في اعماق التراث الحساني في محاولت النبش في الثقافة الحسانية وبعض الانساق التعبيرية التي تميز هذه الثقافة بالجنوب وهي كذلك تنتمي لمجموعات بشرية مشرقية انزاحت الى المنطقة خلال القرن السابع او الثامن الهجري في اطار مايعرف بالتغربة الهلالية التي دفعتها من المشرق او مايسمى بلاد الحجاز نحو صعيد مصر الى الجنوب حيث استوطنت من الجهة الشمالية من الصحراء المغربية وحوض سوس و وادنون وأمضت في هذه الرقعة الشمالية قرابة ثلاثة قرون ،ومنها هاجرت نحو الجنوب في اتجاه أدرار حتى نهر السنيغال ،ومنه نحو أزَوَاد وصحراء الجوف بمعنى المحادية لمالي ،هذه الرقعة الجغرافية الشاسعة أو المعروفة بالإمتداد، وستعرف لاحقا ببلاد البِيضَان أو ببلاد شنقيط أو « »تْرَابْ البيضان » » . وهذا المجال الجغرافي كانت تستوطنه قبل نزوح الهجرة المعقلية تحديدا تزعمتها قبائل بنو حسان نسبة الى حسان بن عٌقٌيْل بن مَعْقِل ،وطبعا هذه المجموعات وجدت امامها مايسمى بالقبائل الصنهاجية التي كانت في حدود ماقدمه المؤرخ السيوسيولوجي ابن خلدون سبعين أو ثمنين قبيلة ، وفيها من العشائر أكثر مما يحصى هذه المجموعات التي إختلف النسَّابون حول أصولها ، هذه القبائل نزحت من اليمن وتحديدا من حضرموت ، ومنهم مايقول بأنهم من أصول أمازيغية ،ومهما يكن فإن العرف العربي إمتد إلى هذه المنطقة في فجر الفتوحات وقبلها في فترات متقطعة . على كل حال هذه المجموعات المعقلية حاولت أن تٌعَرِّب هذا المجتمع وأن تنشر فيه هذه الثقافة العامية (الحسانية) اللهجة الحسانية في الأداب الشعبية وفي الوقت الذي إنحصرت فيه قبائل صنهاجية في التعاطي مع الثقافة العامية بمعنى أنها كانت مسؤولة عن نشوء مايسمى بالمحاضر (المَحضْرة) أي المدارس القرأنية ومجالس العلم وأيضا عن نشر الثقافة العربية تحديدا الشعر العربي والعلوم الشرعية واللغوية وغيرها … . وبالتالي المجتمع في هذه الحالة الثقافة العالمة (القبائل الصنهاجية ) تولت مهمة نشرها والتي عرفت لاحقا بفئة « ازْوَايَا » والثقافة الشعبية التي تولت نشرها ونشر الحسانية قبائل حسان والتي عرفت بفئة » الشوكة » او اهل « الحرابة » والفئة الاخرى من مكونات هذا المجتمع هي فئة « اللحمة » هي تلك الفئات الغارمة بمعنى تلك المنتجة التي تندرج ضمنها فئة « لَمْعلْمِين » أو الصناع التقليديين ثم فئة « إِكَّاوَن » اي إقَّاوَن أصحاب الطرب والغناء وفئة « الحَرَّاثِين » وغيرها من المجموعات المهمشة او مايصطلح عليها مجموعات القَعْ . هذه الثقافة الشعبية الموسومة بالحسانية نسبة لبنوا حسان إلى أصول هذه المجموعات التي ساهمت في نشر الثقافة فيه وأصبحت أدابها الشعبية متداولة على نطاق واسع ،فمن تمظهرات هذه الثقافة وجود شعر شعبي عامي يسمى بالشعر الحساني له قواعده وأسسه وبحوره وأغراضه وهي أغراض وبحور تختلف نسبيا عن بحور الشعر العربي الفصيح ،ايضا لها ثقافة الامثال الثعبية او بالعامية لها حكايات ،واساطير ومجموعة من الانساق التعبيرية الاخرى من تقاليد وعادات .