اعتبرت الناشطة الحقوقية في قضايا المرأة والباحثة السوسيولوجية، سمية نعمان جسوس، الحكم الابتدائي الذي ناله المغتصبون الثلاثة ل"طفلة تيفلت" ذات ال12 عشر سنة، حكما "شكليا"، وأن الطفلة ستعيش كامل حياتها بجرح غائر بسبب حملها. وتساءلت الناشطة سمية نعمان جسوس، في رسالة مفتوحة، وجهتها لوزير العدل، اطلعت جريدة "العمق" على نسخة منها، عن الأسباب وراء "عدم اعتبار القضاة عمليات الاغتصاب المتكررة على الطفلة دليلا على تكوين عصابة إجرامية منظمة وبالتالي تشديد العقوبة لأقصى حد؟". واستفسرت جسوس، وفق الرسالة المفتوحة: لماذا لم يتم الاحتكام للفصل 486 من القانون الجنائي المغربي الذي يقول إنه إذا تم اغتصاب قاصر دون سن 18، تكون العقوبة هي السجن لمدة 10 إلى 20 سنة؟ ولماذا تم تغييب المادة 488 التي تنص على أن الاغتصاب في حالة افتضاض البكارة تكون عقوبته السجن من 20 إلى 30 سنة؟. وقالت المتحدثة، إن كلّ معاني الوجع تتلخص في كون الطب الشرعي، حدد في التقرير الطبي للحمض النووي هوية الأب من بين المغتصبين الثلاثة. مردفة أنه "حوكم شكليا؛ بما أن الحكم سنتين فقط!، وسجن بتهمة اغتصاب الفتاة وحملها". مشيرة إلى أنه "لا يوجد قانون بالمغرب يلزمه بالاعتراف بالطفل، ولا أن يعطيه اسمه، ولا أن يرعاه أو يساهم في تربيته". كما تأسفت جسوس في رسالتها؛ كون الطفلة "ستعيش هذه حياة بأكملها بجرح غائر، ربما، لن يشفى، وسيكون عليها تربية طفل كلفها كل شيء، طفل قادم من رحلة اغتصابات متتالية قاسية". وأضافت أن الأخطر في الواقعة، أنه "سيتعين عليها مواجهة نظرة المجتمع، التي لا تتسامح دائما مع ضحايا الاغتصاب. أما الجنين، الضحية الثاني في الحكاية، وفق تعبير جسوس، "سيعتبر دائما إبنا "غير شرعي". وزير العدل يستنكر كشف وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، أنه صُعق لمضمون الحكم الصادر في حق المتهمين في ملف اغتصاب متكرر نتج عنه حمل لفتاة لا تتجاوز 12 سنة، بمنطقة الغزاونة ضواحي مدينة تيفلت، مشيرا إلى أنه عازم على تشديد أقصى العقوبات في جرائم اغتصاب الأطفال. وقال وهبي في تصريح صحفي لوسائل الإعلام، اليوم السبت، إن ملف طفلت لايزال أمام القضاء في درجة تقاض أعلى، معبرا عن ارتياحه لخطوة استئناف النيابة العامة للحكم حماية لحقوق الضحية وحسن تطبيق القانون. وأشار الوزير إلى اهتمامه وتتبعه كمسؤول حكومي لهذا الملف، من خلال تعيين مساعدتين اجتماعيتين من مصالح الوزارة لمواكبة الطفلة الضحية، في حدود مجالات اختصاصات المساعدات الاجتماعيات في هذا الملف الاجتماعي والقضائي والإنساني الهام، وفق تعبيره. وقال في هذا الصدد: "اغتصاب الطفلة الضحية الذي نزل كالصاعقة على نفوسنا، يسائلنا من جديد جميعا، كمسؤولين وكفاعلين وكمجتمع مدني، حول الجهود الضرورية التي يجب تعزيزها وإعمالها، تشريعيا وفكريا وتربويا وتحسيسيا، لحماية طفولتنا من الاغتصاب". وشدد على ضرورة الضرب بقوة على يد كل من سولت له نفسه العبث بالطفولة المغربية من جميع الجوانب، مضيفا: "عازمون تشريعيا عفي وزارة العدل، على تشديد أقصى العقوبات في مشروع القانون الجنائي الجديد، حماية للطفولة من جرائم الاغتصاب ومن تعاطيها للمخدرات وغيرها من الاعتداءات التي قد يتعرض لها أطفالنا". تنازل العائلة عن الشكاية وكانت مصادر خاصة قد كشفت لجريدة "العمق" عن معطيات مثيرة بخصوص الحكم بسنتين حبسا نافذا على 3 متهمين باغتصاب الطفلة "س.ش" التي لا يتجاوز عمرها 12 سنة بتيفلت، ما نتج عنه افتضاض بكرتها والحمل، وهو الحكم الذي أثار ضجة واسعة ومطالب لهيئات حقوقية بفتح تحقيق نزيه. وأفادت مصادر قريبة من الملف أن الضحية تنازلت عن شكايتها، بعدما تم الاتفاق على تزويجها للمتهم "ع.د" الذي تسبب في حملها، حيث رفع الأخير دعوى ثبوت النسب للإقرار بالأبوة بعدما أكدت الخبرة الجينية أن الولد الناجم عن الاعتداء الجنسي من صلبه. وأشارت مصادر "العمق" إلى أن المحكمة الابتدائية بالرباط سمحت للمتهم "ع.د" بإنجاز وثيقة عدلية (الإقرار بالبنوة) والتزام بالانفاق داخل المؤسسة السجنية "العرجات 2" في سلا. تفاصيل الواقعة المعطيات الخاصة التي حصلت عليها الجريدة، تشير إلى أن الطفلة الضحية صرحت أثناء الاستماع لها خلال البحث التمهيدي بأن المتهم "ع.د" البالغ من العمر 29 سنة، هو أول من اغتصبها وافتض بكرتها، بعدما غازلها ووعدها بالزواج، وأعاد الكرة في مناسبتين لكن من الخلف. كما صرحت كذلك بأن المتهم "ي.ز"، البالغ من العمر 21 سنة، مارس هو الآخر الجنس عليها في مناسبات عدة من الخلف ومن الأمام، بطلب من جارتها القاصر التي تدعى "م.ع"، لأنها هي الأخرى تمارس الجنس مع أخيها (أي شقيق الضحية)، حيث ظلت هي خارجا تراقب الطريق. أما المتهم "ك.ع" البالغ من العمر 36 سنة وهو متزوج، فبحسب المعطيات ذاتها، فقد مارس عليها الجنس وهو في حالة سكر، أثناء حضورها لعرس بمنزل عائلته، بعدما أدخلها بالقوة إلى غرفة نومه، واستسلمت لرغباته بعدما هددها بالقتل، قبل أن يعاود الكرة مرة أخرى. ووفقا للمعطيات ذاتها، فقد أكدت الضحية أن المتهمين كانوا يمارسون عليها الجنس رغما عنها وبالتناوب ويقومون بتهديدها بالقتل إن هي أفصحت لوالديها بالأمر، مضيفة أن الاعتداء الجنسي عليها تكرر لأربع مرات، وكانت القاصر "م.ع"، شاهدة على هذه الاعتداءات. تفاصيل الحكم وذكرت مصادر خاصة ل"العمق"، أن هيئة الحكم بعد الاستماع للضحية وللمصرحة "م.ع"، تكون لديها اقتناع بثبوت أفعال التغرير بقاصر بالتدليس وهتك عرضها بالعنف في حق المتهم "ي.ز" ، والمتهم "ك.ع"، كما أثبتت الخبرة الجينية أن الولد الناجم عن الاعتداء الجنسي هو ابن المتهم الثالث "ع.د" رغم إنكاره لممارسة الجنس على القاصر. ووفقا للمصادر ذاتها، فقد قررت هيئة الحكم منح المتهمين الثلاثة ظروف التخفيف نظرا للظروف الاجتماعية لكل واحد منهم خصوصا وأن المتهم الثاني متزوج ولديه أبناء، ولعدم سوابقهم القضائية، ولكون الجزاء المقرر قانون لما أدينوا به قاس بالنسبة لخطورة الأفعال المرتكبة، لذلك قررت النزول بالعقوبة المقررة قانونا عن حدها الأدنى مع تطبيق الفصل 147 من القانون الجنائي. كما أكدت، أن المحكمة تبين لها عدم سبقية الحكم على المتهمين الأول والثاني بأية عقوبة حبسية، وبالنظر لحداثة إجرام المتهمين وظروفهم الاجتماعية المبسوطة أثناء المحاكمة وخلو ملف النازلة من أية سوابق قضائية قررت جعل جزء من العقوبة المحكوم بها المتهمان المذكوران موقوفة التنفيذ. تبعا لذلك، قضت المحكمة بالحكم على المتهمين الأول والثاني بسنتين حبسا نافذا في حدود 18 شهرا، وموقوفا في الباقي، وتعويضا قدره 20 ألف درهم، وعلى الثالث بسنتين حبسا نافذا، وتعويضا قدره 30 ألف درهم.