اختتام أشغال الدورة ال10 العادية للجنة الفنية المعنية بالعدالة والشؤون القانونية واعتماد تقريرها من قبل وزراء العدل في الاتحاد الإفريقي        حداد وطني بفرنسا تضامنا مع ضحايا إعصار "شيدو"    "إسرائيليون" حضروا مؤتمر الأممية الاشتراكية في الرباط.. هل حلت بالمغرب عائلات أسرى الحرب أيضا؟    أنشيلوتي يشيد بأداء مبابي ضد إشبيلية:"أحيانًا أكون على حق وفترة تكيف مبابي مع ريال قد انتهت"    حكيم زياش يثير الجدل قبل الميركاتو.. الوجهة بين الخليج وأوروبا    توقيف شخص بالبيضاء بشبهة ارتكاب جريمة الإيذاء العمدي عن طريق الدهس بالسيارة    معهد "بروميثيوس" يدعو مندوبية التخطيط إلى تحديث البيانات المتعلقة بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة على على منصتها    كيوسك الإثنين | إسبانيا تثمن عاليا جهود الملك محمد السادس من أجل الاستقرار        إنقاذ مواطن فرنسي علق بحافة مقلع مهجور نواحي أكادير    ترامب يهدد بمحاولة استعادة قناة بنما    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القانون والسيادة.. القاضي حكيم الوردي يُفكك القرار الأممي في قضية بوعشرين
نشر في القناة يوم 21 - 02 - 2019

انتبهت قواعد بانجالور للسلوك القضائي إلى الضرر الذي يمكن أن يحيق بالعدالة عند الصمت على الشائعات والآراء المضللة التي قد تشوش على قراراتها، وألزمت القضاة بوجوب المشاركة في النقاش العمومي المتجرد والموضوعي حول إشكالات قانونية صرفة دون المساس بقرينة البراءة في إطار حرية التعبير المكفولة لهم دستوريا، ومساعدة منهم للرأي العام بشكل مبسط على فهم بعض الإجراءات المسطرية تجنبا لسوء الفهم وتعزيزا للثقة في القضاء. رغم أن هناك من بات ينزعج بشكل غير مفهوم من ممارسة القضاة لحقهم في التعبير كمواطنين أولا ومهتمين بشؤون العدالة كباحتين جامعيين شغوفين بالمناظرات القانونية الرصينة ثانيا.
من هذا المنطلق يصعب على كل غيور على عدالة مغربنا الحبيب أن يصمت على الأخطاء القانونية التي تضمنتها ملاحظات فريق العمل حول الاعتقال التعسفي التابع لمفوضية الأمم المتحدة المتعلقة بحقوق الانسان حول قضية السيد توفيق بوعشرين، الذي خلص فيها إلى أن المعني بالأمر معتقل اعتقالا تعسفيا.
كرجال قانون لا يهمنا التعليق على خيارات الاستقواء بالخارج في الضغط على الداخل من أجل حل قضية جنائية صرفة، متلما لا يعنينا كثيرا التذكير بانعتاق الشعب المغربي من قيود الحماية الأجنبية وحصانة المحميين الجدد، ولكن من واجب المواطنين على القضاء أن يصون حقوقهم ويحمي حرياتهم والتي لا يمكن بتاتا القبول في مغرب هنا والآن أن يتم سلبها إرضاء لأهواء شخصية أو انتقامات مجانية.
فهل المواطن توفيق بوعشرين معتقل تعسفيا على خلفية آراءه كصحفي؟ وهل حرم من حقه في المحاكمة العادلة وفقا للمسطرة الجنائية والاتفاقيات الدولية دات الصلة؟ وما هي الأخطاء القانونية القاتلة التي ارتكبها فريق العمل المعني بالاعتقال التعسفي في ملاحظاته الصادرة حول ملف القضية.
سيتأسس الجواب عن هذه الأسئلة وغيرها على قانون المسطرة الجنائية وعلى الأحكام القضائية الصادرة، علما بأن جميع ما جاء في مقرر فريق العمل على لسان مصادره المجهولة شكل موضوع طلبات أولية ودفوع شكلية قدمها دفاعه وأجابت عنها النيابة العامة في الإبان بمرافعة شفوية عززت بمذكرة كتابية، كما قالت فيه المحكمة كلمتها بشكل مفصل في قرار متاح لمن أراد أن يلقي السمع وهو شهيد.
أولا: الاعتقال احتياطي وليس تعسفي
من المعلوم أن المصطلحات القانونية تتسم بالدقة وليست مجرد عبارات إنشائية لدغدغة شعور العامة، والمرجع في تفسيرها أن تنضبط للنص القانوني باعتباره أسمى تعبير عن إرادة الأمة ممتلة في البرلمان. لذلك يبدو الفرق واضحا من الناحية القانونية بين الاعتقال الاحتياطي والاعتقال التعسفي.
ذلك أن المادة 608 من قانون المسطرة الجنائية تمنع حرمان أي شخص من حريته إلا بمقتضى سند صادر عن السلطة القضائية يأمر باعتقاله احتياطياً أو بناء على سند يأمر بتنفيذ مقرر مكتسب لقوة الشيء المقضي به صادر عن هيئة قضائية يقضي عليه بعقوبة السجن أو الحبس أو الاعتقال أو الإكراه البدني، مع مراعاة مقتضيات المادتين 66 و80 من هذا القانون المتعلقتين بالوضع تحت الحراسة النظرية، ، فضلا عن كون مدير السجن لا يمكنه أن يقبل أو يحجز شخصا، إلا إذا قدم له سند من سندات الاعتقال المنصوص عليها في المادة 608 أعلاه وبعد تسجيل هذا السند في سجل الاعتقال المنصوص عليه في المادة 13 من القانون رقم 98-23 المتعلق بالسجون، وإلا اعتبر مرتكبا لجريمة الاعتقال التحكمي/ التعسفي المنصوص عليها في الفصل 225 من القانون الجنائي.
وعلى هذا الأساس طالما أن السيد توفيق بوعشرين أودع في السجن بناء على أمر صادر عن النيابة العامة كسلطة قضائية مستقلة تأسيسا على المادة 73 من قانون المسطرة الجنائية بعد استنطاقه حول المنسوب إليه بحضور دفاعه ومواجهته بوسائل الإثبات المتوفرة في الملف، وإحالته على غرفة الجنايات التي أصدرت في حقه عقوبة سجنية، فإنه يعتبر معتقلا احتياطيا طبقا للفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 98-23 بشأن تنظيم وتسيير المؤسسات السجنية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.99.200 بتاريخ 13 من جمادى الأولى 1420 (25 أغسطس 1999)، مادام لم يصدر في حقه بعد مقرر قطعي بالإدانة عقب استنفاد جميع طرق الطعن.
وإذا فالسيد توفيق بوعشرين ليس معتقلا بشكل تعسفي على النحو الذي خلص إليه فريق العمل ، والذي خضع للتضليل بما رفع إليه من معلومات نسبها إلى مصدر مجهول، متلما أبان عن جهل واضح كما المحامي البريطاني روندي ديكسون بقواعد الإجراءات الجنائية المغربي، فكان من الطبيعي أن يكون رأيه متعسفا حول الاعتقال الاحتياطي الذي يؤطر حالة السيد توفيق بوعشرين.
لقد اجتهد دفاع السيد بوعشرين أمام المحكمة وحتى خارجها من خلال الندوات الصحفية التي كان ينظمها في إثارة مسألة غياب حالة التلبس وعدم جاهزية القضية وبالتالي وجوب الإحالة على التحقيق، وهي مسألة تبناها تقرير فريق العمل المعني بالاعتقال التعسفي كحقيقة قانونية دون أي تمحيص.
ولكنه للأسف وخرقا للموضوعية والحياد التي تمنح أي تقرير مصداقيته المطلوبة، غيب الأجوبة القانونية التي قدمتها النيابة العامة سواء في مرافعتها الشفوية أو مذكرتها الكتابية والذي ارتكز على معطيين أساسيين:
1 – أن القضية كانت جاهزة للمحاكمة بناء على ما توافر في الملف من وسائل إثبات قوية حول ارتكاب المشتبه فيه للمنسوب إليه ويتعلق الأمر أساسا بعشرات المقاطع الجنسية المسجلة التي تم حجزها بمكتبه و بحضوره الشخصي على متن دعامة مادية (قرص صلب خارجي) فضلا عن أنه بعد عرض الأشرطة المذكورة على ثمانية ضحايا أكدن جميعهن بكل تلقائية وعفوية أنهن المعنيات بها وأن السيد توفيق بوعشرين هو من يظهر بها وهو بصدد استغلالهن جنسيا.
2 – أنه طبقا للمادة 83 من قانون المسطرة الجنائية فإن التحقيق ليس إلزاميا بالنسبة للأفعال المنسوبة للسيد بوعشرين والمتمتلة في جناية الاتجار بالبشر باستغلال الحاجة والضعف واستعمال السلطة والنفوذ لغرض الاستغلال الجنسي عن طريق الاعتياد والتهديد بالتشهير، وارتكابه ضد شخصين مجتمعين، وجناية هتك العرض بالعنف وجناية الاغتصاب وجناية محاولة الاغتصاب وجنحتي التحرش الجنسي وجلب واستدراج أشخاص للبغاء، من بينهم امرأة حامل، واستعمال وسائل للتصوير والتسجيل، المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصول 1-448، 2-448، 3-448، 485 و114 و498، 499، 1-503 من مجموعة القانون الجنائي. »
أما فيما يتعلق بحالة التلبس، فمن المعلوم فقها وقانونا وقضاء أنها ليست شرطا للإحالة المباشرة على غرفة الجنايات الابتدائية، على اعتبار أن التلبس في حد ذاته يبقى مجرد وسيلة إثبات تتعلق بظروف ارتكاب الجريمة يتم استحضارها ضمن وسائل إثبات أخرى لتقرير مدى جاهزية القضية من عدم ذلك.
وبالبناء على ما سبق، فإن النيابة العامة لما اعتبرت القضية جاهزة للحكم والأفعال على درجة كبيرة من الخطورة وتمس بالنظام العام وأحالت السيد توفيق بوعشرين في حالة اعتقال مباشرة على غرفة الجنايات الابتدائية تكون قد أعملت فقط الصلاحيات التي أناطها بها القانون من خلال المادتين 73 و49 من قانون المسطرة الجنائية المحال عليهما بموجب المادة 419 من نفس القانون.
أما عن المدة التي استغرقتها المحاكمة فذلك راجع لكثرة الطلبات المقدمة والشهود المستمع إليهم والأشرطة التي تم عرضها والمرافعات الطويلة التي تقدم بها الدفاع في إطار ممارسته لمهامه في إطار الحرص على ضمانات المحاكمة العادلة.
ثانيا: العدالة أسمى من الانتقام
جرى الربط بشكل تعسفي وبدون دليل جدي سواء أثناء مناقشة القضية أمام المحكمة أو في الندوات الصحفية وفي تقرير فريق العمل بين اعتقال السيد توفيق بوعشرين وممارسته الصحفية. وهو ربط لا يبخس آلام الضحايا ( أكثر من 11 امرأة بين عازبة ومتزوجة وحامل ) فقط ولكنه يقفز بسوء نية على ما في الملف من معطيات قانونية وواقعية، فأمام المحكمة يغدو الكلام الذي لا دليل عليه هو والعدم سواء.
ولأنه تقرير موجه لغاية الإدانة المسبقة للعدالة المغربية، لم يكلف فريق العمل نفسه عناء الرد على الثابت من وتائق الملف وجواب النيابة العامة في الإبان على الدفع المتعلق بالانتقام من السيد بوعشرين كصحافي مزعج عندما أكدت النيابة العامة أن قرار متابعته وإحالته في حالة اعتقال لا علاقة له بمهنته ولكنه ارتكز على البحت الذي انطلق من وشاية لامرأة مجهولة توصلت بها النيابة العامة تتحدث فيها عن قيام كاتب ومحلل صحفي مشهور يتوفر على مكتب بنفس عنوان مكتب المعني بالأمر بشارع الجيش الملكي عمارة الأحباس الطابق 17 الدار البيضاء بالاعتداء عليها جنسيا وتهديدها بنشر صورها الملتقطة بها بمكتبه إن تجرأت على التقدم بشكاية في مواجهته، ونفس الأمر بالنسبة لمشتكيتين معلومتين اثنتين واللتين تقدمتا أمام النيابة العامة بتواريخ متفاوتة في 16 و22 من شهر فبراير بشكايتيهما في مواجهة المعني بالأمر من أجل قيامه أيضا بالاعتداء جنسيا عليهما بمكتبه المهني وتهديدهما بنشر صورهما، وبعد البحث تمكنت الضابطة القضائية تحت إشراف النيابة العامة من حجز المعدات التقنية التي كان يخبئهما في مكتبه ويوثق بموجبها ممارساته الجنسية على ضحاياه من بينها مسجل فيديو رقمي DVR وقرص صلب خارجي، هذا الأخير الذي تبين بعد الاطلاع على فحواه أنه يتضمن تسجيلات فيديو تم التعرف من خلالها على مجموعة من الضحايا ويتعلق الأمر بثمانية نساء أكدن جميعهن بعد الاستماع إليهن في محاضر قانونية وقعنها أنهن من يظهرن في التسجيلات المذكورة إلى جانب المشتكى به موضحين للضابطة القضائية في محاضر سماعهن كافة ظروف وملابسات استغلال المتهم لهن جنسيا، بالإضافة إلى ضحية تاسعة تبين أنها كانت بدورها عرضة للتحرش الجنسي، وكذا المشتكيتين ليصل عدد ضحايا الاستغلال الجنسي للمعني بالأمر إلى إحدى عشر امرأة.
فهل يريد فريق العمل أن تغض العدالة بصرها على شكايات الضحايا وتنزع عنها كل مصداقية لمجرد أن المشتكى به صحافي، وهل مهنة الصحافي أو اية مهنة كيفما كانت تمنح صاحبها حصانة من أية متابعة عن أفعال تكتسي صبغة جرمية.
تالتا: محاولة تضليل العدالة عوض الإكراه على الشهادة
زعم تقرير فريق العمل ودون أن يطلع على وثائق ملف القضية الذي بات متاحا بعد صدور الحكم أنه تم ضم شهادة زائفة لملف الاتهام واستعمال الإكراه للحصول على شهادات تدين المعني بالأمر.
والحقيقة أن جميع الضحايا المستمع إليهن تمهيديا صرحن بكل تلقائية أنهن كن ضحايا للاستغلال الجنسي من طرف المعني بالأمر، وأشفعن تصريحاتهن بتوقيعات مفتوحة في محاضر سماعهن، وعند الاستماع إليهن من طرف المحكمة أكدن تصريحاتهن التمهيدية.
وفيما يخص ما وردت الإشارة إليه في التقرير من وجود ضحية تراجعت عن تصريحاتها وقدمت شكاية في مواجهة ضابط الشرطة القضائية من أجل التزوير وإجبارها على التوقيع، غير إن شكايتها رفضت ثم حكم عليها ب 6 أشهر حبسا نافذا، فإن حقيقة الأمر هي أن شكاية المعنية بالأمر في مواجهة ضابط للشرطة القضائية مؤهل لمباشرة وظيفته في مجموع تراب المملكة ينتمي للفرقة الوطنية للشرطة القضائية تم الحكم بعدم قبولها من طرف محكمة النقض، بعدما لم تحترم الإجراءات القانونية المتعين سلوكها في مواجهة الأشخاص المشمولين بقواعد الاختصاص الاستثنائية طبقا للمادة 268 من قانون المسطرة الجنائية.
وبعد تقديم الضابط لشكاية في مواجهة المعنية بالأمر أمام النيابة العامة من أجل التشهير به على متن وسائل الإعلام والتجني عليه باتهامه بدون وجه حق بالتزوير، تم البحث مع المعنية بالأمر والاستماع إليها من طرف النيابة العامة ومواجهتها بمضمون القرص المدمج المرفق بشكاية الضابط والذي يضم شريطا مصورا لها وهي تقرأ بصوت مسموع تصريحاتها المضمنة لها بمحضر سماعها التمهيدي بشكل عفوي وتلقائي دون أن تعترض على التصريحات التي تدعي أنها ضمنت لها على خلاف الحقيقة والتي تتعلق بكونها ضحية تحرش جنسي من طرف المعني بالأمر، وهي الحقيقة التي لم تستطع التهرب منها في محضر سماعها من طرف النيابة العامة، مما تحتم معه متابعتها في حالة سراح أمام المحكمة الابتدائية الزجرية بالدار البيضاء من طرف السيد وكيل الملك لدى نفس المحكمة من أجل ارتكابها جنحة التبليغ عن جريمة تعلم بعدم حدوثها طبقا للفصل 264 من القانون الجنائي، وبعد مناقشة قضيتها تم مؤاخذتها من أجل المنسوب إليها بستة أشهر حبسا نافذة، بعدما ثبت للمحكمة أن تصريحاتها موضوع محضر سماعها المدعى زوريته صادرة عنها بكل عفوية وتلقائية.
وعلى على خلاف ما تضمنه التقرير من إكراه للشاهدات على الحضور أمام المحكمة فإن الثابت من الحكم أن غرفة الجنايات الابتدائية التي تنظر قضية المعني بالأمر وبعدما وقفت على عدم استجابة بعض الشاهدات للحضور أمام المحكمة رغم استدعائهن عدة مرات، أمرت في نطاق الصلاحيات التي خولها قانون المسطرة الجنائية وبالضبط مقتضيات المواد 339 و422/2 و424 منه، بإحضارهن بواسطة القوة العمومية، وهي الأوامر التي تولت النيابة العامة السهر على تنفيذها بكل مهنية ومسؤولية وموضوعية وتجرد.
والمفاجأة التي كانت صادمة للجميع والتي يبدو أن محرر الشكاية المرفوعة لفريق العمل المعني بالاعتقال التعسفي تفادى الإشارة إليها بسوء نية، هي أنه خلال عملية السهر على تنفيذ أوامر المحكمة بالإحضار ثبت وجود تواطؤ بين بعض الشاهدات المتعنتات عن الحضور أمام المحكمة للإدلاء بأقوالهن بكل عفوية ومساعدة المحكمة على الوصول على الحقيقة بدليل أنه تم العثور على شاهدة مخبأة بالصندوق الخلفي لسيارة داخل إحدى المنازل مما يطرح أكثر من علامات استفهام حول مدى وجود نية صادقة في ضمان سير محاكمة عادلة ومساعدة المحكمة على الوصول إلى الحقيقة كاملة.
وإذا كان مفهوما أن فريق العمل قد لا يفهم الأمر الإلهي بالامتناع عن كتمان الشهادة، إلا أنه بحكم الحد الأدنى من المعرفة القانونية المفترضة في أعضائه ينبغي أن يعلم بأن الامتناع عن أداء الشهادة يعد فعلا مجرما بنص القانون. ولا يمكن لأي شخص استدعته المحكمة للشهادة أن يمتنع عن ذلك.
رابعا: فيما يخص ادعاء إغلاق الجلسات في وجه العموم لا سيما المراقبين الوطنيين والدوليين ابتداء من يوم 07/05/2018
يمعن تقرير فريق العمل في المغالطات ويبني عليها الأحكام بنية مسبقة للإدانة مما يفقده أية مصداقية، ولو محص فريق العمل ملف القضية لجنب نفسه عناء الزلل .
فمن ناحية قانونية صرفة يجب التأكيد، على أن الأمر يتعلق بطلب تقدم به دفاع الطرف المدني الذي ينوب عن الضحايا لم يعارض فيه وقتها لا النيابة العامة ولا دفاع السيد توفيق بوعشرين، والذي التمس من خلاله إصدار مقرر قضائي بجعل الجلسات سرية، مراعاة لطبيعة القضية التي تتضمن أشرطة جنسية تشكل خطرا على الأخلاق وكذا مراعاة لخصوصية وحرمة الضحايا اللائي يوجد من بينهن متزوجات، وهو الطلب الذي استجابت له هيئة المحكمة طبقا لمقتضيات المادة 302 من قانون المسطرة الجنائية التي تنص على حق المحكمة في الأمر بجعل الجلسة سرية، استثناء من المبدأ العام المتعلق بعلنية الجلسات، متى كان في علنية الجلسة خطرا على الأمن أو على الأخلاق، أو تعلق الأمر بقضية عنف أو اعتداء جنسي ضد المرأة أو القاصر.
وتنفيذا لمقرر المحكمة بجعل الجلسة سرية، فقد تم الترخيص بحضور أطراف القضية فقط ودفاعهم الذين سجلوا في ملف القضية النيابة عنهم، إلى جانب السيد نقيب هيأة المحامين بالدار البيضاء والسيد رئيس جمعية هيأة المحامين بالدار البيضاء لدورهما الفعال في الحرص على احترام أخلاقيات المهنة وأعرافها.
خامسا : فيما يخص ادعاء عدم تمكين النيابة العامة المتهم من كشف المكالمات الهاتفية:
يحاول واضعو التقرير الإيحاء باستيعابهم لمجريات الملف حتى دون أن يطلعو عليه، واكتفوا بالدفوع المقدمة من طرف الدفاع وغيبوا جواب النيابة العامة وقرارات المحكمة في إخلال سافر بمبدأ الحياد المفترض في أي هيئة تحترم نفسها.
فادعاء عدم تمكين النيابة العامة للسيد بوعشرين من كشف المكالمات الهاتفية مغالطة قانونية، ذلك أنه حرصا من الفرقة الوطنية للشرطة القضائية على حماية المعطيات الشخصية للسيد بوعشرين والغير معا، طبقا لمقتضيات القانون رقم 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي كما ورد في نفس جواب شركة الاتصالات الهاتفية على انتداب الشرطة القضائية، قامت بفرز الاتصالات الهاتفية التي تم الحصول على كشف بها، والاقتصار على الاتصالات التي لها علاقة مباشرة فقط بموضوع القضية وأطرافها وأنجزتها في شكل قائمة توضيحية، ويتعلق الأمر بالضحايا ومصرحات المحضر المستمع إليهن تمهيديا في ملف القضية.
علما أنه سبق لغرفة الجنايات الابتدائية أن بتت في الطلب المثار أعلاه أمامها بالرفض بنفس العلل، والقرار ضمن ملف القضية يمكن لمن يعنيه الأمر أن يطلع عليه.
سادسا: فيما يخص ادعاء التضييق على دفاع المتهم
إمعانا في المغالطات عن بينة وقصد وردت الإشارة بالتقرير إلى وجود متابعات جارية ضد أحد أعضاء هيئة دفاع السيد بوعشرين من أجل ثنيه عن ممارسة مهامه في الدفاع والنيابة عن هذا الأخير، ويكفي تكذيبا لهذا الزعم أن يتم الرجوع إلى الحكم الصادر في القضية للوقوف على حقيقة الإجراءات التي مارسها دفاع المتهم بكل حرية في إطار ضمان حقوق الدفاع، والتي بلغت للأسف حدا من الشطط من طرف بعض هيئة دفاع على وجه الخصوص لحد التلفظ بعبارات نابية ومسيئة في حق المحكمة والنيابة العامة ودفاع الطرف المدني في خرق سافر لأصول وأعراف وتقاليد مهنة المحاماة العريقة، مما دفع بالسيد نقيب هيئة المحامين بالدار البيضاء في سابقة إلى إصدار بيان عريض يستنكر من خلاله مثل هذه التصرفات وكذا جمعية هيئات المحامين بالمغرب.
ومع ذلك فقد تعاملت المحكمة مع التصرفات المخلة بالقانون والأعراف ، بكل مسؤولية وموضوعية وفي نطاق الاحترام التام للمساطر القانونية المعمول بها.
وبالتالي فلا يمكن الادعاء بوجود تضييق على دفاع السيد بوعشرين، وإن كانت من متابعة جارية في حق أحد أعضاء هيئة الدفاع المذكورة وقائعها وتاريخ تحريكها سابقة على محاكمة السيد توفيق بوعشرين ولا علاقة لها بها إطلاقا.
وعلى الإجمال يبدو أن الغاية لم تكن هي البحت عن الحقيقة في مضانها، وأن المخطط الذي جرى الإعداد له مند البداية هو اختيار محامي أجنبي لتدويل القضية وإغراقها بالأكاديب. فبدلا من أن ينضم إلى الدفاع الوطني لإقناع المحكمة رغم الترخيص لدفاع أجنبي بالترافع أمام المحكمة، اختار المحامي البريطاني روندي ديكسون وحتى قبل بحت القضية ومناقشتها وصدور حكم في موضوعها هو عنوان الحقيقة أن يتوجه بمذكرة إلى فريق العمل المعني بالاعتقال التعسفي التابع لمفوضية الأمم المتحدة لحقوق الانسان، تعامل معها بسذاجة غير مهنية وأحادية في الرؤية وتسرع فج لا يليق بهيئة تزعم تقديم النصح للدول في قضية جنائية داخلية بسط عليها القانون يده بما له من سيادة وطنية لا مجال للسماح بانتهاكها باسم هيئة أممية أو حسابات سياسوية.
*باحت قانوني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.