أكدت فرق الأغلبية بمجلس النواب أن مواجهة البطالة والعجز والتضخم في المغرب مرتبطة بشكل أساسي بتحفيز ودعم الاستثمار، محملة مسؤولية أزمة التشغيل في السنوات الأخيرة للحكومات السابقة. واعتبرت الأغلبية البرلمانية، في جلسة الأسئلة الشفهية الشهرية الموجهة إلى رئيس الحكومة حول "تحفيز الاستثمار ودينامية التشغيل"، يوم الإثنين، أنه "ليس هناك من حل للخروج من مخاطر البطالة والتضخم والعجز غير تشجيع وتحفيز ودعم الاستثمار". تحفيز الاستثمار لمواجهة البطالة أكد فريق التجمع الوطني للأحرار أن ملف الاستثمار هو قضية دولة وخيار استراتيجي مصيري بالنسبة للمغرب، مشيرا إلى أن مخرجات المجلس الوزاري تؤكد إرادة إعادة ابتكار الوظائف الاقتصادية والاستثمارية للدولة حتى لا يكون القطاع العام، على حد قوله، عبئا على ميزانية الدولة. وأوضح عضو فريق "الأحرار"، خليل الصديقي، أنه "ليس هناك من حل للخروج من مخاطر البطالة والتضخم والعجز غير تشجيع وتحفيز ودعم الاستثمار"، مضيفا: "واهم من يعتقد أن تدبير الصدمات والإكراهات وحالة عدم اليقين التي يعيشها العالم سيكون بمنطق التقشف الشعبوي كما كان يتم في السابق دون أن يسفر عن نتائج تخدم المواطن". وتابع: "من حسن حظ المغاربة أننا نتوفر على حكومة تراهن على الاستثمار العمومي والخاص للسيطرة على تداعيات الأزمة وتخلق القيمة المضافة. ففي غضون 30 شهرا فقط تم الوفاء بالالتزامات الحكومية في عدد من التعهدات المرتبطة بالاستثمار، على الرغم من الإكراهات الجيوسياسية والمالية، وواصلت الحكومة جهودها لحماية الطبقة الشغيلة". وشدد الصديقي على أن "الاستثمار في علاقته بالتشغيل يشكل واحدة من أولويات الحكومة منذ الأيام الأولى من عملها، حيث تم اعتماد الميثاق الوطني للاستثمار بعد سنوات من "البلوكاج"، وهو قانون ساعد على تزويد المستثمرين بأدوات تحفيز جديدة لخلق مناصب شغل مستقرة والحد من الفوارق المجالية". وانتقد النائب البرلماني ذاته تركة الحكومات السابقة في قطاع التشغيل ومهاجمة البعض للحكومة الحالية بشكل "شعبوي"، حيث نسوا، وفق تعبيره، أن "مشكلة البطالة قبل أن تتعقد هي نتيجة أخطاء تراكمية آتية من الماضي"، مؤكدا أن الحكومة الحالية لا تتهرب من مسؤوليتها في جعل مناصب التشغيل على رأس الأولويات خلال ما تبقى من الولاية الحكومية، خاصة أنها خلقت، على حد قوله، 588 ألف منصب وأن "من ينتقد الحكومة هو جزء من المشكلة الحالية". من جهته، ثمن مصطفى توتو، عضو فريق التجمع الوطني للأحرار، انخراط الحكومة في تنفيذ الرؤية الملكية للإقلاع الاقتصادي بخلفية اجتماعية، مشددا على أن التشغيل ومواجهة البطالة هي من أهم أولويات هذه الحكومة. بالمقابل، أوضح توتو أن دينامية التشغيل تواجه ثلاثة تحديات رئيسية، بداية بصعوبة إدماج الشباب والنساء وتحدي النمو البطيء في سوق الشغل، معتبرا أن هذه التحديات هي واقع موروث عملت الحكومة على مواجهتها بتوفير فرص الشغل للمغاربة في المجالين الحضري والقروي. وأضاف أن "فهم نجاحات الحكومة في تحفيز دينامية التشغيل لا يحتاج إلى الاستدلال عليه بالاقتصار على تحليله من منطلق تغيرات الأرقام فقط، ولكن تدعمه نتائج تحليل بنية التشغيل أيضا، والتي شهدت انتقالين كبيرين في هذه الولاية الحكومية، وفق تعبيره، عبر الانتقال التدريجي نحو قطاع الخدمات والذي سجل نسبة 48 في المئة من إجمالي مناصب الشغل، وانتقال في نسبة الوظائف التي عرفت ارتفاعا من 37 في المئة في عام 2012 إلى 49 في المئة في عام 2022. وشدد المتحدث ذاته على أن "حقل التشغيل في المغرب شهد في عهدكم تقدما ملحوظا نحو الهيكلة والنظامية، وتحسينا لنوعية مناصب الشغل، عبر إطلاق دينامية حقيقية للعمل المأجور، الذي يُعتبر أسمى هدف لتحسين العمل اللائق وضرورةً للدفع بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد، وطريقا نحو فرص عمل أكثر أمانا وجودة". تراكم ومجهود حكومي شدد رئيس فريق الأصالة والمعاصرة، أحمد التويزي، على أن الحكومة قامت بمجهود كبير لمواجهة نسب البطالة والمديونية المرتفعة والحد من تركة الحكومات السابقة في مجال المالية العمومية والعجز المالي. التوزيي أكد أن التشغيل مشكل يستأثر باهتمام جميع العائلات المغربية، وأن المغرب تأثر، وفق تعبيره، كسائر البلدان بجائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية والجفاف وغيرها من التحديات التي واجهت هذه الحكومة فور تعيينها. وذكر المتحدث ذاته أن "الحكومة وجدت فور تنصيبها نسبة 72.1 في المائة كمديونية و7 في المائة في العجز وتراجع في تصنيف المؤسسات المالية"، غير أن حكومة عزيز أخنوش عملت، على حد قوله، على "وقف المنحى الخطير للمالية العمومية حيث خفضت العجز إلى 4 في المائة". وبخصوص ارتفاع نسبة البطالة إلى 13.7 في المائة، شدد رئيس فريق الأصالة والمعاصرة على أن هذه النسبة هي نتيجة سياسات الحكومات السابقة ولعب فيها الجفاف دورا كبيرا، مؤكدا أن "الحكومة قامت بمجهود كبير حيث أعادت التوازنات المالية إلى مستويات جيدة ورفعت من تصنيف المغرب في المؤسسات الائتمانية، فضلا عن وضع الإطار التشريعي للاستثمار من قبيل الميثاق الوطني للاستثمار والمراكز الجهوية ومناخ الأعمال وإصلاح المؤسسات العمومية، كما سجلت الاستثمارات الأجنبية تحسنا ملحوظا هذه السنة ب17 في المائة عبر استعادة ثقة المستثمرين. كما استحضر التويزي المجهود الإصلاحي الذي تقوم به الحكومة، عبر "تسريع تنزيل مضامين الميثاق الجديد للاستثمار،وهنا نثمن إصدار النصوص التنظيمية لتطبيقه، وخاصةما يتعلق بالدعم الأساسي ونظام الدعم الخاص المطبق على مشاريع الاستثمارات ذات الطابع الاستراتيجي". وأشار المتحدث ذاته إلى أننا "تأخرنا في تفعيل نظام الدعم الخاص الموجه إلى المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، وأنتم تعلمون أهمية هذا النسيج المقاولاتي في التشغيل وخلق فرص الشغل، وكذا الانكباب على دعم المقاولات التي تواجه صعوبات والحد والتقليص من إفلاسها". ودعا التويزي إلى "الاجتهاد في تحقيق مقومات السيادة الوطنية، من خلال العمل على ضمان الأمن الطاقي والمائي والغذائي والعمل على الرفع من نجاعة ومردودية الاستثمار؛لأنه للأسف ظلت كل نقطة من نسبة النمو تخلق أقل من 21 ألف فرصة عمل ما بين 2010 و2019، بعد أن كانت تحدث ما يزيد عن30 ألف منصب شغل ما بين 2000 و2009". كما أكد ضرورة العمل على "التوزيع المجالي العادل والفعال للاستثمار وتعزيز وتسريع تنزيل الجهوية المتقدمة والسياسات اللاممركزةواللاتمركز الإداري، فضلا عن تشجيع التشغيل عن طريق الاستثمار في اقتصاد المعرفة والتكوين الدقيق والعالي في هذا المجال وتعزيز دور المرأة والمساواة بين الجنسين؛ لأننا لا زلنا نسجل ضعفا وانخفاضا في مساهمة المرأة في سوق الشغل، بالرغم من التقدم الحاصل على المستوى القانوني والتحسن الكبير في الولوج إلى التعليم خلال العقدين الماضيين". تفاقم أزمة التشغيل من جانبها، أكدت خولة الخرشي، عضو الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، أن "جل جهات المملكة تعاني من معضلة البطالة حيث تفاقمت نتيجة توالي الأزمات المحلية والدولية بما فيها أساس جائحة كورونا وتوالي سنوات الجفاف". وشدد الخرشي على أن "ارتفاع معدلات البطالة وفق تقارير المندوبية السامية للتخطيط لا يمكن إنكاره بالنظر للظروف المذكورة"، مشيرة إلى أن "جهة كلميم واد نون تشكل استثناء بامتياز فبالرغم مما تزخر من مؤهلات طبيعية وبشرية إلا أنها تعاني من أعلى معدلات البطالة على المستوى الوطني بواقع 31 ألف عاطل سنة 2023 وهو ما يعادل 22.8 في المائة أي ما يمثل 13 في المائة على الصعيد الوطني"، وفق تعبيرها. ودعت النائبة البرلمانية إلى خلق فرص الشغل بالمناطق النائية خصوصا الحدودية منها مثل جهة الشرق بتكون الفترة الثانية للحكومة فرصة لمواجهة شبح البطالة المخيم على جل الأسر خاصة حملة الشواهد العليا عبر خلق استثمارات قادرة على تحريك عجلة التنمية والمساهمة في الرقع من الناتج الداخلي الخام والرقي بمستوى المعيشي للأسر المغربية. من جانبه، أكد النائب البرلماني عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، هاشم أمين الشفيق، أن "ربح تحدي التشغيل يبقى رهينا بتحفيز الاستثمار المنتج الذي يساهم في خلق فرص شغل قارة ولائقة ومستدامة وحافظة لكرامة الشغيلة". كما شدد الشفيق على "الدور المحوري الذي يلعبه الاستثمار سواء العمومي أو الخاص في التنمية وخلق القيمة المضافة فضلا عن ضمان توزيع عادل ومنصف للاستثمار العمومي"، داعيا إلى "ضمان العدالة المجالية في توزيع هذا الاستثمار خاصة في الجهات الأقل تنمية".