يعرف جاك فيستلي برنارد بادي القرار السياسي: "إنه اختيار واع اتخذه الفاعل فردا أو مجموعة من بين الاختيارات التي تعرض أمامه بشكل علني بهدف حل مشكلة ظهرت ." وحسب التعريف السابق يتضح أن المغرب بفضل حنكته السياسية و الدبلوماسية ، استطاع أن يتخذ قرارا هاما في الوقت المناسب بتدخله العسكري لحل أزمة معبر الكركرات ، لاسيما أن جبهة الانفصاليين لم تعد قادرة على استيعاب الخطوات الهامة التي يقوم بها على المستويين الداخلي والخارجي نتج عنها سحب لبساط المشروعية عن كيانها الوهمي من قبل أزيد من 85% من دول العالم الأعضاء في الأممالمتحدة ، وهذا ما أكده صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله في خطاب ذكرى المسيرة الخضراء الأخير حيث قال :"وبالموازاة مع ذلك، ترفض الأغلبية الساحقة من المجتمع الدولي، الانسياق وراء نزوعات الأطراف الأخرى. فقد بلغ عدد الدول، التي لا تعترف بالكيان الوهمي 163 دولة، أي 85% من الدول الأعضاء في منظمة الأممالمتحدة. وقد تعزز هذا التوجه باعتماد القوى الدولية الكبرى لمواقف بناءة، ومنها إبرام شراكات استراتيجية واقتصادية، تشمل دون تحفظ أو استثناء، الأقاليم الجنوبية للمملكة، كجزء لا يتجزأ من التراب المغربي." وعليه فإن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة لماذا اتخذ المغرب قراراه السياسي السيادي بتأمين المنطقة العازلة عبر معبر الكركرات ،بعدما حاول الانفصاليون في محاولة يائسة منهم السيطرة عليها لأزيد من ثلاث أسابيع؟ لقد حاول الانفصاليون ممارسة ضغط على مجلس الأمن قبل اصداراه لقرار التمديد لبعثة الأممالمتحدة " المينورسو" في متم أكتوبر الماضي ، لاسيما بعد أن خاض المغرب انتصارات دبلوماسية ،نتج عنها إقرار العديد من دول العالم بجدية خطة الحكم الذاتي المغربية واعتبرتها جادة وذات مصداقية وواقعية ، وتمثل مقاربة محتملة واحدة لتلبية تطلعات ساكنة الصحراء لإدارة شؤونهم الخاصة بسلام وكرامة في ظل السيادة المغربية ،كما بادرت العديد من الدول الافريقية على فتح تمثيلياتها الدبلوماسية بالأقاليم الجنوبية بعد النجاح الباهر الذي حققه المغرب في استرجاع مكانته الخاصة داخل منظمة الاتحاد الافريقي. بعد صدور القرار" 2548 " من طرف مجلس الأمن ، رحبت المملكة المغربية بالقرار الأممي- على لسان السيد عمر هلال الممثل الدائم للمغرب لدى الأممالمتحدة، الذي كشف أن المفاوضات بشأن هذا القرار رقم "2548" كانت شاقة- في حين عبرت جبهة البوليساريو، في بيان لها صدر عقب القرار الأممي، عن رفضها الضمني له وقالت إنها ستصعد من " الكفاح التحريري" أمام تقاعس الأممالمتحدة عن ضمان تنفيذ ولاية بعثة الأممالمتحدة للاستفتاء . لقد التزم المغرب بكثير من ضبط النفس لمدة تزيد عن ثلاث أسابيع ، مارس فيها الانفصاليون لكل الأعمال التخريبية كقطاع الطرق على طول المنطقة العازلة ، على مرأى ومسمع من بعثة المينورسو، في تحدي صارخ لاتفاق وقف اطلاق النار المبرم سنة 1991 ، محاولين تعطيل المصالح الاقتصادية للعديد من الدول سواء الأوروبية أو الافريقية، باعتبار معبر الكركرات شريان لنقل البضائع والأشخاص بين ضفتي المحيط الأطلسي والأبيض المتوسط ، واحراج المنتظم الدولي حتى يدعن لاستفزازاتهم ويرفض الحل الواقعي الذي تقدم به المغرب ، ويختار الحل الذي تتمسك به جبهة البوليساريو ومن ورائهم " الدولة العرابة " ، ألا وهو إجراء الاستفتاء الذي أصبح حلا متجاوزا ولا يساير المتغيرات على الأرض بتاتا. المغرب بادر- كدولة تتمتع بكامل سيادتها على ترابها لا يسمح بتعطيل مصالحه الاقتصادية وكذا مصالح شركائه الاقتصاديين – بالتدخل لوقف هذا العبث الذي يجر منطقة ذات بعد استراتيجي هام إلى مسار يهدد السلم والأمن بها ، وهو بذلك يؤكد رفضه التفاوض مع كيان لا يحترم الشرعة الدولية، ولا تعدو تصرفاته إلا أن تكون مثل تلك التي تقوم بها عصابات قطاع الطرق لا غير، كما يؤكد من خلال إقامته للجدار الأمني العازل أنه لن يسمح مستقبلا لهذه العصابات اليائسة أن تعيد الكرة كما فعلتها سابقا في فبراير 2017 ثم أكتوبر2020 ، كما أن المغاربة أكدوا إلتفافهم حول قضيتم الوطنية و جعلوا من الترافع المنبري حول مغربية الصحراء غاية لتفنيد مزاعم الانفصاليين، ولعل ما تشهده الأقاليم الجنوبية من إقلاع تنموي واقتصادي و إنساني خير برهان على أن أقاليم الصحراء المغربية ، تتمتع كسائر أقاليم المملكة بالنهضة التنموية الشاملة التي تحقق الرفاه والعيش الكريم لكل المواطنين على حد السواء في ظل ثوابت المملكة المغربية .