تشكّل الانفجارات المتزامنة لمئات من أجهزة اتصال يستخدمها عناصر في حزب الله الذي نسب الهجوم الى اسرائيل، ضربة قوية لنظام الاتصالات الخاص به قد تؤثر على أدائه في أي حرب مقبلة مع الدولة العبرية، كما يرى محللون. ويستخدم أعضاء حزب الله من مقاتلين وطواقم صحية وإدارية، نظام "بايجرز" للتواصل، وهي أجهزة استدعاء لاسلكية، بديلا من الهواتف الجوالة بسبب اختراق اسرائيل لشبكة الاتصالات في لبنان، كما قال مصدر أمني لفرانس برس. وقتل 12 شخصا على الأقل وأصيب نحو 2800 آخرين بجروح في الانفجارات المتزامنة لأجهزة الاتصال التي وقعت الثلاثاء في مناطق تعدّ معاقل لحزب الله في لبنان. وسجّل العدد الأكبر من الجرحى في ضاحية بيروتالجنوبية التي تضمّ مؤسسات حزب الله الاساسية، وتوزّع الجرحى الآخرون بين جنوبلبنان حيث يتبادل مقاتلو حزب الله القصف عند الحدود مع اسرائيل منذ نحو عام، وفي شرق لبنان حيث يعتقد أن الحزب يخزن بعض أبرز أسلحته. واعتبر مصدر مقرب من حزب الله أن تلك الانفجارات تعدّ "أقسى ضربة يتلقاها الحزب" من اسرائيل. "شبكة اتصالات أرضية" منذ بدء الحرب في غزة قبل نحو عام، تشهد المنطقة الحدودية بين اسرائيل ولبنان تبادلا شبه يومي للقصف بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله، حليف حماس. وتشنّ اسرائيل ضربات موجهة ضد مقاتلي حزب الله من خلال غارات طائرات مسيرة تستهدف خصوصا دراجات نارية وسيارات. ومنذ الاسابيع الأولى للتصعيد، طلب حزب الله من عناصره الكف عن استخدام الهواتف الجوالة لتفادي أن يتمكن الجيش الاسرائيلي من تحديد موقعهم. وشرح المصدر الأمني أن أجهزة الاتصال التي انفجرت شحنة جديدة منها الثلاثاء، تستخدم عادة في "استدعاء المقاتلين والطلب من الطواقم الطبية والإدارية الالتحاق بعملهم بالإضافة إلى التحذير من المسيرات الإسرائيلية في الأجواء". ورغم حجم الهجوم غير المسبوق الذي وقع الثلاثاء، اعتبر العقيد المتقاعد في الجيش اللبناني هشام جابر أنه "لن يؤثر ميدانيا على الحزب" بشكل كبير "لأن لديه وسائل ثانية سرية يستخدمها". وشرح جابر أن لدى حزب الله "شبكة اتصالات (...) داخلية" هي عبارة عن شبكة أرضية "أنشأها قبل سنوات (...) موجودة في كل المناطق بين القيادات، وكذلك للتواصل من منطقة إلى أخرى". في المقابل أوضح مصدر أمني فضّل عدم الكشف عن هويته أن حزب الله يشكّ في أن "قسما من شبكة الاتصالات الأرضية الداخلية الخاصة به مخترق" أيضا، "لكن الحزب لديه شبكة اتصالات أخرى آمنة، للتواصل بين القيادات". ورأت المحللة السياسية الخبيرة في شؤون حزب الله أمل سعد أن انفجارات أجهزة الاتصال هي "طبعا خرق تكنولوجي وأمني لحزب الله" ما يعني أنه سيكون للهجوم "تأثير على القيادة والسيطرة وسيكون عليهم إيجاد طرق جديدة لتجنب مثل هذه الأمور". واعتبر مدير ملف سوريا والعراق ولبنان في مجموعة الأزمات الدولية هايكو فيمن كذلك أنه بات على حزب الله "الآن إعادة تقييم نظامه للاتصالات (...) وأن يجد حلولا بديلة". خسائر بشرية بالإضافة إلى هذه الضربة لنظام الاتصالات، فإن حجم الخسائر البشرية التي طاولت حزب الله منذ بدء التصعيد مع اسرائيل قبل نحو عام، كبير أيضا، فقد قتل أكثر من 400 من مقاتليه حتى الآن، بينهم قياديون في الحزب مدى الأشهر الماضية. ومع عدد الجرحى الكبير في انفجارات أجهزة الاتصال، "هناك مئات ربما لن يكونوا قادرين على التحرك في الوقت الحالي، وغير قادرين على أداء مهامهم في الحزب"، وفق هايكو فيمن. واضاف أن "ذلك سيكون عاملا معطلا بالتأكيد". في المقابل، رأى العقيد جابر أن عدد الجرحى الكبير لن يكون له بالضرورة تأثير على عمليات حزب الله، وقال "نحن نتحدّث عن ثلاثة آلاف جريح، فيما للحزب 50 ألف مقاتل". وشرح جابر أن المسؤولين السياسيين الكبار في الحزب لا يستخدمون أجهزة بايجر وبالتالي لم يتعرض أحد منهم لأذى في هذه الانفجارات. مع ذلك فإن نجل النائب في حزب الله علي عمار، قتل في الانفجارات، بينما أصيب كل من نجل النائب حسن فضل الله ونجل مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا. وقال المصدر الأمني إن مسؤولا بارزا في العمليات العسكرية في الجنوب أصيب بجروح في الانفجارات نفسها، فيما فقد الحزب الاتصال بعدد من مقاتليه على خط الجبهة الأمامية، انفجرت أيضا أجهزة الاتصال الخاصة بهم. ولاحظ المحللون أن هذه الخسائر من شأنها التأثير على إدارة عمليات حزب الله ضد اسرائيل. وقال هايكو فيمن "في كل حرب، تعد الاتصالات امرا حيويا. وإذا تمكن العدو من اختراق اتصالاتك، فإن ذلك يعني أنك في وضع صعب". وأوردت أمل سعد "في ما يتعلق بكيفية تأثير (الانفجارات) على قدرة حزب الله على خوض الحرب، من الواضح أن الأمر سيكون له أثر" يطاول "حسابات حزب الله العسكرية، اذ بات عليه أن يعيد النظر في نظام اتصالاته".