القى كل من إيمانويل ماكرون ومارين لوبن الجمعة بثقلهما في معركة الساعات الأخيرة من الحملة للدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية لخيار بين مشروعين ونظرتين إلى العالم مختلفتين كل الاختلاف. في ضوء آخر استطلاعات الرأي، فإن الرئيس المنتهية ولايته الذي يرجح فوزه بنسبة تراوح بين 55,5 و 57,5 %، يحظى بفرص كبيرة لتجديد ولايته الرئاسية لخمس سنوات. ويشيع هذا الأمر ارتياحا كبيرا للأوساط، في فرنسا كما في الخارج، التي تخشى وصول اليمين المتطرف إلى السلطة في دولة عظمى عالمية، عضو دائم العضوية في مجلس الأمن الدولي وتمتلك السلاح النووي، بعد المشاهد الشعبوية التي حدثت مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وانتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة في 2016. ودعا قادة ألمانيا وإسبانيا والبرتغال الخميس الناخبين الفرنسيين إلى اختيار الأحد "المرشح الديموقراطي" أمام منافسته، منددين بالروابط بين الشعبويين واليمين المتطرف الاوروبي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ويحاول الخصمان حشد ناخبي المرشح اليساري المتطرف جان لوك ميلانشون الذي جاء في المركز الثالث في 10 أبريل خلف لوبن مع حوالى 22% من الأصوات. وبالتالي، فإنهما سيسعيان الى تجنب المقاطعة التي ستحدد حسب الخبراء، مصير الاقتراع خلال العطلة المدرسية. وفقًا لمارتيال فوكو من مركز "سيفيبوف" لاستطلاعات الرأي "كلما زادت نسبة المقاطعة كلما تقلص الفارق في نوايا التصويت" ما يشكل "خطرا حقيقيا على إيمانويل ماكرون". طغت الأزمة الصحية ثم الحرب في أوكرانيا إلى حد كبير على الحملة لتأثيرها على القدرة الشرائية، الشغل الشاغل للفرنسيين، بسبب تداعيات النزاع على أسعار الطاقة والغذاء. ولجذب ناخبي ميلانشون، وعدت مارين لوبن بحماية "الفئات الأكثر ضعفا" في حين أجرى إيمانويل ماكرون تحولا إلى اليسار واعدا بجعل الملف البيئي الأولوية القصوى لسياسته. "دورة ثالثة" في يونيو؟ قبل تجمع انتخابي أخير بعد ظهر الجمعة في فيجاك بدائرة لوت (وسط) قال ماكرون صباح الجمعة لإذاعة فرانس إنتر إن مارين لوبن تمكنت من "التقدم المقنع" لكن "ركائز اليمين المتطرف" "لا تزال قائمة" في برنامجها. لوبن التي زارت سوق إيتابل (شمال)، انتقدت مشروع الرئيس المنتهية ولايته لإصلاح رواتب التقاعد، الذي يريد رفع سن التقاعد القانوني الى 64 أو 65 عاما، بينما تفضل الإبقاء عليه بين 60 إلى 62 عامًا. وأعلنت أن "الفرنسيين مع إيمانويل ماكرون سينالون المؤبد". كشفت المناظرة التلفزيونية مساء الأربعاء بين المرشحين الى الدورة الثانية عن خلافاتهما العميقة بشأن أوروبا والاقتصاد والقدرة الشرائية والعلاقات مع روسيا ورواتب التقاعد أو الهجرة. وبغض النظر عن الفائز، فإن الانتخابات التشريعية التي ستلي الانتخابات الرئاسية في حزيران/يونيو ستكون أشبه ب"دورة ثالثة". وستواجه مارين لوبان كما إيمانويل ماكرون صعوبة في تأمين أغلبية برلمانية. وأظهر جان لوك ميلانشون طموحه في أن يصبح رئيسًا للوزراء وبالتالي يفرض تعايشا، مراهناً على تصويت كبير لصالح نواب حزبه "فرنسا المتمردة". في المقابل، قد تحسم دورة ثالثة أخرى في الشارع، على نموذج الاحتجاج الشعبي ل "السترات الصفراء" في 2018-2019. ويدعم إيمانويل ماكرون بشكل خاص مشروع إصلاح رواتب التقاعد الذي لا يحظى بشعبية في صفوف الرأي العام. وإذا وصلت مارين لوبن إلى قصر الإليزيه، فمن المحتمل أن يتغير المشهد كليا اعتبارا من مساء الأحد مع الدخول في المجهول في اليوم التالي.