مقدمة متواضعة ان تسييس الدين الاسلامي هي ظاهرة قديمة ارتبطت بنشوء ما يصطلح بنظام الخلافة الاسلامية منذ عهد بني امية بالتحديد لاننا لن نخوض في التفاصيل التاريخية تفاديا للاحكام الجاهزة من طرف تيارات الاسلام السياسي ببلادنا من قبيل التكفير او الاخراج من الملة الاسلامية او القتل في اسوء الحالات. ان نشوء هذا النظام السياسي الاسبدادي هو اجتهاد بشري صرف لا علاقة له بالاسلام كقيم عليا كالاحسان و الرحمة و المساواة بين المسلمين على اساس لا فرق بين العربي و العجمي الا بالتقوى و التعايش السلمي مع اصحاب الديانات السماوية الخ من قيم الاسلام العليا و المتجاوزة لكل الازمنة و الامكنة حيث لن يستطيع اي احد ان يقول مثلا ان الرحمة قد تجاوزها الزمان او المكان و نفس الشيء بالنسبة للمساواة بين المسلمين او التعايش السلمي مع اصحاب الديانات السماوية الخ.. ان هذه الخلافة المسماة بالاسلامية زورا و بهتانا لم تجسد هذه القيم العليا بل جسدت قيم الجاهلية العربية قبل الاسلام كما اسميها كالغزو تحت ذريعة نشر الاسلام و تعاليمه المباركة في بلدان خارج شبه الجزيرة العربية . و كالعنصرية من خلال تفضيل العنصري العربي على العناصر المسلمة الاخرى على مستوى السلطة الرمزية و السلطة السياسية من خلال نموذج الدولة الاموية الذي يقدس العروبة كايديولوجية عرقية بدون ادنى شك . و كسبي النساء و البنات او بمعنى ادق اغتصابهن حسب المفهوم المعاصر حيث ان السبي هو عادة جاهلية لدى عرب الجزيرة اي وطئ النساء و البنات في وقت الحروب القبائلية.. لكن الاسلام قد وضع تشريعات تدعو الى تحرير العبيد و الاماء شيئا فشيئا في تلك المجتمعات الاحادية في السلوك لكن توقف كل شيء عند نشوء الخلافة الاموية حيث رجعت الجاهلية العربية من جديد لكن بثياب الاسلام اي رجعت استعباد المراة و عرضها عارية في اسواق النخاسة في عز النهار امام الجميع او في قصور الخلافة كجواري حيث كان من حق الخليفة ان يمارس الجنس مع 1000 جارية بدون اي عقد للزواج المقدس بشكل علاني اي ان الكل كان يعرف ان خليفة المسلمين كان يمتلك عددا من الجواري اي العاشقات حسب المفهوم المعاصر لكن فقهاء تيار الاسلام السياسي لا يستطيعون قول هذه الحقائق المخجلة لعامة المسلمين في المساجد او في قنواتهم الفضائية و العابرة للقارات . اذن ان الاسلام له قيم عليا و له كذلك قيم سفلى جاءت بعد قرون من نظام الخلافة الاسلامية الاستبدادي اي زواج مقدس بين التاويل السلفي للاسلام العظيم و السياسة كفن الممكن . الى صلب الموضوع ان المغرب هو بلد امازيغي اسلامي اي ان الامازيغية هي الاصل التاريخي و الهوياتي للمغرب كما يقوله الخطاب الرسمي للدولة الان ثم ياتي الاسلام كدين لاغلبية المغاربة منذ 14 قرن قد خلت من الحضارة و من التاريخ و من الثقافة الخ من هذه العناصر المشتركة بين الامازيغية و الاسلام حسب تصوري المتواضع . غير ان المغرب بعد سنة 1956 قد قرر محو اية علاقة بين الامازيغية و الاسلام على كافة المستويات و الاصعدة استجابة لادبيات الحركة الوطنية الدينية و السياسية و استجابة لرياح القومية العربية مع صعود نجم الراحل جمال عبد الناصر في محيطنا الاقليمي . لكن بعد هزيمة سنة 1967 تراجع خطاب القومية العربية شيئا فشيئا ليحل مكانه خطاب الاسلام هو الحل بدعم صريح من السعودية انذاك ….. ان سؤال هل المغرب يحتاج الى حزب اسلامي فعلا يحمل في طياته الكثير من التفاصيل و المداخل حيث ان ما يسمى بالصحوة الاسلامية قد دخلت الى المغرب في منتصف السبعينات بمعنى انها دخيلة على المغرب و على تدينه السمح اي ليس لها اي امتداد تاريخي او اجتماعي داخل الذات المغربية الاصيلة حيث قلت في احد مقالاتي يقول الاستاذ عبد الوهاب رفيقي في شهادة قيمة للغاية ان الراحل الحسن الثاني قد سمح بدخول اعضاء بارزين من جماعة الاخوان المسلمين الى المغرب منذ اوائل الستينات مما يفسر ظاهرة انشاء التنظيمات السلفية السرية في اواسط السبعينات من قبيل الشبيبة الاسلامية. لقد كانت هذه التنظيمات السرية تكفر النظام القائم بالمغرب باعتباره لم يطبق شريعة الاسلام و تكفر الديمقراطية و الاحزاب السياسية الخ من هذه المقدسات الوهابية الاصيلة و المشتركة بين جماعة الاخوان المسلمين و النظام السعودي وقتها على الاقل بمعنى ان السلفيين المغاربة ان صح التعبير كانوا ينظرون الى السعودية كنموذج سامي لتطبيق الاسلام الى حدود الامس القريب اي ان الاخوان المسلمين دخلوا الى المغرب منذ اوائل الستينات هروبا من بطش نظام جمال عبد الناصر و بغية خلق مناخ ديني دخيل ليرسخ التعريب الهوياتي كما كان يريده الراحل الحسن الثاني انذاك . طبعا عندما خرجت تنظيمات الاسلام السياسي من نطاق السرية الى نطاق العلن ابتداء من سنة 1981 وجدت واقع ملائم للغاية بالنسبة لها حيث كانت الامازيغية بشموليتها من الممنوعات الكبرى بسبب فكر الحركة الوطنية الطاغي و المشجع للسلفية الرسمية و دخول الوهابية الى المغرب سنة 1979 رسميا باوامر عليا قصد تقوية ايديولوجية الظهير البربري و محو الذاكرة الامازيغية من فقهاء اهل سوس نهائيا شيئا فشيئا حسب رايي المتواضع بعد قبول بحث المرحوم امحمد العثماني الشهير الواح جزولة و التشريع الاسلامي في منتصف سبعينات القرن الماضي بدار الحديث الحسنية… و هكذا استطاعت تيارات الاسلام السياسي الانتشار في مجتمعنا المغربي شيئا فشيئا منذ سنة 1981 مستغلة ضعف الامازيغية بشموليتها انذاك و خصوصا بعدها الديني او بعبارة اخرى الاسلام الامازيغي كما نسميه داخل الحركة الامازيغية الان. لقد كانت تعمل هذه التيارات في المجال الدعوي لتربية المغاربة على صحيح الدين الاسلامي وفق ايديولوجية جماعة الاخوان المسلمين و ايديولوجية الوهابية معا و هذا يحدث طبعا تحت انظار المخزن الذي كان يريد القضاء على المعارضة اليسارية و على البوادر الاولى للحركة الثقافية الامازيغية بالتاويل السلفي للاسلام بشكل قوي مع تشجيع التغريب بشكل قوي كذلك من خلال تاسيس القناة الثانية سنة 1989 و تشجيع برامج الموسيقى الغربية في القناة الاولى الرسمية في اوائل التسعينات حسب ما اتذكره كطفل صغير لا يتجاوز 8 سنوات انذاك في مدينة الدارالبيضاء . و مرت الايام و الشهور و السنوات حتى وقعت احداث 16 ماي 2003 الارهابية بمدينة الدارالبيضاء حيث لاول مرة يحدث مثل هذه الاحداث الارهابية و الحاملة لبصمات الاخوان المسلمين و الوهابية معا بدون ادنى شك بسبب تغييب الامازيغية بشموليتها منذ الاستقلال الى هذا التاريخ الاسود و بسبب فتح ابواب المغرب امام هذه التيارات الاجنبية لتاطير المجتمع بفتاوى شيخ الاسلام ابن تيمية التكفيرية و افكار سيد قطب التكفيرية كذلك…. اذن ان حاجة المغرب الى حزب اسلامي تقليدي اي بمرجعية جماعة الاخوان المسلمين او بمرجعية الوهابية هي حاجة لا فائدة منها على الاطلاق على مختلف المستويات و الاصعدة لاننا نتوفر على هذا الحزب بهذا الشكل اي حزب العدالة و التنمية بمرجعيته الرافضة لكل ما هو امازيغي منذ سنة 1996 الى سنة 2001 علما ان هذه الامازيغية الحقيرة في ادهان اغلب رموز التيار الاسلامي قد ساهمت في نشر الاسلام و تعاليمه في اكبر وقعة جغرافية اي شمال افريقيا و جنوب الصحراء الافريقية و اسبانيا الحالية. قد يقول البعض لي يمكن تاسيس حزب اسلامي حديث ببلادنا و اقول لهم انني ارحب بتاسيس هذا الحزب الاسلامي الحديث بشكل مطلق لان تاريخنا الاجتماعي هو مليء بعناصر التحديث و فصل السلط و الديمقراطية المحلية الخ ……….. ان اوروبا مثلا تتوفر على احزاب مسيحية تؤمن بالقيم الكونية و المشتركة بين جميع امم العالم من قبيل العدل و الحريات و حقوق الانسان بشكل نسبي . ان المغرب ينتمي الى الامة الاسلامية لكن يمكنه ان يكون بلد ديمقراطي و علماني بمفهومنا الاصيل باستلهام قيم اجدادنا الجميلة و العقلانية لكن عيب تيارات الاسلام السياسي الراهنة بالمغرب هي انها تحتقر تاريخ المغرب الاجتماعي و تمجد الى حد التقديس تاريخ الخلافة الاسلامية حيث هنا تظهر مشكلتي العميقة مع هذه التيارات المسماة بالاسلامية اي انها ترفض ان تنطلق من ذاتنا المغربية الاسلامية بصريح العبارة و هذا يعرقل مسار التحديث و مسار الديمقراطية ببلادنا للاسف الشديد….