كشف تقرير المهمة الاستطلاعية المؤقتة للوقوف على شبكات توزيع وتسويق المنتجات الفلاحية ببلادنا، ضياعا مهولا للمنتوجات الفلاحية بين أسواق الجملة والأسواق الأسبوعية والمحلية. وتوقف التقرير الذي اطلعت "العمق" على مضمونه، عند إشكالية ضياع المنتوجات الفلاحية خاصة خلال مراحل النقل، والتي تصل إلى ما نسبته 20 و30 بالمائة من المنتوجات، مع تفاقم نسبة الضياع كلما تم نقل المنتوجات إلى أماكن بعيدة، في ظل ظروف تفتقر إلى شروط السلامة الصحية. وأشار التقرير الذي قدم ملخصه الثلاثاء، خلال اجتماع للجنة القطاعات الإنتاجية، بمجلس النواب، إلى وفرة في المنتوجات الفلاحية بحيث هناك عرض داخل الأسواق، ما يعني أن الإنتاج ليس في مشلك، بل المشكل يتعلق في التسويق، كما الأثمنة التي يبيع بها الفلاح تبقى زهيدة، غير أنه داخل أسواق الجملة ونصف الجملة تختلف الأثمنة وترتفع. وأبرزت اللجنة البرلمانية، أن موضوع التسويق يعرف اختلالات كبيرة والمتضرر الأكبر منها هو الفلاح، مؤكدة أن هناك حاجة ماسة أكثر إلى فتح ملف الوسطاء ومراقبتهم ومعرفة مداخيلهم التي أصبحت غير قابلة للتتبع والمراقبة، لأن الضرر في غياب المراقبة على هذا المستوى دائما ما يعاني منه الفلاح أولا والمستهلك. ونقل تقرير اللجنة، عن المديرة العامة للجماعات الترابية بوزارة الداخلية، مجموعة من الاختلالات التي تشوف تدبير أسواق الجملة للخصر والفواكه على الصعيد الوطني، من بينها عدم احترام تطبيق رسم 7 بالمائة على المبيعات بالجملة بالأسواق غير المهيكلة واقتصار دور الوكلاء في استخلاص الرسم المفروض على البيع بالجملة فقك، فضلا عن كثرة الوسطاء دون أي قيمة مضافة. في سياق متصل، أورد التقرير أن أعضاء المهمة الاستطلاعية خلال زيارته لسوق الجملة بالدار البيضاء، لاحظوا أن هناك فرق في ثمن المنتوج الواحد داخل السوق، كما أن هامش اختلاف الأثمنة يتغير باختلاف الأماكن داخل السوق، حيث وصل الفرق في الثمن إلى درهمين لنفس المنتوج، كما أن هناك فرق في أثمنة المنتوجات التي تباع على الشاحنات الموجودة داخل سوق الجملة والتي تباع على أرضية السوق إما في المحلات أو في أروقة السوق. وأضاف المصدر ذاته، أن من بين المنتجات التي أثار ثمنها تساؤل النواب هو منتوج "الجزر" الذي لاحظ أعضاء المهمة أنه يباع داخل سوق الجملة بثمن 1.5 درهم، وفي مكان آخر بنفس السوق بثمن 2.5 درهم، مع إشارة التجارة للنواب بأنه سيباع للمستهلك في نهاية المطاف بناء على ثمن البيع بالسوق ب4 دراه، كما أن منتوج "البدنجال" يباع بدرهم واحد في مكان داخل السوق، وفي آخر بنفس السوق، يباع بدرهم ونصف، وسيباع للمستهلك ب4 دراهم، نفس الشيء بالنسبة للبصل والفلفل. وأرجع مدير سوق الجملة وجود زيادة بحوالي درهمين في نفس المنتج، بأن الأمر يدخل في إطار تجارة نصف الجملة، سيما وأن طبيعة البيع والشراء في القانون الداخلي لسوق الجملة هي جملة وشبه جملة، كما أن طبيعة البيع والشراء دائما ما تتطلب التنوع ف يالمنتجات من أجل تحفيز التاجر على الشراء، وهو ما يقدمه تجار نصف الجملة إثر توفيرهم لمنتجات فلاحية بكمية محدودة. ووفقا للتقرير البرلماني، فإن ارتفاع أسعار الخضر والفواكه، بحسب رئيس غرفة الصناعة والتجارة بالدار البيضاء، راجع لتحكم الوسطاء في جل مراحل عملية تسويق وتوزيع المنتجات الفلاحية، وغياب المراقبة على تدخل هؤلاء الوسطاء في عملية التسويق والتوزيع، وكذا عدم قدرة القانون المنظم للتسويق داخل أسواق الجملة على استيعاب مستجدات السوق إلى أن تصل إلى المستهلك، وما يحدث في هذا المسار من تحول وارتفاع في الأسعار. كما أرجع سبب الغلاء، إلى الارتفاع الحاصل في ثمن الغاز، الأمر الذي يفرض على الفلاحين الذين يستعملون الغاز في رفع المياه من الآبار الذي ينضاف إلى مصاريف التكلفة على ثمن المنتوج، سيما وأن الماء لم يعد موجودا على عمق 50 مترا، كما كان الأمر في السنوات السابقة بل أضحى موجودا على عمق 100 و150 مترا. يشار إلى أن المهمة الاستطلاعية المؤقتة للوقوف على شبكات توزيع وتسويق المنتجات الفلاحية ببلادنا، التي يترأسها النائب البرلماني عادل الدفوف عن فريق الأصالة والمعاصرة، قد انطلقت في عملها في يوليوز 2022، بعد أن وافق مكتب مجلس النواب على تشكيلها بتاريخ 19 ماي 2022.