أسدل الستار عن فعاليات الندوة العلمية، التي نظمتها الكلية المتعددة التخصصات بآسفي. جامعة القاضي عياض بشراكة مع جمعية ذاكرة أسفي، تكريما للمرحوم الدكتور محمد بنشريفة. وتمحورت الندوة حول موضوع ” تاريخ المغرب وامتداد مجالاته الحضارية خلال العصر الوسيط وارتباطها موضوعيا بأبحاث المرحوم الأستاذ محمد بنشريفة”. و تخللت جلساتها التي امتدت ثلاثة أيام مجموعة من المداخلات الفكرية والعلمية، تناولت إضاءات جوهرية حول جهود وأبحاث الراحل. مسلطة الضوء على جهوده وأبحاثه في الفكر والثقافة والأدب على امتداد أزيد من نصف قرن من العطاء والعمل. وأجمعت مداخلات نخبة من الأساتذة الأكاديميين والباحثين من المغرب وخارجه، على استحضار مناقب محمد بنشريفة العلمية، باعتباره أحد أعلام الثقافة العربية وركيزة من ركائزها. لما تميز به من شموخ في الأخلاق ومثالا للجدية والتواضع في العلم، مؤكدة أن بحوثه العميقة لم تقف عند تناول الأدب العربي في الغرب الإسلامي تحقيقا ودراسة، وإنما توسعت لتشمل التاريخ واللغة وباقي العلوم الإسلامية. كما تناولت عددا من القضايا المندرجة في المسار العلمي للراحل بنشريفة، كجهوده العلمية بمجمع اللغة العربية بالقاهرة، والبعد الوطني للموسوعة الأندلسية في أبحاثه، وانشغاله بجماليات الحرية في الموشحات الأندلسية . وفي أثناء هذا الاحتفال نوهت شخصيات فكرية وأدبية أكاديمية من داخل المغرب وخارجه، بالأبحاث المختلفة للراحل المكرم بنشريفة في التراث المغربي الأندلسي، حيث عملت على مدى مساره الفكري والأكاديمي على تأكيد الحضور المتواصل والتفاعل بين أدب المشارقة والمغاربة. مشيدة بدوره الكبير في إغناء البحث العلمي المغربي، والنهوض بالبحث الأكاديمي في الجامعة المغربية وتحديدا جامعة محمد الخامس. ووقفت تلك المداخلات على الدور الكبير في تخريج أجيال من الطلبة الباحثين، الذين برزوا في شتى المجلات العلمية والفكرية بالمغرب، وحملوا مشعل العلم في مغرب اليوم، ودوره في تعزيز المكتبة المغربية بجملة من المؤلفات العلمية الموزعة على مباحث علمية مختلفة. ويعتبر المرحوم الدكتور محمد بنشريفة عميدا للدراسات الأندلسية، أغنى المكتبة بأبحاثه وتحقيقاته في مجال التراث المغربي والأندلسي، وشغل عضوا في أكاديمية المملكة المغربية منذ تأسيسها، ومقرر لجنة التراث فيها، كما شغل عضوا بالأكاديمية الملكية للتاريخ في إسبانيا، وعضوا بمجمع اللغة العربية بدمشق. ورحل المكرم ليلة الخميس 22 نونبر 2018 عن سن تناهز التسعين عاما. بعد مسيرة حافلة بالعلم والعطاء. مكنت من إغناء المكتبة المغربية والعربية بالعديد من الدراسات والأبحاث العلمية ومنها ، كتاب أبو المطرف أحمد بن عميرة المخزومي، حياته وآثاره، وآخر عن أمثال العوام في الأندلس، وشملت أبحاثه مجال التحقيق في التراث المغربي والعربي بوجه عام، ومنها دراسة حول الذيل والتكملة لابن عبد الملك المراكشي، وترتيب المدارك للقاضي عياض، وطرفة الظريف في أهل الجزيرة وطريف للمازوزي، وروضة الأديب في التفضيل بين المتنبي، وحبيب لابن لبال الشريشي، وديوان ابن مركون. ونتيجة لعطائه الكبير في مختلف المجلات العلمية والفكرية والثقافية ، حصل بنشريفة على جوائز عديدة، كجائزة الملك فيصل العالمية للأدب العربي حصل عليها سنة 1988، عن دراسته التي تناولت الأدب العربي في الأندلس ، وجائزة المغرب الكبرى سنة 1987 ، فاز بها عن دراسته الموسومة بأبي تمام وأبي الطيب في أدب المغاربة. للتذكير فقد حفظ المكرم القرآن الكريم وتابع دراسته الابتدائية، ثم التحق بمدرسة بن يوسف بمراكش إلى سنة 1952. عمل مفتشا للتعليم وحصل على الدكتوراه في الأدب من جامعة القاهرة في سنة 1969، كما شغل أستاذا بجامعة محمد الخامس، ومحافظا للخزانة الكبرى للقرويين، وعميدا لكلية الآداب بوجدة، ورئيسا لجامعة محمد الأول بها. ويأتي هذا الاحتفاء بهذا الهرم الكبير في العلم والثقافة والفكر المغربي – بحسب المنظمين – ، اعترافا بما قدمه من المؤلفات والدراسات والتحقيقات والأعمال والأبحاث للساحة الثقافية والفكرية، وللباحثين والمهتمين بالحضارة الأندلسية وذاكرتها. كما يعد الاحتفاء اعترافا بفضله وعطائه واستحضارا لمناقبه وجهوده، ووقوفا على السيرة العلمية الحافلة بالعطاء. وهذا ما عبرت عنه كل المداخلات خلال الندوة العلمية، التي أكدت في عموم مداخلاتها على أهمية ما أسداه من علم ومعرفة إسهاما من المحتفى به، في بيان تاريخ المغرب وامتداد مجالاته الحضارية خلال العصر الوسيط.