قال المحامي محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، إن الفساد شبيه بالإرهاب لأن تداعياته على المجتمع مثل تداعيات الإرهاب، سواء من حيث تكلفته الاقتصادية والاجتماعية وآثاره على المجتمع ككل، محذرا من أن سيادة الفساد أمر خطير على الدولة والمجتمع. وسجل الغلوسي ضمن حلقة جديدة من برنامج "حوار في العمق" الذي يقدمه الزميل محمد لغروس، أن من أسباب تأخر التنمية في البلدان النامية وفشل كل النماذج، والبرامج الموجهة للتنمية هو سيادة الفساد، مشيرا إلى أنه في المغرب مثلا تكلف هذه الظاهرة 5 بالمائة من الناتج الداخلي الخام. وأضاف أن هناك أموال كبيرة تضيع في مجال الصفقات العمومية وفي مجال الرشوة، إضافة إلى فقدان الثقة في المؤسسات العمومية وفي الفاعل الرسمي والمرافق العمومية نتيجة سيادة الفساد والرشوة في هذه المرافق، مضيفا أن الفساد خطورته جسيمة وكبيرة وله تداعيات على كل المستويات. كما لفت الغلوسي، إلى أن الفساد تزامن في المغرب مع موضوع الديمقراطية لأنه في تاريخ المغرب، الصراع الذي كان قائما هو بين قطبين قطب يسعى إلى إقامة الديمقراطية ودولة الحق والقانون ودولة المؤسسات، وقطب آخر يوظف الفساد والريع كأسلوب لترويض النخب وإخضاعها وادماجها في هذا الحقل ككل. واستطرد: "الفساد هو ظاهرة بنيوية مركبة معقدة تحتاج الى تضافر العديد من الجهود والمؤسسات للقضاء عليها"، موضحا أن الفساد أصبح يشكل خطرا حتى على القوى التي كانت تشجعه وتدعمه. وأبرز رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، أن "بالفساد سيصبح موضوع الثقة والزبونية والامتيازات وما إلى ذلك في المجتمع وسيتحول الى ثقافة عامة، وعندما يتحول الفساد إلى ثقافة سائدة في المجتمع هنا يصبح خطورة على الدولة والمجتمع". كما أكد الغلوسي أن "هناك دراسات وتقارير أكدت بأن كل ما كان هناك حكم رشيد وسيادة القانون وكل ما تحدثنا عن سيادة المؤسسات كلما تراجعت مساحات الفساد الى الخلف، وكلما تمت مصادرة الديمقراطية ودولة المؤسسات والحريات يجد الفساد بيئة مناخ ليتمدد بشكل كبير". وانتقد المحامي المذكور، الانتقائية في التعامل مع قضايا الفساد، حتى في المتابعات، حيث يمكن لشخص مثلا أن يحكم داخل أجل سنة أو سنتين في حين أن آخرا يمكن ألا يصدر بحقه حكم قضائي إلى أن يموت كما وقع مع الرئيس السابق لجماع مراكش عمر الجزولي، ورئيس بلدية الهرهورة، وآخرون تولى القدر أمرهم، وفق تعبيره. في السياق ذاته، أشار إلى أن أغلب المتابعات اليوم أمام القضاء، في حالة سراح، وأغلب المتابعين رؤساء جماعات ومقاولين وبرلمانيين وموظفين صغار، مضيفا أن مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة لا يقبل التجزيء أو التقويض ولا يمكن الحديث عن دولة الحقوق القانون والحال أن المحاسبة تخضع للانتقائية. وواصل انتقاده للانتقائية في ملفات الفساد بالإشارة إلى أن وزارة الداخلية رؤساء جماعات لا يعزلون من مناصبهم بالرغم من الخروقات التي ارتكبوها، وآخرون تعرض قضيتهم على المحكمة الإدارية ويعزلون بشكل استعجالي. وزاد بالقول: "هناك رؤساء ديناصورات على مستوى الجهات البعض المنهم تحوم حولهم شبهات الثراء الفاحش التلاعب في الصفقات العمومية، لكن لا نرى الرأي العام والمجتمع لا يرى أي أثر لمحاسبة هؤلاء على مستوى الواقع سواء على المستوى الإداري كجزاء العزل أو على مستو الجنائي".