مازالت قضية انبعاث روائح كريهة من محيط مطرح مديونة للنفايات المنزلية والمشابهة لها، يثير استفهامات حول مصدرها الحقيقي، في وقت برأ مجلس جماعة الدارالبيضاء المطرح، كما برأ رئيس جماعة المجاطية أولاد طالب، المصانع بجانب المطرح، والتي تقع بالنفوذ الترابي للجماعة، بينما تستمر مطالب البيضاويين في إيجاد حلول لهذه الروائح، التي تزداد حدتها ليلا، بغض النظر عن مصدرها. وفي هذا الصدد، أكد الباحث في علم النفايات، عبد العزيز مومن، على أن "الرائحة الكريهة لمطرح مديونة للنفايات المنزلية والمشابهة لها، تزداد حدتها، عند كل ارتفاع في درجات الحرارة وهبوب رياح الشرقي في اتجاه مدينة الدارالبيضاء". هذه الرائحة يقول مومن، "تشبه رائحة المطرح القديم بسيدي مومن، ومركز فرز النفايات بعكاشة، الذي أنجز في سبعينات القرن الماضي"، مشددا على أن "ما يزيد من حدة روائح مطرح مديونة الكريهة، تبخر عصارة النفايات "ليكسيفيا"، إضافة إلى انبعاث دخان الحرائق والرائحة المنبعثة من شبكة التطهير السائل بسبب الجفاف". وفي زيارة سابقة له كمستشار لنائب العمدة السابق المكلف بقطاع النظافة، يضيف الخبير في علم النفايات، أنه سبق وأكد على وجود رائحة كريهة منبعثة من المطرح، حيث سطر أسباب هذه الإشكالية، ولخصها في أن مجلس جماعة الدارالبيضاء، "لم ينجز المخطط الجماعي لتدبير النفايات المنزلية والمشابهة لها، لأن هذا المخطط هو ما سيمكن من معرفة دقيقة لنوعية النفايات وطرق تدبيرها، كالفرز من المنبع وغيرها، كما ينص على ذلك البند 16 من قانون النفايات 28.00". إضافة إلى أن مجلس الجماعة، "لم يقم باستخلاص إتاوة جمع النفايات كما ينص عليها قانون النفايات 28.00 حسب البند 23، حيث إن ضريبة النظافة حذفت، وتم تعويضها بالضريبة على الخدمات الجماعية (الكنس...)، وإتاوة جمع النفايات، كما لم ييتم تفعيل بند من قانون ميثاق البيئة والتمية المستدامة 99.12′′، حسب الخبير مومن. وقال مومن، إن "ملك البلاد قدم مشروعا نموذجيا لمركز فرز النفايات بسيدي البرنوصي في 2014، ووعدوه بأنه سيعمم على جميع عمالات الدارالبيضاء، وكذلك على صعيد المملكة، لكن لحد الآن لم نسمع عن خلق مراكز فرز مشابهة"، متسائلا عن السبب، "والآن قرر مجلس جماعة الدارالبيضاء إنجاز مشروع CEV يشبه نفس مشروع عكاشة السابق، وتوقف عن العمل بعد مدة قصيرة وتم تفكيكه وبيع تجهيزاته لأصحاب الخردة". وأشار المتحدث، إلى أن مجلس جهة الدارالبيضاءسطات الحالي، قام من جانبه، "بحذف مشروع وحدة لتثمين النفايات العضوية الذي برمجه المجلس السابق كمشروع نموذجي، نظرا لكون النفايات العضوية تشكل أكثر من %80 من مجموع النفايات المنزلية بالدارالبيضاء، علما أن هذا المشروع يستجيب لتوصية النموذج التنموي الجديد، الذي دعا إلى اعتماد الاقتصاد الدائري". ولم يقف الخبير عند تسطير الأسباب، بل قدم مجموعة من الحلول، على رأسها، اقتراح "خلق وكالة وطنية لتدبير النفايات على المدى المتوسط، كما توصي بذلك، الاستراتيجية الوطنية لتقليص وتثمين النفايات لسنة 2030′′، إلى جانب اقتراحه، "خلق شركة جهوية لتدبير التطهير السائل والصلب". وشدد مومن على أن هذا المقترح الأخير، "يعني ضرورة أن ترفع الوزارة الوصية يدها عن هذا القطاع"، أما "على المدى القصير"، فاقترح المتحدث ذاته "وضع غطاء على أحواض عصارة النفايات، علما أن هناك تقنيات عديدة في هذا السياق، وذلك للحيلولة دون تسرب مياه الأمطار إلى تلك الأحواض".