تخوض الدبلوماسية المغربية حربا دبلوماسية لا هوادة فيها، من أجل الحفاظ على الزخم الدولي المتتام الداعم للوحدة الترابية للمملكة وسيادتها على الصحراء، وذلك في مواجهة خصوم وحدتنا الترابية، وأساسا الجارة الجزائر، التي أربكها الاختراق الواسع الذي حققه المغرب في ملف الصحراء المغربية، وأشعرها لأول مرة ربما، بقرب موت مخططها التآمري لبتر الصحراء المغربية عن وطنها الأم، وانشاء كيان مصطنع مكانها موال لها، فانتفضت مذعورة كمن استيقظ على كابوس!، وراحت تلملم خيباتها وتعيد هيكلة وبرمجة دبلوماسيتها على هدف واحد ووحيد هو، الوقوف في وجه المد الدولي المتتام المكرس للحق المغربي في صحرائه، واضعة كل امكانياتها المالية والغازية في سبيل تحقيق هذا الهدف "القومي"، وإن اقتضى الامر تفقير الشعب الجزائري وتعطيل حقوقه في التنمية والديمقراطية بتعلة مواجهة "العدو"، فلا صوت يعلو على صوت المعركة! وفي هذا السياق، انخرطت الدبلوماسية الجزائرية في مسعى محموم بله مسموم لدى الدول التي بذلت الدبلوماسية المغربية جهودا ومساعي جبارة لإقناعها بعدالة الموقف المغربي، وأهمية التسوية السياسية التي يقترحها في اطار مبادرة الحكم الذاتي، التي ما تفتأ تحصد الاعتراف الدولي مذ قدمها المغرب الى المنتظم الدولي عام 2007، لكن الجزائر تحاول في سياق مسعاها ذاك، التأثير في هذا التوجه الدولي العام، من خلال التأثير على الدول المنخرطة في هذا التوجه، الساعي الى ايجاد تسوية سياسية في اطار المبادرة المغربية للحكم الذاتي، حيث تحاول الجزائر مقايضة مواقف هذه الدول، وحتى ابتزازها مقابل مصالح ورشى، من أجل التراجع عن مواقفها من قضية الصحراء المغربية، وتبني مواقف معادية للوحدة الترابية للمملكة، نكاية في المغرب، وامعانا في اغاظته وتعطيل مساعي التسوية! ولما كان مجال العلاقات الدولية مبني على المصالح، فإن الدول في الغالب تكيف مواقفها بحسب مصالحها، بغض النظر عن عدالة القضايا من عدمها، لذا تراهن الجزائر على توظيف ما بجعبتها من أوراق، وخاصة ورقة الغاز في سياق جيو سياسي متأزم من اجل ابتزاز مواقف الدول بخصوص الصحراء المغربية، وخاصة الدول الاوربية، بما فيها تلك التي أعلنت مواقف ايجابية من قضية الصحراء، ونخص بالذكر هنا، على سبيل المثال، اسبانيا، والمانيا، ناهيك عن الدول التي مازالت مترددة مثل فرنسا، التي تشكل حاليا ساحة ل "الحرب الدبلوماسية" بين البلدين من أجل كسب موقفها، ويمكن القول هنا، ان فرنسا باتت ساحة حاسمة ل "التطاحن الدبلوماسي" بين الجزائر والمغرب، وذلك بسبب أهمية الموقف الفرنسي في التأثير على مجريات النزاع على مستوى مجلس الأمن، ومن المؤكد ان فرنسا تدرك جيدا اهمية موقفها للبلدين، لذلك ربما ظلت تدخره لهذه اللحظة الحاسمة بغرض طرحه للمزايدة، تماما كما تفعل الغواني اللاتي يطرحن اجسادهن في سوق اللذة ويخترن في النهاية من يدفع اكثر! ولنتخيل حجم الإمكانات والفرص التي أهدرها ويهدرها البلدان، من اجل شراء أي نعم شراء المواقف وحشد الدعم، وخاصة الجزائر التي رهنت امكاناتها الاقتصادية في معاكسة الوحدة الترابية للمملكة، أما المغرب فقد وجد نفسه في وضع المضطر للدفاع عن سيادته ووحدة أراضيه، في مواجهة جار لم يراع في معاداته إلما ولا ذمة والعياذ بالله! لذلك لم يجد المغرب، مندوحة في توظيف كل أوراقه في "حرب" فرضت عليه فرضا، من أجل تثبيت عدالة قضيته في المجتمع الدولي، وحتى الآن، يمكن القول ان المغرب يكسب الموقف لصالحه، ليس فقط بفعل الاوراق التي يوظفها، وإنما أيضا بفضل الحل الذي يقترحه للنزاع.. لكن رغم ذلك مايزال يحتاج الى خوض معارك دبلوماسية ممضة في المحافل الاقليمية والدولية، بموازة، الحرص على العمل مع الحكومات والدول المؤيدة للموقف المغربي لضمان ثباتها في مواجهة دبلوماسية جزائرية متربصة وماكرة، لا تتورع في مقايضة مواقف الدول، كما حصل مؤخرا مع تونس، ومع دول أخرى..