في أدبيات التحليل السياسي للعملية الانتخابية بالمغرب، دائماً ما ينظر إلى الانتخابات الجزئية على أنها لا تمثل المزاج العام للناخب المغربي، إلا أن انتخابات أمس الخميس بدائرة الحسيمة، كان لها طابع خاص، سيما أن رئيس الحكومة الأسبق والأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران، كان يراهن عليها لمعاقبة أحزاب الأغلبية الحكومية، وتدشين عودته للمشهد السياسي والحزبي ولو بانتصار صغير. رهان عبد الإله بنكيران لم يتحقق، إذ تلقى حزبه هزيمة كبيرة ومدوية أمام أحزاب الأغلبية الحكومية، بعدما ظفر مرشحوها بالمقاعد الثلاثة الأولى، إلى جانب مقعد رابع للمعارضة المتمثل في حزب الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والذي نال كاتبه الأول إدريس لشكر نصيبه من هجوم بنكيران على الجميع في لقاء مع مناضلي حزبه قبيل الانتخابات الجزئية. بنكيران الذي راهن على الانتخابات الجزئية بدائرة الحسيمة، وأصر على تحويلها لاستفتاء مصغر على مدى قبول المغاربة للتوليفة الحكومية الحالية (التجمع الوطني للأحرار، الأصالة والمعاصرة، الاستقلال)، والنتيجة أن المزاج العام مازال يراهن على نجاح تجربة الثلاثي الحكومي، ويصر على منحه المساحة والوقت الكافيين للعمل على تنزيل وتفعيل تعاقدها مع المغاربة إلى غاية نهاية ولايتها الحكومية. هزيمة "إخوان بنكيران" في الانتخابات الجزئية بدائرة الحسيمة، أعدمت كل محاولات أمينها العام لإحياء وبعث "المصباح" من رماده، بعد الهزيمة المدوية في محطة استحقاقات 8 شتنبر 2021، وتدحرجه من 125 مقعداً إلى 13 مقعداً فقط، وهبوطه المدوي من المرتبة الأولى إلى المرتبة الثامنة وطنياً في الانتخابات التشريعية الأخيرة. وقال بنكيران، في كلمة له خلال لقاء تواصلي بالحسيمة، الثلاثاء المنصرم، لدعم لائحة "المصباح" في الانتخابات الجزئية، إن "هذه الانتخابات، فرصة لساكنة الإقليم ليقولوا إن التصويت على هذه الحكومة وأغلبيتها كان خطأ"، إلا أنه يبدو أن كلمات بنكيران وخطبه الحماسية فقدت مفعولها كما كان في السابق. وتقاسمت أحزاب التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة والاستقلال والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المقاعد الأربعة المخصصة لدائرة الحسيمة برسم الانتخابات الجزئية التي جرت أمس الخميس، وذلك بعد فرز 100 في المائة من مكاتب التصويت. وتعتبر هذه النتائج مؤقتة وغير رسمية في انتظار الإعلان عن النتائج النهائية بعد انتهاء أشغال لجنة الإحصاء التي يترأسها رئيس المحكمة الابتدائية بالحسيمة. وحسب النتائج المؤقتة المعلن عنها، فقد تصدر حزب التجمع الوطني للأحرار نتائج الانتخابات، متبوعا بحزب الأصالة والمعاصرة، يليه حزب الاستقلال، فحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. وبذلك، حصل على المقاعد الأربعة لدائرة الحسيمة كل من بوطاهر البوطاهري عن حزب التجمع الوطني للأحرار، ومحمد الحموتي عن حزب الأصالة والمعاصرة، ونور الدين مضيان عن حزب الاستقلال، وعبد الحق أمغار عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. وتنافست سبع لوائح انتخابية على مستوى دائرة إقليمالحسيمة للظفر ب 4 مقاعد بمجلس النواب، تمثل أحزاب الاستقلال، والتجمع الوطني للأحرار، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والأصالة والمعاصرة، والعدالة والتنمية، والاتحاد الدستوري، والحركة الشعبية. وكانت المحكمة الدستورية قررت في 18 ماي 2022 إلغاء المقاعد الانتخابية الأربعة التي سبق أن فاز بها كل من نور الدين مضيان (حزب الاستقلال)، وبوطاهر البوطاهري (التجمع الوطني للأحرار)، ومحمد الحموتي (الأصالة والمعاصرة)، ومحمد الاعرج (الحركة الشعبية)، برسم الانتخابات التشريعية التي جرت في 8 شتنبر الماضي، وذلك عقب الطعن الذي تقدم به مرشح حزب الاتحاد الاشتراكي عبد الحق أمغار.