العسيرة الفهم التي كتبت بها المجموعة مرده:"جهل بمعطيات الفن الحديث الذي أصبح يسخر أساليب مخالفة للأساليب المعروفة في إدراكه لمواقف الإنسانية،مما يدفع بعض الأدباء المرموقين إلى ابتكار أفاق جديدة تنعكس في لغة شعرية متلونة بالغاز صعبة الإدراك." ووفقا لهذا الفهم يثير انتباه المنيعي الأسلوب الذي يعتبره محاولة من الكاتبة للوصول إلى أعماق القارئ بواسطة:"تكديس الكلمات وتزاحم العبارات وتلوين الانفعالات"،متوسلة بتسخير:"طاقات اللغة الشعرية النثرية التي تبلور الحقيقة وتجسدها بواسطة التفاعلات اللاشعورية الرامية إلى إبراز المفاهيم الإنسانية،وتسجيل مراحلها في انسياب العبارة التي تجمع في طياتها كل الآراء." ولا تبتعد مالكة العاصمي هي الأخرى كثيرا عن الرأي القائل بصعوبة قراءة قصص المجموعة،ففي رأيها أن غرام خناتة بنونة بالكلمة المنمقة وبالرمزية وبالتركيب الجديد للجملة هو مايستفز القارئ ويثير حسه الأدبي ويجعل القراءة متعبة.ويحول دون عدو قارئ قصص المجموعة عدوا بين الصفحات. وفي مقال لمحمد الزفزاف أنكر أن تكون :"ليسقط الصمت" مجموعة من القصص لكونها لا تعدو أن تكون قصائد نثرية مطولة صيغت على شكل قصيرة. وأخيرا نستنتج أن كتابات هذه المبدعة تحرص على تكسير الكتابة السردية، وفق النمط المتعارف عليه بين صفوف الكتاب، حيث كتبت بأفق خاص.وبطريقة جديدة متطورة شكلا ومضمونا عما شهدناه في كتابات من أمثال: "احمد بناني،عبد الرحمن الفاسي عبد المجيد بن جلون،وعبد الكريم غلاب،احمد عبد السلام البقالي،محمد الخضرالريسوني...ومن أمثالهم.وإذا أدرجنا في الحسبان مسالة تصنيف المجموعة ،فقد وسمها عبد الله كنون بأنها كتاب من:"أدب المقالة والقصة"مرة "والمجموعة القصصية"مرة ثانية.ونعتها محمد زفزاف عن قصد ب:"قصائد نثرية مطولة"ب"مقالات أخرى". في حين أخرجها :"إدريس الخوري"من عالم القصيدة بينما كان حسن المنيعي ومحمد الصباغ واضحين في وصف الكتاب:"بمجموعة قصصية" وهنا يبقى السؤال مطروحا أين يمكن أن نضع تجنيس هذه الكتابات السردية للكاتبة خناتة بنونة؟ وماهي مسوغات ارتباط الأعمال السردية بمجالات أدبية أخرى من قبيل:"الشعر،الموسيقى،الرسم ،علم النفس... 3بناء الشخصية في الرواية *تشيخوف: • تنبتق من هذه الشخصيات اسئلة حادة،تصل المرارة رغم الفكاهة فتتوالى الاسئلة. • الشخصية في لدنه اهم من الحدث.مبهة الماضي والمستقبل يتملكها الم لا حدث مفاجئ طارئ • الشخصية اسهام في التوجيه وحضورها يطالع القارئ للبحث والتنقيب (فانكا). • لقد اصبحت الشخصية في نظرتشيخوف موضوعا للاكتشاف •.يغوص في عالم الشخصيات المغمورة،لا تعيش تحث اديم الارض وتعيش دون ارادة،مفتاحها اللامبالاة،وتتفاوت وتبرز المجتمع الروسي انذاك. • الشخصية الضائعة والمضطربة بؤرة تشيخوف • تعاني من استحالة الحوار والتواصل. *قطعت دراسة الشخصية مراحل كبرى في علاقتها بتطور الرواية،فإذا كان الفعل السردي لا يمكن أن يتم إلا ضمن إطار حاضن له،تعبر عنه الشخصيات بكامل تمفصلاتها في مساراتها التصويرية،فان هذا لا ينجز إلا عبر تخوم من البرمجة السردية أمرا ممكنا،وتحدد التخوم عبر برامج فضائية،وزمانية موازية. دفع اختلاف وجهة النظر إلى الشخصية،بالمقاربات التي ترومها إلى تطوير أدواتها الإجرائية،فإذا كانت الرواية التقليدية تنظر إلى الشخصية بوصفها شبه كائن من لحم ودم،فان المقاربات التي اعتمدت المناهج السيميائية ،قد نظرت إلى الشخصية من منظور آخر،حيث نجد رولان بارت مثالا يعبر عنها بوصفها "كائن من ورق" لا وجود له إلا عبر الفضاء النصي الروائي،كما نجد فيليب هامون ينظر إليها باعتبارها علامة كباقي العلامات الدالة،التي قد تشير إلى معادل موضوعي في العالم الخارجي. ولعل تطور هاتين المقاربتين بالذات،ناتج عن تطور الرواية نفسها،إذ تتعالق والرواية الحديثة لا غير، حيث غدت الشخصية في هذه الأخيرة كائنا بلا ملامح،قد تعبر عنها نقطة، أو بياض،أو حرف...وقد يعبر عن شخصيتين باسم/علامة واحدة. انبثق عن هذا التطور في النظر إلى الشخصية،في الرواية الحداثية،تصور أكثر تطورا مثل مقاربات لوفيل ومونتادان التي تهم نظرية التعالق اللفظي البصري في السرد،نظرت إلى الشخصيات من جميع الاستعارات التي استقتها من السيمئيات البصرية خاصة،كالكاريكاتير والوصف البصري، 4 الوصف البصري والنمط النموذجي: يرى فيليب اوغتيل أن تعالق الأدب مع فنون الرسم،والسينما ولد مجموعة من الاستعارات في الرواية الحداثية،نذكر منها الوصف البصري،حيث يقدم تعريفا له بقوله:"إن الوصف البصري تقنية تسمح بوصف شخصيات وأمكنة ومشاهد،آو جزئيات مشهد،كما لو كانت لوحات أو مواضيع لوحات،واستعمال كتاب الفن،له نهايات فنية وقيمية،وجمالية."كما يرى أن ما يمكن أن تنعته وصفا بصريا، هو وصف أو صورة ،يجب أن تكون بالأساس قابلة لان تترجم إلى رسم أو داخل أي عمل بصري آخر. وتجدر الإشارة إلى انه في رواية "البعيدون"يندمج الوصف البصري مع النمط النموذجي،الذي يشير إلى المثال الأسمى للشخصيات،حيث تعبر كل شخصية من الشخصيات الأساس على نمط نموذجي لقيم معينة. ترجع فكرة النمط النموذجي إلى روش،كما أشار إلى ذلك جورج كليبر،حاولت من خلاله تجاوز قصور معيار الشروط الضرورية والكافية،من هنا ينظر إلى"بيلار"بوصفها نمطا نموذجيا للفتاة الاسبانية اعتمادا على الوصف البصري لها: "واصلت استراق النظر إليها،شعرها كستنائي حريري ينسدل فوق معطفها،لا،ليس حريريا تماما،بل تتخلله تموجات،تشبه مويجات النهر حين تهب عليه رياح خفيفة ممزوجة بشعاع ذهبي يرسله قرص الشمس،بل مغيبه"ص37 يمكن أن يختزل هذا الوصف البصري في لوحة رسم تظهر من خلالها "بيلار" نمطا نموذجيا للفتاة الاسبانية،بكل المواصفات الجسدية،والحركية وغيرها.ونقول الشيء نفسه عن "كريستان ايسن"، حيث تعد نمطا نموذجيا للفتاة الهولالندية،اعتمادا على الوصف البصري لها: "وجهها صاف رائق من غير مساحيق تجميل،لربما تضعها خفيفة،جسدها المرمري يوحي الي بأشياء كثيرة رائعة ولذيذة."ص151 إنها أشبه بلوحة الجو كندا التي حيرت الفنانين وكل محبي الجمال،هذا الوصف البصري يجعلنا أمام نمط نموذجي من نوع آخر،لكون قيمي هولندي،له خصوصيته،وله أبعاده الايقونية،التي تجعله يختلف عن القيم الاسبانية.